اليمن بين درامتي خارطة الطريق والبحر الأحمر بانتظار الدراما الثالثة

 

 

✍️ عبدالقادر الجنيد
***

نحن نعيش هذه الأيام وننتظر بتوجس الدراما الثالثة.

أذهلتنا السعودية بدراما “خارطة الطريق” في اكتوبر ٢.٢٣

ثم أذهلتنا إيران بدراما “البحر الأحمر” في نوفمبر ٢.٢٣

ثم أذهلت أمريكا كلا من السعودية وإيران بتوقيف “دراما خارطة الطريق” بسبب “دراما البحر الأحمر”.

ولن ينتهي مفعول الدراماتين الإثنتين إلا مجيئ دراما ثالثة أشد صعقا وإذهالا من السابقتين.

**
أولا: دراما خارطة الطريق السعودية
**

١- السعودية تصالح الحوثي بخارطة طريق
*
انتهت مفاوضات سرية بين الحوثي والسعودية بخارطة طريق اتفقوا عليها في الرياض بتاريخ ١٠ اكتوبر ٢٠٢٣ وكان مخططا لها أن تجبر عليها الشرعية في أوائل يناير ٢٠٢٤.

٢- أمريكا، باركت الخارطة وكان الرئيس بايدن قد تفاخر بفضله وأنه هو الذي أنهى حرب اليمن.

أنا شخصيا، شعرت بالحزن من هذه الدراما المفجعة.
هذا وحده كان من أكبر التغيرات الدرامية.
لا دراما أكبر من تصالح السعودية مع الحوثي على حساب الشرعية التي كانت هي من اخترعتها وأشرفت على ميلادها وخدمتها في مجلس الأمن وتعاونت مع أمريكا لتربيتها.

أكبر دراما، هي أن تقوم السعودية بتسمين الحوثي وربربته بخارطة طريق على حساب الشرعية التي هي وليدتها وتسكن عندها في الرياض.

**
ثانيا: دراما البحر الأحمر الإيرانية
**

إذا كانت دراما خارطة الطريق من صنع السعودية، فإن دراما البحر الأحمر هي من صنع إيران.

أمريكا، لم تتحمل قصف الحوثيين للسفن في البحر الأحمر تأييدا للفلسطينيين في حرب غزة فقامت بقصف الحوثيين في كل مكان تطلق منه الصواريخ والمسيرات الإيرانية / الحوثية داخل اليمن.

وأمرت أمريكا القيادة السعودية بإلغاء حفل توقيع خارطة الطريق.

قررت أمريكا أنه لا يمكن تسمين الحوثي وربربته بينما هو يطلق الصواريخ على السفن حتى ولو كان لم يستطع أن يتحمل ما يحدث في فلسطين.

٣- اليمن تنتظر دراما تبلع الدراماتين
*
والآن لا تدري السعودية ولا أمريكا ولا إيران ولا الحوثي أي شيئ عما سيحدث في المرحلة القادمة.
وهل سيحتاجون كلهم إلى إنتاج دراما جديدة.

والشرعية تنتظر بهلع ماذا سيقع بها.

**
ثالثا: الشرعية في وضع بائس
**

١- الشرعية اليمنية، تعرف أن السعودية لن تدعمها عسكريا كما كانت تفعل.

٢- الشرعية اليمنية، تعرف أن السعودية بالكاد توافق على دعم سنوي للميزانية (أكثر من 1.2 مليار دولار) والذي بدونه لا تستطيع الشرعية اليمنية أن تستمر على قيد الحياة.

٣- الشرعية اليمنية، معها رئيس وسبعة أعضاء مجلس رئاسة لا يتفقون وأربعة منهم يعملون تحت إمرة دولة الإمارات.

٤- الشرعية اليمنية، قد جمد الحوثي إيراداتها بقدرته على ضرب تصدير غاز ونفط مارب وقدرته على عمل نفس الشيئ في شبوة وحضرموت.

**
رابعا: الحوثي في وضع بائس
**

أمريكا، قطعت المساعدات الدولية عن الحوثيين

١- برنامج الغذاء العالمي قد أوقف فعلا عمله.
٢- أبلغ المانحون الحوثيين بوقف المساعدات في ٢٠٢٥.

٣- كل الإنفاق الحكومي والخدمات للمناطق الحوثية هي من المساعدات الخارجية التي سوف تتوقف.

٤- كل العاملين المحليين هم من أتباع الحوثيين.

٥- جزء كبير من المعونات تذهب لأعوان الحوثيين ولأسر الضحايا الذين حاربوا مع الحوثي.

٦- جزء كبير من المساعدات يذهب للمجهود الحربي الحوثي والقطط السمان الحوثية.

٧- جزء كبير من علامات الاستقرار وانعدام التوتر الإجتماعي في المناطق الحوثية سببه تدوير وصرف أكثر من مليار دولار سنويا من المنظمات والمساعدات داخلها.

٩- الحوثيون معهم غاز ونفط مجاني من إيران يصل ميناء الحديدة ويبيعونه للشعب اليمني ويتعبشون من هذا الدخل ويصرفونه على المجهود الحربي.
ومعهم جمارك وضرائب.
ومعهم جمع التبرعات الإجبارية بالغصب من الناس.

١٠- لكن الإزدهار وحركة السوق والإستقرار الإجتماعي والخدمات الصحية والمستشفيات وإصلاح الطرقات إنما يتم بمشاريع البنك الدولي واليونيسيف واليونسكو وبرنامج الغذاء العالمي.

٨- الحوثيون، منزعجون للغاية وهم يشاهدون أركان استقرارهم تنهار من تحت أقدامهم.

٩- الحوثيون، قد يحاولون الضغط على السعودية لتمويلهم، وهم فعلا يهددونها إعلاميا إذا لم تعد لمخطط تسمينهم وربربتهم بخارطة الطريق.

لكن هل السعودية ساذجة، ليضحك عليها الحوثيون؟
أو المملكة ضعيفة، ليخيفها الحوثيون؟

**
خامسا: دراما وراء الستار
**

عوامل كثيرة تتفاعل وتفور وتغلي وراء الستار.

١- أمريكا
*
الغالب، هو أن أمريكا لن تسمح بتسمين وربربة الحوثي بعد دراما البحر الأحمر.
ولكن أمريكا تريد أن تجمد حرب اليمن أو تنهيها.
ولا تريد أمريكا أي صراع مع إيران.

٢- السعودية
*
الغالب، هو أن السعودية تريد أن تؤمن نفسها وتترك الآخرين لمصيرهم ولقضاء الله.
والسعودية لا يمكن أن تدعم الشرعية اليمنية بدون حماية مضمونة ضد تدخلات إيران.
ويمكن أن تتحرج السعودية من التحالف مع اسرائيل.

٣- دراما أمريكية
*
يقوم كلا من سوليفان بلينكن بزيارات محمومة خاطفة بين ولي العهد السعودي بن سلمان ورئيس وزراء اسرائيل نتانياهو لمحاولة التوصل لإتفاق ثلاثي.

٢- اسرائيل تتمنع
*
ناتنياهو، ضد الإتفاق لأنه يريد السعودية فقط ولا يريد دولة فلسطينية
السعودية لن تعقد سلاما مع اسرائيل بدون دولة فلسطينية.
بايدن يريد إنهاء صراعات اسرائيل.
بايدن يريد حلف اسرائيلي- سعودي- خليجي- أمريكي ضد إيران.

٣- تلميح سعودي خفي لأمريكا
*
السعودية تريد إتفاق ثنائي مع أمريكا كحل بديل.
وقد اكتملت تفاصيل الإتفاق الثنائي السعودي / الأمريكي:

أمريكا تقدم:
حماية أمريكية ضد إيران- مشروع نووي- بيع سلاح
السعودية تقدم:
تجارة ضخمة- سعر نفط جيد- تنقيص التعاون مع الصين- بيع بترول بالدولار للصين.

٤- تصاريف الأقدار
*

تشاء تقلبات الظروف وأحكام الدهر والزمان أن يكون مصير الشرعية والوحدة في اليمن مرهون بحلف ثلاثي بين اسرائيل وأمريكا والسعودية للتصدي لإيران.

وهي الدراما الثالثة- إذا ظهرت- ستقلب اليمن رأسا على عقب.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى