الرأس مالية وتسليع المقدس
* عبدالله الأحمدي
افتى الاعور الدجال الوهابي عبد العزيز آل الشيخ مفتي مملكة بني سعود بتحليل الزنا والخمور في المملكة، وراى تخصيص السواحل لذلك.
واضاف : ( اذا كان تطور البلاد وتقدمها يتوقف على ترك بعض احكام الشريعة واباحة المحرم فلا باس.. )
هذه الفتوى تأتي ضمن تسليع الدين الذي تعمل عليه الراسمالية وتوابعها في دول الاطراف، ترويجا لمنتجاتها، ولزيادة ارباحها. وما هؤلاء الذين يصدرون الفتاوى سوى خدم عند التاجر الراسمالي صاحب المصنع. وكلما احتاج لهم حركهم لتنفيذ مهام لخدمة العملية الاقتصادية؛ والترويج والدعاية؛ مثل اباحة الزنا والخمور والربا، والتأمين على الحياة من الاخطار والموت وغيرها من الفتاوى التي تخدم الراسمالي.
كان التاجر الراسمالي الغربي في بداية حركة الفتوح الاستعمارية يحمل بضاعته على المركب، وبجانبها المدفع، ويمضي بمباركة القس الذي يبشر بالقيم الراسمالية، فاتحا شعوب العالم، وباسم الرب. يعني كانت الراسمالية تعمل على تسليع الدين لخدمة الاحتكارات.
الراسمالي لا يعرف اي قيمة غير الربح، وليس له من اله، أو دين، أو وطن غير المال، وكل شيئ عنده سلعة قابلة للبيع والشراء؛ الانسان والاوطان والمقدسات. يلتقي الراسمالي مع المتأسلم في انكار الوطن والوطنية، فالراسمالي وطنه المال، والمتأسلم وطنه الدين كما يقول.
صنعت الراسمالية ما اسمتها العولمة، وهي طور في تطور الراسمالية المعولمة، كسرت فيها الحدود، وألغت القوميات، وكسرت مفهوم السيادة الوطنية والاستقلال، وطمست الهويات والخصوصيات الثقافية للشعوب في سبيل رواج السلع، وتمددت باذرعها الاقتصادية والعسكرية وبالفضاء المفتوح فوق آمال الناس. وباداتها العسكرية حلف الناتو غزت الشعوب، وصادرت حرياتها، واستولت على ثرواتها، وباداتها الاقتصادية منظمة التجارة العالمية الغت الرسوم والتعريفات الجمركية، وبالبنك وصندوق النقد الدوليين سيطرت على المال في العالم. عندما يبني الراسمالي كنيسة، او مسجد فهو يبني متجرا للترويج لبضاعته، ولقيم الربح، وتحليل الربا، والمحرمات.
مثلا بعض التجار في بلادنا يتقدم لبناء مسجد، ثم يشترط على ذلك باعفائه من رسوم مواد البناء، فيقوم باستيراد ما لايحصى، ولا يعد من المواد بدون رسوم، وبالاخير يكون قد، ربح الملايين من وراء بناء المسجد، اضافة الى الربح المعنوي في السمعة، كاطلاق اسمه على المسجد، ليخلد قيم الاستغلال.
الراسمالية ابدعت في تسليع الدين والدنيا وحولت رجال الدين الى جنود لديها لاصدار الفتاوى التي تروج للتسليع.
تلتفت الى التلفاز تشاهد رجل دين يعض المرأة على لبس العباءة والبرقع، والزي والحجاب الاسلامي، ووراء ذلك يختبئ تاجر يكون قد انشأ مشروعا لبيع هذه اللوازم. تفتح النت او الواتس تجد اعلانات عن نغمات، او فتاوى لهذا الشيخ، او ذاك. وعلى امتداد الاسواق والمواسم الدينية ستجد شركات تنتج، وتبيع الايقونات، وصور الاماكن المقدسة، وهي بالتالي سلع دينينة، لكنها مربحة للتاجر.
ويبدو ان التسليع وصل الى مستوى التسول، فالمتسول لن يمنحك دعواته الا مقابل شيئ من المال.
والدرويش لن يقرأ لك اوراده، ولن يمنحك تمائمه الا بالمال. والحال كذلك بالنسبة للكاهن والفقية، وغاسل الاموات، فلن يوبن الميت ولن يقرأ عليه الصلوات ولن يكفنه، ولن يصلي عليه الا بالمال.
واكبر التسليع هي شركات الحج والعمرة والتي تبيع وتتاجر بفريضة الحج والعمرة، ولن تستطيع اداء الفريضة الا بالدفع لهذه الشركات، والالتزام بتعاليمها، وقد اباحت لها السلطة السعودية ذلك.
واكبر سلعة تتاجر بها الامبريالية والدول الرجعية هي الطائفية التي انتجها الاستبداد.
ومن هذه السلعة انتجت الامبريالية الامريكية وبتمويل من دول النفط انتجت القاعدة وداعش التي تذبح الاسلام، وتقتل المسلمين لمصلحة الراسمالية، لافساح المجال للمنتجات الراسمالية، والتوسع الامبريالي والمشاريع الاستعمارية.
وللتاريخ فان تسليع الدين ليس جديدا، لكن المسألة برزت بوضوح في بداية السبعينيات عندما ظهر ما يسمى بالاسلام السياسي.
لقد استطاعت الراسمالية وحلفاؤه نقل الدين من من دور العبادة وهي وظيفتة الرئيسة الى دور التجارة. ولم تترك الراسمالية بابا الا وطرقته من اجل مراكمة ارباحها، ففي كل عام تنزل علينا كميات مهولة من الكتب الدينية المحورة تغزو عقول البسطاء، وتوزع مجانا. هذا الكم من المطبوعات كلها ذات محتوى يروج للتجارة والربح.