الجحملية 2 !!

 

✍️ شوقي اليوسفي

لاتستطيع ان تكون من تعز ولاتعرف تفاصيل حارة الجحملية او يكون لك فيها أهل او اصدقاء ، حارتي التي اتباهى بكوني واحد من ابنائها ، دمرتها الحرب ودفعت بكثير من الاسر العريقة لمغادرتها ، تركنا بيوتنا واجمل ايام عمرنا على امل ان نعود ذات يوم ، نجّمع الأهل والأصحاب من جديد ، نعفو عن بعض بقلوب نقية ثم نعّمر ماتدمر ونحافظ بقدر الإمكان على هوية حارة كانت الى ماقبل الحرب بتماسك شبابها – مفتولة العضلات – ثم صارت غريبة حتى على اهلها .

الجحملية ليست التي تشاهدونها في مسلسل التفاهات – ليالي الجحملية – على قناة يمن شباب ، هي حارة مختلفة وكل من تعلق قلبه بها يدرك قيمة العطاء والبذل ليس في المال فقط وانما في التضحيات والحب والشهامة والرجولة ، لم يكن كل الجحملاويين انبياء لكنهم لم يكونوا بالسؤ الذي عرضه مسلسل يتحدث عن الحارة بمنتهى الابتذال ، لقد حرص وسيم القرشي وفهد القرني واخرين ان يظهروا صور علي عبدالله صالح معلقة على جدار قسم الشرطة وفي المقاهي يريدون ان يربطوا افعال البلطجة بالرئيس السابق بقالب فني خبيث ، قولوا لطاقم يمن شباب ، كانت الجحملية على مدى التاريخ أصل البدايات واجمل النهايات ، خليط من الم وامل ، كان لدينا صالة اعراس وعزاء وسط الحارة ، من كان يريد ان يرى الجحملية على حقيقتها عليه ان يحضر مناسبة واحدة ويسأل الحضور واحدا واحدا عن اسمه ولقبه ومدى ارتباطه بالحارة ، هذا من عمران واخر من صعدة وذاك من المحويت واخر من حجة واب ومأرب والجوف وابين وشبوة وعدن ولحج والمهرة وصنعاء وذمار ، كان لدينا أسر تركية وأسر لها ارتباطها بالتاريخ القديم ، خليط من كل المحافظات لم يأتوا للزيارة وانما ولدوا وترعرعوا وكبروا في ذات الحي ، تربطهم اواصر اخوة ومحبة وعمرنا ما سألنا عن قرية او بلاد فلان او علان ، كنا نعرف على سبيل المثال وليس الحصر ان بيت السراجي والشامي والمؤيد والوشلي وشرف الدين والكوكباني والمساوى والحدي والشلالي والمرتضى والقصوص والسنفي والارياني والبعداني والحرازي والعديني والروحاني والجهراني وغيرهم مئات العائلات هم أصل الجحملية ، معظمهم لم يغادروا الحارة ، كانوا يتركون ابواب منازلهم مفتوحة ، آمنيين ومطمئنيين ، تزوجوا وانجبوا ودرسوا وماتوا ودفنوا في مقبرة الجحملية .. كان لدينا حارة عظيمة ثم وفي غمضة عين تشتت الأهل والأصحاب ، كل ذهب الى اتجاه وخسرت الجحملية في الحرب الكثير من ابنائها لكنها لم تخسر حتى اللحظة الأمل في استعادة الهوية والنسيج الاجتماعي ، لم تخسر نكهة قهوة مخسوة ولا اسبيشل محمد صغير ، سنعود ذات يوم بإذن الله نحب بعضنا اكثر مما كنا ، نؤدي صلاة التراحم في جامع العرضي ونستمع بقلوب صاغية لصوت العقل ، الحمدلله حتى اللحظة لم يفتنا القطار وسنروي للاجيال من بعدنا كيف كانت حارة الجحملية على قلب رجل واحد وانها ليست كما روى عنها القرني والقرشي ، سوف نوصي الابناء والاحفاد على مزيد من التآخي والتعاضد منطلقين في ذلك على تاريخ حافل بالمواقف المشرفة والله المستعان .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى