حرب إسرائيل على غزة ولبنان- خطة ترامب لوقف إطلاق النار نهاية مرحلة وبداية اخرى

 

أ د / دحان النجار

كما أُشير من قبل بأن منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية والعالم ما بعد السابع من اكتوبر ٢٠٢٣ غير ما قبله وانه اي السابع من اكتوبر لم يكن سوى حصيلة لتراكمات اكثر من قرن من الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي وليس طوفانا عابرا حدث بالصدفة بل نتج عن احتقان سياسي سببه الاحتلال وتسبب في تسونامي عسكري في الاقليم وسياسي واخلاقي شمل العالم أجمع.

مشاريع القضاء على الحلم الفلسطيني في قيام دولة على اراضي ٦٧ المحتلة منزوعة السلاح تعيش بسلام جنبا إلى جنب مع اسرائيل اصبحت سياسة رسمية اسرائيلية معلنة تتبناها الأحزاب والحركات المتشددة وتنال دعما شعبيا واسعا، فقطاع غزة في حالة حصار شامل وبانتظار ما يُطبخ له في مطابخ اليمين الاسرائيلي المتطرف، والضفة الغربية يلتهمها الاستيطان المتسارع وتزداد هجمات المستوطنين المسلحين على المدنيين الفلسطينيين العزل بقصد دفعهم الى التخلي عن ارضهم والرحيل منها ، والاعتداء على المقدسات الاسلامية واهمها المسجد الأقصى يتكرر بشكل دائم ومهين ، وما تبقى من اجهزة السلطة الفلسطينية في مناطق ( ا) لا تعدو ان تكون شكلا من أشكال الترتيبات الامنية المكملة لمهمة الاحتلال ولا ترقى حتى إلى مستوى ادارة ذاتية للكانتونات في اطار السيادة الاسرائيلية.
هناك العديد من المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية وترتيبات الاوضاع في المنطقة التي تعكس ميزان القوى العسكري والسياسي الاستراتيجي المختل لصالح إسرائيل والتي لن يكون محتواها لصالح الفلسطينيين والعرب كما يريدون كنتيجة طبيعية لهذا الخلل في التوازن وان كانت تحمل بعض المسميات الاستسلامية مثل الاتفاقيات الإبراهيمية ومشروع الشرق الأوسط الجديد .
كنا قد اشرنا في مقالة سابقة الى معادلات السلام التي ترفعها اسرائيل امام العرب والتي بدات بمعادلة” السلام مقابل الاعتراف” عند قيامها ١٩٤٨م، وتدحرجت إلى معادلة “السلام مقابل الارض” بعد حرب ١٩٦٧م ، ومن ثم “السلام مقابل السلام” في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرون إلى ان وصلنا إلى المعادلة الجديدة الحالية التي وضعها نتنياهو بعد تدميره لقطاع غزة وسقوط النظام السوري وهزيمة حزب الله في لبنان وضرب ايران واليمن وهي معادلة “السلام مقابل عدم التدمير” ومضمونها ترتيبات شرق اوسطية جديد بقيادة اسرائيلية متفوقة ومنتصرة بقوة الحديد والنار وليس باختيار شعوب المنطقة.
لا يختلف اثنان حول التفوق العسكري الإسرائيلي المدعوم غربيا بكل عناصر القوة من سلاح ومال ودبلوماسية حتى أنّ اسرائيل الدولة المحمية عالميا من قواعد القانون الدولي الإنساني الذي بموجبه تمت ادانتها من قبل محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية قد تمادت في التحدي لهذه المؤسسات وأفلتت قيادتها من العقاب برعاية غربية وبالأخص أمريكية حتى ان محكمتي العدل والجنايات الدولية تعرضتا للعقوبات هي ومدعيها وقضاتها من قبل الادارة الأمريكية -القيادة القطبية المنفردة للعالم- والتي كان يؤمل منها ان تكون نصيرا للقانون الدولي الإنساني عند خرقه من قبل إسرائيل أسوة بما قامت به من فرض اجرءات عقابية بل والتدخل عسكريا تجاه الحالات المشابهة في البوسنة والهرسك ورواندا وغيرها.
اسرائيل صالت وجالت في المنطقة دون رادع مكافىء محمية بالأساطيل ومنظومات الدفاع الجوي والبحري الغربية ومزودة باكثر الأسلحة والذخائر الحديثة فتكا وضربت عرض الحائط كل الأعراف القانونية والإنسانية الدولية معتمدة أسلوب القوة والإخضاع والإملاء على جيرانها والمجتمع الدولي حتى ان مجلس الامن الدولي وبرعاية أمريكية لم يستطيع تمرير قرار واحد من اجل وقف الحرب في غزة و يدين أعمال الابادة الجماعية للمدنيين وتجويعهم في القطاع مع ان الولايات المتحدة الأمريكية كان لها السبق في ادانة الأعمال المشابهة في البوسنة والهرسك ورواندا بل وتدخلت عسكريا من اجل حماية المدنيين هناك في رسالة إنسانية محمودة تتناسب واحترام حقوق الانسان التي تضمنتها مبادىء السياسة الخارجية الأمريكية لأكثر من قرن من الزمن.
التماهي مع السياسة الاسرائيلية في غزة تجاوز حالة الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي الى مرحلة الدعوة لإفراغ القطاع من سكانه وتحويله إلى ” ريفيرا الشرق الأوسط” وتصفية القضية الفلسطينية لولا اعتراض الدول العربية المجاورة وبالذات مصر والسعودية والأردن وصمود سكان القطاع الذين تمسكوا بتراب وطنهم برغم التنكيل والإبادة والتجويع والتخويف والإغراء وتمكنوا من تعطيل الترحيل على الأقل الى اللحظة الراهنة.
حرب اسرائيل على غزة ولبنان وسوريا وايران واليمن أظهرت حجم القوة والتفوق الاسرائيلي عسكريا مما زاد من غطرست نتنياهو وكبريائه الأمر الذي جعله يتصرف باستخفاف حتى بحق الولايات المتحدة الأمريكية نفسها الداعم والضامن الرئيسي لأمن إسرائيل وتفوقها في المنطقة وهو الأمر الذي اغضب الرئيس ترامب والبعض في الدوائر السياسية الأمريكية بل وأغضب قطاع واسع من الرأي العام الأمريكي الذي بداء يقاوم- كما يعبّرالبعض -الانبطاح الرسمي الأمريكي امام نتنياهو واسرائيل وتعريض المصالح والقيم الإنسانية الأمريكية للخطر على المديين القريب والبعيد، لكن هناك قطاعات واسعة في الولايات المتحدة في اوساط المحافظين واصحاب رؤوس الاموال الكبيرة والإعلاميين المؤيدين لإسرائيل يرون ان نتنياهو حقق انجازا كبيرا في اضعاف التطرف الإسلامي في المنطقة وهو ما يتناسب مع الاهداف الاستراتيجية الأمريكية، بل ويخدم المصالح الأمريكية المتطابقة مع المصالح الاسرائيلية اقتصاديا وسياسيا وعقائديا كما يعتقدون وان ثنائي ترامب نتنياهو حقق انجازا استراتيجيا تاريخيا غير مسبوقا يجب الحفاظ عليه وتعزيزه.
اعلان نتنياهو عن تغيير وجه الشرق الأوسط بواسطة القوة يعتبر امتدادًا لدعوات الشرق الاوسط الجديد الذي نادت به وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق كونداليزا رايس اثناء الحرب الاسرائيلية على لبنان صيف ٢٠٠٦م وهي بمثابة خطة تم وضعها في نهاية القرن العشرين ومستهل القرن الحالي واخذت طريقها إلى التنفيذ.
وفي الوقت الذي ظهرت فيه اسرائيل قوة تدميرية في المنطقة لا منافس لها إلا انها ايضا تعرضت لحالات اضعاف استراتيجية داخليا واقليميا ودوليا خلال حربها على قطاع غزة والإقليم حيث برزت على السطح معطيات جديدة ، داخليا كانت كل أراضيها تحت مرمى النيران ولم تستطيع منظومات الدفاع الجوي المتطورة التي بنتها وشكلت أسطورة عالمية بالاضافة إلى المنظومات العالمية الأمريكية والفرنسية والبريطانية التي هرعت لحماية اجوائها لم تستطيع منع تساقط الصواريخ والمسيرات الإيرانية واللبنانية واليمنية والفلسطينية عليها بشكل تام ، حيث عاش سكانها في حالة حرب حقيقية لم يعتادوها من قبل الأمر الذي هز ثقتهم بدولتهم وقوتها وتفوقها وبداء الكثير منهم يفكر بالرحيل، اما من كان يفكر بالهجرة اليها فلا اعتقد انهم سوف يستمرون في نفس الوتيرة بعد كل ما حصل ،أن تصمد غزة لأكثر من سنتين مقابل القوة الاسرائيلية التدميرية الغير مسبوقة في تاريخ المنطقة فقد عرت حقيقة نظام الاحتلال عالميا والحقت به خسارة معنوية واخلاقية عميقة وهي الخسارة الاستراتيجية الكبرى لإسرائيل التي لم تتوقعها ولم تستطيع تحملها وان كابرت قيادتها واطلقت التهديدات واستمرت في الضرب يمينا وشمالا شرقا وغربا فان الحقيقة تظل ثابتة – اسرائيل انكشفت ولن تعود الى ماكانت عليه من تلقي التعاطف والدعم الدولي جماهيريا ورسميا.
اقليميا اصبحت إسرائيل اقل امنا من الماضي رغم تفوقها العسكري وتسجيل اهداف في لبنان وسوريا من خلال الحاق اضرارا كبيرة في البلدين وضرب ايران واليمن إلا ان ايران صمدت ولم يسقط نظامها ويستعيد انفاسه واليمن لازال في استعداد ومصر تقاوم الضغوط بشدة وكان لها النصيب الأكبر في منع التهجير والترحيل من غزة، والسعودية كثفت من حركتها على المستوى الدولي من اجل حل الدولتين ولم تستسلم للضغوطات الأمريكية بالانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية دون مقابل ودولة قطر الوسيط بين الطرف الإسرائيلي والطرف الفلسطيني الى جانب مصر والولايات المتحدة لم تسلم من الاهانة الاسرائيلية في عقر دارها الامر الذي شكل ردة فعل لدى قيادتها تجاه خطورة الوضع ومؤشر سلبي على التمادي الاسرائيلي في المنطقة بغض النظر عن مواقف الأنظمة السياسية المعتدلة تجاهها لأنها تريد فرض استسلام وليس سلام ، بالرغم من التفوق الاستراتيجي الاسرائيلي في المنطقة وفرض قواعد جديدة للحرب والسلام حسب ارادتها إلا ان ذلك يسبب احتقان جماهيري مناهض يزيد من المخاطر الامنية عليها وعلى الأنظمة المنخرطة في التطبيع قد يتفجر في اي لحظة.
اما عالميا فقد بدأت الصحوة الإنسانية المناهضة للسلوك الاسرائيلي القائم على أعمال الابادة والتدمير والتجويع بحجة الدفاع عن النفس بالنهوض مع انها اي إسرائيل قوة احتلال بحكم القانون الدولي والنضال من اجل انهاء الاحتلال يكفله هذا القانون ، وهنا نستطيع القول بان القيم الانسانية شعبيا انتصرت بدرجة رئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية حيثما تجد اسرائيل الدعم الشامل والتغطية السياسية والدبلوماسية على انتهاكها لقواعد القانون الدولي ناهيك عن الصحوة في بقية مناطق العالم ، هذه الصحوة التي اجبرت حكوماتها على التعاطي مع القضية الفلسطينية كقضية شعب تحت الاحتلال ولابد من حل جذري للصراع العربي الإسرائيلي على اساس حل الدولتين الذي يجب ان يسبقه وقف الأعمال الحربية والتجويع والترحيل في قطاع غزة.
والكثير من الدول المتماهية مع اسرائيل تحت ضغط شعوبها اقدمت على الاعتراف نظريا بدولة فلسطين على اساس حل الدولتين الذي لن يتحقق دون تحديد موعدا نهائيا لقيام الدولة الفلسطينية و القيام باجراءات عملية عقابية على اسرائيل كي تقبل وتنفذ هذا الحل، وكما يبدو ان هذه الدول بموقفها هذا الغير مكتمل ارادت انقاذ اسرائيل اولا من المأزق الاخلاقي والسياسي الذي تعيشه حاليا بعد انكشافها عالميا واخماد او فرملة صعود الرأي العام المناهض لها في هذه الدول نتيجة لاعمالها الحربية المفرطة بغزة، وهناك دول اخرى اقل تاثيراً على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تفاعلت مع المشكلة بشكل جدي بل وطالبت بعقوبات فعلية ضد اسرائيل من اجل ان تذعن للقانون الانساني الدولي وتوقف أعمال الابادة والتجويع في غزة والقبول بحل الدولتين ومن ضمن هذه الدول إسبانيا وايرلندى وكولومبيا وجنوب افريقيا وكرواتيا، الحرب في غزة اعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الاقليمية والدولية.
خسارة اسرائيل على مستوى الرأي العام العالمي تمثل احد اهم نتائج الحرب الحالية في غزة بالذات وكل المحاولات لانقاذها يتوقف نجاحها على التقاط إسرائيل للفرصة وعدم ضياعها من خلال وقف الحرب على غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية الكافية وقبول حل الدولتين إن ارادت ترميم صورتها امام المجتمع الدولي، واستمرارية الضغط الشعبي والرسمي العالمي عليها يمثل أحد عوامل التوازن في نتائج الحرب الحالية وفرض بعض الحلول لصالح الفلسطينيين اياً كان محتواها.
خطة الرئيس ترامب في غزة هي أحد نتائج الحرب وما تسببت به من نهوض للرأي العام الدولي والداخلي المناهض لها في الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا،هذا النهوض قاد الى تغيير بعض السياسيين الأمريكيين لبعض مواقفهم المتشددة مع اسرائيل بما فيهم الرئيس ترامب نفسه الذي صرح مؤخرا بان إسرائيل كسبت الحرب داخليا لكنها خسرتها خارجيا اي ان العالم بمعظمه والرأي العام الغربي بالذات الذي كان الداعم لإسرائيل بدون حدود بداء يتجه ضدها بعد ان شاهد ما حل في غزة واهلها من اعمال تدمير وإبادة وتجويع تقشعر لها الابدان.
غزة غيرت الرأي العام العالمي وأوجدت وعيا جديدا تخطاها الى تصحيح المفاهيم السياسية التقليدية المؤيدة لإسرائيل في الغرب خصوصا وفي جميع أنحاء العالم عموما ، صحيح ان الغزيون دفعوا الثمن في ارواحهم وممتلكاتهم وهو ثمن مكلف جدا سوف تبقى اثارة لعشرات السنين في معيشتهم وصحتهم النفسية والجسدية لكن ما حصل من صحوة ضمير عالمية شكل خطوة مهمة على طريق الحل الحقيقي للقضية الفلسطينية وفضح سياسة المعايير المزدوجة لدى اللاعبين الكبار عالميا وعرّض مؤسسات حماية القانون الإنساني الدولي المتمثلة بالأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة ومحكمة العدل ومحكمة الجنايات الدولية للإحراج فإما ان تمارس وضائفها بشكل متوازن وصادق ولو بحده الادنى او تسقط اخلاقيا ويصبح وجودها كما عدمه، واكيد ان هذه المؤسسات اختارت الحفاظ على هويتها وأدائها الوظيفي والمهني الذي تأسست من اجله عدى مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة بسبب الفيتو الأمريكي المتكرر لصالح اسرائيل.
تاثير حرب غزة على الوضع الفلسطيني والإقليمي والدولي لم يتجلى بعد بشكل تام وما نراه ونلمسه ونحسه اليوم هو فقط البداية ولابد أن تحدث ارتدادات عديدة في المستقبل القريب تعكس بوضوح اكبر الفرق ما بين عالم ما قبل السابع من اكتوبر ٢٠٢٣ والعالم ما بعده، لكن لا يجب التوقع بأن اسرائيل قد ضعفت وانها سوف تتجاوب مع الحلول المنصفة بسهولة، الحقيقة انها عسكريا خرجت منتصرة من حرب غزة ولبنان والإقليم وسوف تستمر في التعامل مع جيرانها ومع الفلسطينيين بواسطة العصاء الغليظة وسوف تستغل تفوقها العسكري من اجل ترتيبات اقليمية تناسب توجهها التوسعي وسوف تستمر في تغيير وضع الضفة الغربية بواسطة الاستيطان والحملات الامنية والمليشاوية للمستوطنين حتى وان وجد حلا لها مع الطرف الفلسطيني تكون معالمها الديمغرافية والجغرافية غير قابلة لقيام سلطة فلسطينية حقيقية، ومن اجل حلول منصفة يظل الرهان قائم على التغيير في الرأي العام الداخلي الإسرائيلي لصالح حل الدولتين بالتزامن مع الضغط العالمي ، والطفرات في التاريخ امرا متوقعا.
خطة ترامب لوقف اطلاق النار في غزة المكونة من ٢٠ نقطة تواجه العديد من الصعوبات واولها عدم التزام اسرائيل بالوقف الفعلي لإطلاق النار والانسحاب الكامل من القطاع وآلية ادارته في الفترة الانتقالية وتجريد حماس من السلاح واعادة الإعمار ، معظم النقاط لا زالت تحت التوضيح والتنقيح والتطوير ولا تشمل الخطة بنقاطها العشرين تعبيرا واضحا عن حل الدولتين الامر الذي يترك ضبابية على المشهد الفلسطيني مستقبلا، وبالرغم من موقف الرئيس ترامب الرافض لضم الضفة الغربية إلا انه لم يتخذ اي اجراءات ملموسة لوقف الاستيطان المتسارع ووقف هجمات المستوطنين المتطرفين ضد المدنيين الفلسطينيين وفرض حل الدولتين في فترة زمنية معينة والدخول في عملية سلام اقليمية شاملة متزامنة ، إلا انه ليس من المستبعد ان يعلن تأييده لحل الدولتين في سياق تنفيذ الخطة، ومن الواضح ان مواقفه تتغير ايجابياً بشكل تدريجي بما ينسجم مع التغيير في الرأي العام الأمريكي.
كل الاحتمالات قائمة بما فيها عودة السيطرة الاسرائيلية العسكرية على قطاع غزة في حال فشل الترتيبات الحالية لقيام ادارة مدنية دولية مؤقتة، وكذلك من المحتمل ان يتم تحويل القطاع إلى منطقة اقتصادية مزدهرة تحت المظلة الأمريكية وتدار من قبل ادارة دولية انتقالية توصلها إلى هذا الوضع، ومن المحتمل اعادة طرح حل الدولتين بشكل اكثر جدية تحت ضغط بعض دول الاقليم الرافضة للتطبيع المجاني مع إسرائيل وعلى راسها المملكة العربية السعودية وكذلك تحت ضغط الرأي العام العالمي .
وكما اشرنا في مقالات سابقة محتوى الحلول يفرضه ميزان القوى على الارض والميزان الحالي يميل لصالح اسرائيل عسكريا لكن الوضع الاسرائيلي الداخلي مرشح للتغيير ايضا وعند وصول قيادة جديدة إلى السلطة من خارج دائرة قوى التشدد الديني قد يقود الى التعجيل بحل الدولتين بأي صيغة مقبولة والتطبيع الاقليمي الشامل.
خطة الرئيس ترامب لوقف اطلاق النار في غزة بكل بنودها تعتبر فاتحة لمرحلة جديدة من مراحل الحرب على القطاع والإقليم وفصل جديد من فصول محاولات انهاء الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي المزمن ننتظر تحقيقها وبداية المرحلة التي تتلوها لاننا نخشى ان يكون مصيرها مصير سابقاتها من مدريد إلى أوسلو والى كامب ديفيد ان لم ينجزها الرئيس ترامب خلال فترة رئاسته الحالية.
د/ دحان النجار ميشجان ٨ نوفمبر ٢٠٢٥م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى