رداً على تصعيد البحر الأحمر.. هل توجه أمريكا ضربة عسكرية للحوثيين؟

عين اليمن الحر- الخليج اونلاين

ماذا يحتاج أي تحرُّك أحادي من قبل واشنطن ضد إيران؟

موافقة الكونغرس.

ماذا تفضل الولايات المتحدة؟

التوصل إلى اتفاقات سياسية على اللجوء إلى استخدام القوة.

يوماً بعد آخر تصبح هجمات الحوثي في البحر الأحمر ضد السفن الذاهبة إلى “إسرائيل”، مشكلة عالمية، وتصبح معها الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة معادلة صراع جديد ومحاذير أكثر خشية من توسعه وخروجه عن السيطرة.

ومنذ بدء الحوثيين بتنفيذ هجماتهم ضد السفن الإسرائيلية، أو تلك التي تعبر باب المندب نحو موانئ “إسرائيل”، لم تُراوح واشنطن مربع التصريحات والتحذيرات، لكنها مع تزايد تلك الهجمات قررت تجاوز ذلك المربع.

ووفقاً لصحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، فإن كبار المسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن يدرسون خيارات الرد على الحوثيين، ومن بينها إمكانية تنفيذ عمل عسكري ضد الجماعة، فهل من الممكن أن تُقدِم واشنطن المتوجّسة من توسع الصراع على مثل هذه الخطوة؟

تغيير الحسابات
ومنذ بدء هجمات الحوثي، في 19 نوفمبر الماضي، ترددت الإدارة الأمريكية في التعامل عسكرياً معها، خوفاً من استفزاز إيران، وفقاً لصحيفة “بوليتيكو”.

وأشارت الصحيفة في تقرير لها، السبت 16 ديسمبر، إلى أن المشاورات داخل وزارة الدفاع (البنتاغون) تدور حول “تحديد ما إذا كانت الضربات المحتملة ستستهدف مباشرة أهدافاً عسكرية للحوثيين في اليمن”.

ونقلت “بوليتيكو” عن مسؤول أمريكي مطّلع قوله إن “البنتاغون” قامت مؤخراً بنقل حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” إلى خليج عدن قبالة سواحل اليمن، لدعم الرد الأمريكي المحتمل على الهجمات.

ويأتي هذا التطور في الموقف الأمريكي، بعد يوم من اعتراض المدمرة الأمريكية “يو إس إس كارني”، 14 طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون فوق البحر الأحمر.

وفي 10 ديسمبر، نقلت وكالة “بلومبيرغ” عن مسؤول في البيت الأبيض أن واشنطن تجري مشاورات مع دول الإقليم لتنفيذ عمل عسكري محتمل ضد الحوثيين في اليمن، في حال فشل الخيار الدبلوماسي.

الخيار العسكري
ويواصل وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، جولته في الشرق الأوسط، لبحث الوضع في غزة، وهجمات الحوثيين، في الوقت الذي نقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤول عسكري أمريكي قوله إن أوستن سيكشف خلال الجولة تفاصيل العملية الهادفة لمواجهة تهديدات الجماعة.

وكان المتحدث باسم “البنتاغون”، الجنرال باتريك رايدر، أفاد في مؤتمر صحفي (12 ديسمبر)، بأن الجيش الأمريكي “لن يتردد في اتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة، للتصدي للأعمال العدائية في المجال البحري”، لكنه أشار إلى أن تهديدات الحوثيين تتطلب “حلاً دولياً”.

ونقلت صحيفة “الأيام” البحرينية عن مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شبه الجزيرة العربية دانييال بنايم، السبت 16 ديسمبر، قوله: “إن واشنطن ستعلن عدداً من القرارات حيال التهديدات التي تشهدها حركة الملاحة في البحر الأحمر من قبل الحوثيين في اليمن”.

ولفت إلى أن بلاده “تدرس جميع الخيارات إزاء هجمات الحوثيين، بما في ذلك الخيار العسكري”، مشيراً إلى أن “الجهود تنصب على ضمان وجود أصول عسكرية كافية لردع هذه التهديدات الحوثية في البحر الأحمر، والمياه المحيطة به، ولضمان سلامة الاقتصاد العالمي”.

تحالف بحري وتحذيرات
ويأتي التحول في الموقف الأمريكي تجاه الحوثيين بعد ضغوط مارستها “إسرائيل” على إدارة بايدن، فوفقاً لتقرير نشرته صحيفة “إن 12 نيوز” الإسرائيلية، فإن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أبلغ الرئيس الأمريكي أن تل أبيب ستتحرك عسكرياً ضد الحوثيين إذا لم تقم بذلك الولايات المتحدة.

وفي 5 ديسمبر الجاري، أعلن المتحدث باسم “البنتاغون”، باتريك رايدر، عن مباحثات تجريها بلاده لتشكيل قوة مهام بحرية دولية للتصدي لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، لافتاً إلى أن قوام تلك القوة يتألف من 38 دولة، دون أن يسميها.

 

وتعليقاً على مساعي تشكيل قوة بحرية قال وزير الخارجية اليمني الأسبق، أبو بكر القربي، في تغريدة على منصة “إكس”: إن “تشكيل واشنطن لتحالف دولي لحماية الملاحة في البحر الأحمر من تهديدات الحوثيين، معالجة ستصعد خطر توسع الصراع وقد لا تحقق الهدف”.

ووفقاً للقربي، فإن الحل الحقيقي يتمثل في “قيام تحالف يوقف الحرب (في غزة) ويفرض حل الدولتين، ويمكّن من قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة على أراضيها”، لافتاً إلى أن ذلك “سيعيد للمنطقة أمنها واستقرارها”.

من جانبه حذر وزير الدفاع الإيراني، محمد رضا أشتياني، في تصريحات أدلى بها يوم 14 ديسمبر من تشكيل قوة متعددة الجنسيات بدعم أمريكي في البحر الأحمر، مؤكداً أن ذلك التحالف “سيواجه مشكلات استثنائية”، وأنه “لا يمكن لأحد أن يتحرك في منطقة تهيمن عليها إيران”.

حارس الازدهار
ويمثل التحرك العسكري المنفرد ضد الحوثيين بالنسبة للولايات المتحدة تحدياً كبيراً، ما يجعلها تُفضِّل خيار التحالفات، ورجح المستشار العسكري السابق في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، العقيد المتقاعد عباس دهوك، عدم قيام واشنطن بأي عمل أحادي ضد الحوثيين أو إيران.

وقال دهوك، في تصريح خاص لـ”الخليج أونلاين”: “في حين أن الولايات المتحدة تملك القدرة، ولديها كل الإمكانات اللازمة للرد على أي تهديد، وبضمنه الحوثيون، فإن إدارة الرئيس بايدن تفضل تشكيل تحالف مضاد للحوثيين مع شركاء إقليميين ودوليين”.

وأشار المستشار السابق دهوك إلى أن الوزير أوستن “سيعلن عن قوة جديدة متعددة الجنسيات تسمى “حارس الازدهار”، خلال جولته الإقليمية، لمواجهة التهديد المستمر بالطائرات بدون طيار والصواريخ ضد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن”.

واستطرد قائلاً: “ستواصل الولايات المتحدة توفير خيارات الردع ضد إيران ووكلائها في كل مكان لضمان عدم تحول الحرب بين إسرائيل وغزة إلى صراع إقليمي”.

ويحتاج أي تحرُّك أحادي من قبل واشنطن ضد إيران إلى “موافقة الكونغرس، وحالياً لا تتوفر مثل هذه الموافقة لإدارة بايدن للمشاركة بشكل مباشر في أعمال عسكرية في الشرق الأوسط، خارج نطاق مكافحة الإرهاب والدفاع عن النفس”، وفقاً للعقيد المتقاعد دهوك.

خيارات محدودة
ويكمن التحدي أمام الإدارة الأمريكية في كيفية إدارة التصعيد في البحر الأحمر، لوقف هجمات الحوثي، مع ضمان عدم توسع الحرب إقليمياً، وانطلاقاً من ذلك تبدو خيارات واشنطن محدودة، وفقاً للخبير العسكري والاستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي.

وأضاف الفلاحي، في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أن التصعيد في البحر الأحمر وباب المندب يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة لواشنطن، لكونه يهدد أمن الملاحة الدولية في هذه المنطقة الحيوية.

وأوضح أن “الخيارات الأمريكية تبدو محدودة” في مواجهة تصعيد الحوثيين، وتتمثل في المشروع الذي قُدم للكونغرس لإعادة إدراج الجماعة على قوائم الإرهاب، في حين يتمثل الخيار الثاني في فرض عقوبات على شخصيات وقيادات حوثية، وفرض عقوبات اقتصادية على الجماعة.

 

أما الخيار الثالث، وفقاً للعقيد الفلاحي، فيتمثل في سعي الولايات المتحددة إلى تشكيل تحالفات جديدة في المنطقة، لكون واشنطن لا تريد خوض مواجهة في المنطقة مع الحوثيين بصورة منفردة.

ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية تعتقد أن إيران هي المسؤولة عن تصعيد الحوثيين، وأن ما يقومون به هو بتوجيهات من طهران، ومن ثم فهي (واشنطن) تريد مخاطبة الإيرانيين حول هذه المسألة، إما بشكل مباشر أو عبر وسطاء.

نتائج خطيرة
وحتى اللحظة، يقتصر الموقف الأمريكي في البحر الأحمر على اعتراض المسيرات والصواريخ التي يطلقها الحوثيون، لكن في حال قررت الولايات المتحدة تنفيذ عمل عسكري واسع، فإن هذا الأمر قد يؤدي إلى تصعيد كبير جداً في المنطقة.

ووفقاً للعقيد الفلاحي فإن الحوثي حالياً لا يستهدف إلا السفن التابعة لـ”إسرائيل”، وعندما يتعرض لهجوم من قبل دولة أخرى، فإن هذه الدولة ستصبح ضمن قائمة أهداف الجماعة أيضاً.

وقال: “بمعنى أن الولايات المتحدة ودول أخرى قد تصبح ضمن الأهداف التي سيقصفها الحوثي، كما أن الرد الحوثي قد يستهدف جميع السفن الموجودة في المنطقة”.

واختتم الفلاحي تصريحه لـ”الخليج أونلاين” بالإشارة إلى أن واشنطن تفضل التوصل إلى اتفاقات سياسية على اللجوء إلى استخدام القوة، وهم يحاولون إقناع إيران للضغط على الحوثيين لوقف الهجمات، مقابل المزيد من الإغراءات والتنازلات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى