الحرب الروسية الاوكرانية-تدويل المعركة بدما إسلامية:

أ د / دخان النجار

الحرب في أوكرانيا لم تكن خاطفة كما حُدد لها منذ البداية بعدة اشهر حيث ان الهدف من إشعالها كان هو الاستنزاف وعدم اعطاء نصر سريع وقليل التكلفه لروسيا على الاقل. الأطراف الرئيسية في المعركة لها خبرات دوليه في قيادة المعارك امتدّت من أفغانستان إلى الشيشان والعراق وسوريا وليبيا وهي حروب ذات شقين حرب جيوش نظامية وحرب جماعات مسلحة غير نظامية تجيد أساليب الكر والفر والهجوم المباغت بجماعات صغيره متنقله او ما يسمى بحرب العصابات وحروب الشوارع .
الأمريكان مثلا استعانوا بالشركات الامنية التي تعتبر شركات حروب مقاوله مثل بلاك ووتر التي لا تلتزم بأخلاقيات الحروب ولا ينطبق عليها القانون الدولي الذي يحكم سلوكيات الجيوش الرسمية لانها جماعات وشركات مرتزقة مأجورين ومثلها شركة فاغنر الروسية التي تمولها روسيا واصبحت امبراطورية من المرتزقه تعمل في عدة بلدان.
الجديد في الأمر هو اعتماد طرفي الصراع في أوكرانيا على جماعات مرتزقه ذات أصول إسلامية لها خبرات في حروب العصابات والشوارع وتتميز بالخبرة والشجاعة . جماعات او كتائب احمد الشيشانية تقاتل إلى جانب الجيش الروسي وحققت انجازات ميدانية ملحوظة يقابلها بعض جماعات الشيشان تحارب إلى جانب الاوكرانية وتميزت بشراستها ايضا. منذ الايام الاولى للحرب الروسية الاوكرانية تداولت وسائل الإعلام العالمية حضور المرتزقة الغربيين إلى جانب الاوكران وكذلك حضور بعض المقاتلين السوريين إلى جانب الروس لكن هذا الامر تطور كثير في الفترة الاخيره بحيث اصبح حضور المقاتلين المسلمين الأكراد من شمال شرق سوريا بما يسمى بقوات ( قسد) للقتال إلى جانب الاوكران حسب صحيفة “فزجلاد ” الروسية في تقرير استخباراتي لها من الميدان حيث ان هاؤلاء المرتزقه لهم دافع انتقامي من الروس الذي مكنوا نظام بشار الاسد من الصمود في سوريا ومواجهتهم على الارض وكذلك التقارب الروسي التركي في سوريا الامر الذي أعطى تركيا عدوت الأكراد في شمال سوريا فرصة للحد من توسعهم في الشمال السوري على الحدود مع تركيا. أضف الى ذلك ان المرتزقه من “قسد” لديهم دافع مادي ايضا حيث ان المقاتل منهم في أوكرانيا يتقاضى الفي دولار شهريا بينما لا يتقاضى في سوريا سوى خمسمائة دولار شهريا. قوات “قسد” مدربة جيدا على حروب العصابات والشوارع وتم تدريبها في معسكرات امريكية في شمال شرق سوريا ومع قرب التهدئة في البلد اصبح العديد من ملتحقيها عاطلين عن العمل ومهنتهم الوحيده هي القتال ولذلك لابد من دفعهم إلى ارض القتال الاوكرانية الروسية.
المرتزقة المسلمين الأكراد ليسوا الوحيدين من يتجه إلى أوكرانيا لقتال الروس وجني الاموال بل المقاتلين الأفغان ايضاً وهم مقاتلون اصحاب خبره قتاليه ممتازه ولهم ثار مع الروس منذ ثمانينات القرن الماضي وهم عاطلين عن العمل في الوقت الراهن بحكم انتها المعارك في افغانستان ولابد لهم من توظيف مهاراتهم ولا يُستبعد انخراط جماعات اخرى من ليبيا وشمال العراق وغيرها من جماعات الارتزاق في الحرب الروسية الاوكرانية.
هناك معلومات عن انتشار مقاتلين سوريين إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا وكذلك مقاتلين من الجماعات والمليشيات الشعبية في العراق وايران وغيرها وهكذا يصبح المقاتلين المسلمين عامل اساسي في الحرب الروسية الاوكرانية وربما في حروب شبيهه قادمة كون الحروب في البلدان الإسلامية ولدت اجيال من الشباب مهنتهم الوحيده هي القتال ومستعدين لاسباب ماديه وسياسية لبيع خبراتهم لمن يدفع لهم اكثر او يقف إلى جانبهم في صراعاتهم البينية التي تحمل عناوين محليه وجوهرها دولي وهم ليسوا اكثر من وقود للحروب مغرر بهم هنا وهناك .
لا نستبعد ان تبرز شركات مقاولات امنية جديده تظم المرتزقه من البلدان الإسلامية للحروب الحالية في أوكرانيا او المنطقة العربية وربما مع الصين مستقبلا وغيرها من مناطق الصراع العالمي والأمر اللافت ان هذه الجماعات القتالية الإسلامية على استعداد للذهاب إلى القتال في اي مكان في العالم لمقاتلة الروس وحلفائهم والأمريكان وحلفائهم بدون تحفظ لكنهم لايبدو نفس الاستعداد للذهاب للقتال في فلسطين ربما لعدم التمويل او بسبب تبعيتهم لأطراف الصراع العالمي تحت مسمى اسلامي وهو الأرجح. فهل سيكون المسلمون هم اصحاب الامتياز في شركات الارتزاق الامنية العالمية ووقود الحروب الدولية القادمة بالنيابة؟
د.دحان النجار ميشجان ٧ مارس ٢٠٢٤م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى