حرب إسرائيل على غزه- انتفاضة الضفة الغربية إلى أين؟

 

✍️ أ د / دحان النجار

احدى عشر شهرا مضت على القتال في قطاع غزة فلا المقاومة هُزمت ولا إسرائيل انتصرت ، الضربات المؤلمة والإبادة في غزة والقمع في الضفة الغربية لم تؤدي الى استسلام المقاومة الفلسطينية والمجتمع الدولي لم يبدي المسؤلية الاخلاقية على الاقل التي على عاتقه لإيقاف المجازر وتدمير الاخضر واليابس في قطاع غزة ويدين بكلمات خجولة اعتداءات المتطرفين اليهود والعنف الاسرائيلي المفرط في الضفة الغربية.

اكثر من ستمائة قتيل في الضفة الغربية وآلاف المعتقلين منذ ٧ اكتوبر ٢٠٢٣م وتدمير عدد من القرى والممتلكات بل وصل الأمر بالجيش الاسرائيلي الى احتلال المخيمات والمدن وتدمير بنيتها التحتية واستخدام القوة المفرطة ضد من تشك فيهم من افراد الفصائل الفلسطينية كمقاتلين محتملين . الحوادث المنفردة ضد الاحتلال في الضفة الغربية لم تتوقف طول سنوات الاحتلال الاخيرة إلا انها ازدادت كما ونوعا بالتوازي مع حرب غزة التدميرية وأمر طبيعي ان يسند الفلسطينيون في الضفة الغربية اخوانهم في قطاع غزة لكن هل تتوفر لدى الفصائل في الضفة نفس الشروط القتالية المتوفرة في القطاع من حيث التسليح واعداد البنية التحتية للقتال مثل الانفاق والتصنيع الحربي وتسريب الأسلحة إلى الداخل؟
بالرغم من المساحة الكبيرة نسبيا للضفة الغربية وكتلتها البشرية الاكبر وبالرغم من ان لديها حدود برية وبحرية طويلة مع الأردن إلا ان أعمال المقاومة المسلحة فيها لا يمكن ان ترقى إلى مستوى قطاع غزة للأسباب التالية:
1. غزة كانت منذ العام ٢٠٠٥م بعد انسحاب إسرائيل منها كليا تحت سيطرة الفلسطينيين وزد على ذلك بعد اخراج حكومة السلطة الفلسطينية الممثلة بسلطة الرئيس عباس اصبحت عمليا تحت سيطرت حماس ومنظمة الجهاد الاسلامي الامر الذي أتاح للمقاتلين ادخال السلاح من الخارج ومن ثم بدء التصنيع وحفر الانفاق دون رقيب او حسيب الامر الذي أوجد ميزة قتالية هناك لا تتوفر في الضفة الغربية المقسمة إلى مناطق (الف وجيم وبا) واسرائيل متواجده امنيا وعسكريا في كل منها حتى منطقة الف التي تديرها السلطة الفلسطينية اصبحت تحت المجهر الاسرائيلي ويمكن دخولها باي لحظة . ايضا اسرائيل بحكم تواجدها لم ولن يمر عليها امر بناء انفاق تحت الارض ولها من العيون ما يكفي حتى من بين أوساط الفلسطينيين انفسهم ، وايضا ارتهان السلطة الفلسطينية في الضفة ماليا باسرائيل وانتشار الفساد فيها جعل اجهزة السلطة والمخابرات الفلسطينية نفسها تقف ضد اي انتفاضة في الضفة بل سعت إلى التآمر على المقاومة في قطاع غزة. الارتباط الامني بين السلطة واسرائيل عامل معرقل لاي انتفاضة في الضفة.
2. تواجد المستوطنين اليهود في الضفة والذي وصل عددهم إلى اكثر من ثمانمائة الف نسمة سجل اختراق اجتماعي وأمني وسياسي يصعب معه الاعداد لانتفاضة شاملة فالمستوطنون المتطرفون وبدعم من قوات الامن هم المبادرون في العنف بينما قطاع غزة كان قد خلا من المستوطنات تماما.
3. حدود الضفة مع الأردن ١٠٠٪؜ تحت السيطرة الاسرائيلية أضف إلى ذلك تامين السلطات الأردنية لتلك الحدود من جانبها على خلاف الحدود مع مصر التي تتعرض للاختراق بين الحين والآخر لصالح القطاع.
4. المقاومة في القطاع تلقت دعم مالي مستقل عن السلطة الفلسطينية الأمر الذي ساعدها على انجاز بنيتها التحتية في الانفاق والتصنيع وغيره بينما المقاومة بالضفة لم تنل هذا النصيب عدى فروع حماس والجهاد الإسلامي إذا كانت تتلقى بعض الدعم من قيادتها في القطاع .
كل هذه العوامل المذكورة من وجهة نظري تجعل المواجهة المسلحة في الضفة الغربية اكثر صعوبة وان وجدت ستكون محدوده وخسائرها كبيره لكن لا شي مستبعد في ظل القمع الاسرائيلي المفرط والإبادة الجماعية في غزة حيث تجاوبت قوى محور المقاومة وجعلت من النزاع اقليمي اربك اسرائيل بالفعل وجعلها في موقف الدفاع اكثر منه في الهجوم لاول مرة في تاريخها. المقاومة الفلسطينية اكتسبت خبرات كبيرة في المواجهة مع الجيش والامن إلا سرائيليين أضف الى ذلك الاستعداد للتضحية والشهادة في سبيل العقيدة والوطن وهذا امر يشكل قوة دافعة لا يمكن هزيمتها في اي حركة مقاومة عالمية بالرغم من فارق القوة وجسامة التضحيات البشرية والمادية. لا يُستبعد ان يتم تسريب الأسلحة من الأردن عبر انفاق او غيره ولا يستبعد شراء الأسلحة من السوق السوداء الاسرائيلية ان توفرة الاموال .
امام القمع الإسرائيلي للفلسطينيين في الضفة ليس من المستبعد ان يجد المقاومون وسيلتهم للحصول على السلاح والمال وبدء انتفاضتهم المحلية الشاملة التي تراعي ظروف الضفة الغربية الامنية والسياسية والاقتصادية.
د. دحان النجار القاهرة ٦ سبتمبر ٢٠٢٤م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى