حرب إسرائيل على غزه-الميناء البحري المؤقت هل هدفه ادخال المساعدات ام تهجير الفلسطينيين؟

أ د / دحان النجار

لا يختلف الكثيرون حول نية إسرائيل تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية وكذلك لا يخفي الاسرائليين رغبتهم في ذلك وخاصة اليمين المتشدد الذي يجاهر بهدفه هذا دون خجل او تحفظ.

في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي كان الوضع العربي والفلسطيني على قدر من القوة والتأثير على المستوى الدولي ولو بالحد الادنى الأمر الذي فرض حل الدولتين نظريا وبتنازلات عربيه وفلسطينية واولها الاعتراف بالقرار الأممي ٢٤٢ الذي حصر حق الفلسطينيين في اقامة دولتهم المزعومه على الأراضي التي تم احتلالها في حرب الايام السته في عام 1967م والتي احتلت فيها اسرائيل كل قطاع غزة الذي كان تحت السيادة المصرية بل واحتلال شبه جزيرة سيناء المصرية بكاملها وكذلك الضفة الغربية التي كانت تحت السيادة الأردنية ناهيك عن مرتفعات الجولان السورية.
كل دول العالم تقريبا وافقت على هذا الحل وتمنعت الدول العربية حتى عادت وقبلت به حسب المبادره السعودية المقدمة إلى مؤتمر القمة العربية في مدينة فاس في المغرب عامي 1981 و 1982م المعروفة بمبادرة الملك فهد بن عبد العزيز ورفضتها إسرائيل وتم إعادة طرحها بمبادرة من الملك عبد الله بن آلعزيز في قمة بيروت العربية 2002م.قبل ذلك كان هناك مؤتمر مدريد سنة 1991م واتفاقية أوسلو سنة 1993م، اللذان شكلان بداية عملية السلام الإسرائيليّة الفلسطينيّة المباشرة، التي تواصلت بشكل متقطّع حتى اجتماع كامب ديفيد بين الوفدين الفلسطيني والاسرائيلي برعاية الرئيس الأمريكي كلينتون عام 2000م، كما شهد مؤتمر مدريد جلوس الإسرائيليّين مع العرب إلى طاولة المفاوضات للمرة الأولى منذ مؤتمر جنيف عقد في ديسمبر سنة 1973م ،كما كانت المرة الأولى تجلس دول خط المواجهة العربيّة الأربع جميعاً مع الإسرائيليّين منذ مؤتمر لوزان سنة 1949. وشهد مؤتمر مدريد أيضاً للمرة الأولى حضور الفلسطينيّين رسميّاً إلى جانب الإسرائيليّين.
بدورها، شكّلت اتفاقيّة أوسلو في أيلول/ سبتمبر 1993م الوثيقة الإسرائيليّة- الفلسطينيّة الأولى من نوعها التي في وسعها تمهيد الطريق أمام إسرائيلَ ومنظمة التحرير الفلسطينية لإنهاء عقود من الصراع. ورغم الترحيب الواسع الذي لاقته، لما تقدّمه للفلسطينيّين من حكم ذاتيّ قد يمهّد لإقامة دولة فلسطينيّة بعد عدة عقود من الاحتلال المتواصل، رأى كثير من الفلسطينيّين أنّ اتفاقيّة أوسلو لم تقدّم شيئاً يذكر لبلورة ظروف ملائمة تقود إلى دولة فلسطينيّة مستقلّة .
بعد قمة كامب ديفيد 2000م بين الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود باراك برعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون والتي لم تسفر عن اي اتفاق مرضي للفلسطينيين بسبب التعنت الإسرائيلي والتواطؤ الأمريكي
بداء الانحدار الفعلي والتخلص الإسرائيلي من كل ما سبق الاتفاق عليه واستمرت اي اسرائيل في التهام الضفة الغربية بتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي وبناء الجدار العازل الذي ادانته محكمة العدل الدولية واستمر اليمين الاسرائيلي بفرض سياساته التي تهدف بالنهاية إلى ظم الضفة الغربية بعد التغيير الديمغرافي واستعادة غزة التي غادرتها في ما يسمى خطة فك الارتباط احادية الجانب عام 2005م للتخلص من كلفة ادارتها وبالتالي تحويلها إلى سجن كبير وترحيل اهلها مستقبلا.
وكما اشار بعض المحللين السياسيين بان اسرائيل قد توصلت إلى قرار بشان غزه سيتم تنفيذه قريبا وهو اعادة احتلالها وترحيل اهلها والسيطرة على الثروات الغازية وغيرها التي تقابل سواحلها وكذلك تامين الظروف لإنشاء قناة بن غوريون البديله لقناة السويس.
استمرت اسرائيل ايضا في تهديد المسجد الأقصى وتهويد الضفة الغربية الأمر الذي فجر احداث 7 اكتوبر 2023م كخطوة استباقية تحت مسمى” طوفان الأقصى” والتي قادة إلى الحرب التدميرية والإبادة الجماعية للفلسطينيين في القطاع من قبل إسرائيل وإبداء الرغبة في ترحيل من تبقى من السكان الى الدول المجاوره وبالذات مصر. وفي حالة رفض دول الجوار العربية هناك دول أوروبية ستقوم باستقبال الفلسطينيين كلاجئين . سكان غزه رفضوا هم الترحيل ورفضت الدول العربية استقبالهم او فتح ممرات لهم للعبور إلى أوروبا وبقية العالم عبر أراضيها الأمر الذي دفع القوات الاسرائيلية إلى قصفهم اينما وجدوا حتى في مناطق حددتها هي لهم امنه وفي مناطق استقبال المساعده الغذائيه الملقاة من الجو. اسرائيل رفضة فتح المعابر لادخال المساعدات الانسانية وتحت ضغط الرأي العام العربي والعالمي واستنكاره لفرض المجاعة على الفلسطينيين حتى الموت تدخلت الدول الغربية وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية باسقاط المساعدات الغذائيه الانسانية جوا وكذلك العمل على انشاء ميناء بحري مؤقت لاستقبال السفن التي تحمل المساعدات الانسانية القادمة من قبرص .
كان بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها والمجتمع الدولي إلزام إسرائيل بفتح المعابر البرية بدل من تصرف كهذا واكيد انها لن تتمرد على حلفائها والتخوف هنا هل فعلا الميناء المؤقت غرضه إنساني بحت في ادخال المساعدات الغذائية والطبية إلى القطاع ام هناك هدف آخر يضاف اليه؟
التخوف من ان يكون الهدف الخفي لإنشاء هذا الميناء والممر البحري هو إتاحة الفرصة لسكان القطاع للمغادرة تحت مبرر إنساني وبذلك تكون اسرائيل قد حصلت على ماتريد تحت مبرر العامل الانساني وهو ترحيل سكان القطاع ، الايام القادمة سوف تجيب على هذا التساؤل الذي لا نستبعده .
د. دحان النجار ميشجان 17 مارس 2024م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى