حرب إسرائيل على غزه- اجتياح رفح قد يفجر جبهة الشمال:

أ د / دخان النجار

تصاعدت الاحداث في غزة واسرائيل لم تعطي اي انتباه يذكر لقرار محكمة العدل الدوليه بتجنب المجازر والإبادة في غزة وكذلك لم تعطي انتباه للتحذيرات من قبل حلفائها وبالذات الولايات المتحدة التي بدات قيادتها تعبر عن الامتعاض من بعض تصرفات نتانياهو إلا انها لا زالت تمده بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية والمال. الرئيس الأمريكي بايدن يعاني من تدهور شعبيته في الداخل والمعارضة القوية في الحزب الديمقراطي بعد ان تشدد في مواقفه الداعمه للحرب في غزه فيحاول اتخاذ موقف متوازن “وهو ما لم ولن يحدث لاسباب عديده “او تخفيف اللهجة تجاه هذه الحرب وبالذات قتل المدنيين وادخال المساعدات الانسانية كي يستعيد بعض من شعبيته المتآكلة لكنه لا يستطيع التراجع عن الدعم اللامحدود ماديا وسياسيا وعسكريا لإسرائيل الذي تفوه به منذ بداية الحرب كيف لا وهو من ردد على مدى مسيرته السياسية مقولة “لو لم تكن اسرائيل موجوده لاوجدناها وانا صهيوني وليس شرطا ان تكون يهودي لكي نكون صهيوني” ؟
كي تعطى اسرائيل فرصة لتصفية الحسابات في غزة وتجنباً لأي حرب اقليمية مكلفة عملت القياده الامريكية على تهدئة جبهة الشمال مع حزب الله بالرغم من التهديدات الاسرائلية ورغبت نتانياهو في تفجيرها كهدف استراتيجي يفضي إلى ضرب ايران وجر الولايات المتحده لتلك الحرب . كلاهما الولايات المتحده وايران عملا على تجنب حرب اقليمية والتزم حزب الله في المناوشات من اجل تخفيف الضغط على غزة لكن من الواضح ان لهجة التهديد بالحرب من قبل اسرائيل ترتفع وتيرتها كلما قربت اسرائيل كما تعتقد من السيطرة على قطاع غزه.
معركة رفح والتي ستكون كارثة إنسانية بكل المقاييس لتراكم مليون منصف المليون نازح فيها وفي رقعه صغيره والتي بدأتها اسرائيل بشكل او بآخر وعدم اتخاذ الولايات المتحدة اجراءات جاده ضدها إلى الان على الاقل لمنعها من ارتكاب آباده إنسانية هناك مثل وقف الدعم العسكري والاستخباراتي كي تردع تهورها لكن كلما تقوم به مع الحلفاء الغربيين هو ادانة بعض التصرفات والحث على مضاعفة المساعدات الانسانية الامر الذي يوحي للجميع بان الرغبه مشتركة في اكمال المعركة في غزه وربما عدم كبح التوجه إلى الشمال في وقت لاحق.
حزب الله وحلفائه يشعرون بذلك مع كل القلق ولذلك بداء يشدد بهجماته النوعية كما حصل اليوم من قصف للقواعد الاسرائيلية في الجليل ومواقع اخرى حدودية يومنا هذا الاربعاء الموافق الرابع عشر من فبراير وادى إلى جرح ١٨ جنديا اسرائيليا وربما هناك قتلى لم يعلن عنهم بعد في اول سابقه مؤلمة من نوعها خلال الحرب على غزه وتم استخدام اسلحه دقيقه فشلت ألقبه الحديدية في صدها. حزب الله ربما يرى ان هذا الوقت المناسب لعمل شيء ما على الحدود إما لدفع اسرائيل للشعور بخطورة الموقف وبذلك تتراجع عن إبادة الفلسطينيين في محافظة رفح او إذا كانت مصره على الحرب معه فليكن ذلك الان وهي مشغوله في جبهتين قبل ان تكمل مهمتها في غزه وتعيد معظم قواتها من هناك للهجوم عليه.
اكيد في الساعات القادمة سيكون هناك تحرك دولي من اجل الحفاظ على الوضع القائم في الحدود الشمالية لكن من الواضح ان الوسطاء في نفس الوقت الذي لا يريدون فيه الحرب إلا انهم يضغطوا بشكل رئيسي على لبنان وحزب الله وإملاء بعض المطالب الاسرائيلية كما جرت العاده في التماهي مع إسرائيل. لكن خطورة الوضع في المنطقة والذي قد ينذر بحرب اقليمية تكون ثقيلة على الجميع يدفع الاطراف إلى محاولة تجنبها لكن بعد هجوم اليوم من قبل حزب الله فمن المؤكد ان اسرائيل سوف ترد بشكل قاسي ليس فقط بضرب اهداف لحزب الله بل بضرب اهداف للحكومه اللبنانية كما صرح أحد وزرائها اليوم بذلك ايضا.
ان تمكن حلفاء اسرائيل من لجمها وعدم تهورها في حرب مع حزب الله فسيكون ذلك مؤشر ايجابي لصالح حزب الله لكن لجم اسرائيل يجب ان يبداء من غزة ومن محافظة رفح تحديدا.
اسرائيل ليست باحسن حال من الناحية العسكرية والسياسية والاقتصادية مع حرب غزه فجيشها خسرالكثير من امكانياته المادية والبشرية وخسر معنويا اكثر بحيث انه لم يتعرض لاي هزه أفقدته بعض الثقة في نفسه في تاريخه كما حصل له في هجوم ٧ اكتوبر الماضي وما تلاه من معارك إلى الان وسمعتها اي اسرائيل الدولية تأثرت سلبا بشكل كبير وبداء الرأي العام العالمي يتحول من دعمها إلى ضدها بعد مجازر غزه لكن الوسط السياسي في أمريكا والدول الفاعله في الغرب لازال يؤمن باستراتيجية العلاقه معها وضرورة الحفاظ على تفوقها في المنطقة وهي تعتقد بانها في معركة وجوديه وان تفجيرها الان والغرب السياسي والعسكري لازال مستعد يحارب معها ونيابة عنها هو الوقت المناسب قبل ان تتآكل هذه الميزه وتفقدها تدريجيا وياتي وقت تكون في الميدان لوحدها وتكون قوتها الوحيده هي في الردع النووي والذي قد لا يقود إلى النتيجة المرغوبه وخاصة مع نمو قوة الردع والدمار الشامل لدى بعض دول المنطقة وبالذات في محور المقاومة.
ومع تزايد خطر انفجار الوضع في الشمال الذي سيكون تدميري للطرفين وهما يعيان ذلك تماما وربما التصعيد الكلامي والهجمات المحدودة هي من اجل توجيهات رسا ئل للداخل في كل منهما بدرجة رئيسية فإن تعثر محادثات التهدئة مع حماس ورفض إسرائيل لمعظم شروط حماس بإطلاق السجناء الفلسطينيين ووقف الحرب في غزه والانسحاب وادخال المساعدات الإنسانية ان لم يحصل اختراق جاد في المحادثات والتوافق على التهدئة فان ذلك يقود إلى احتمال دخولها رفح لا زال مرتفع جدا وحرب الشمال بالتالي تكون على الابواب لكن دائما في السياسة تحصل المفاجئات والدبلوماسية الخفية تلعب دورها ولو انها لم تنجح في كل مهامها.
من المحتمل ان توجد صيغة لحل مشكلة المدنيين في رفح بواسطة الدول الفاعله واقصد بها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والأمم المتحده وكذلك التوافق على صيغه للتهدئة وحل مشكلة السجناء والاسرى من الطرفين والتوصل إلى هدنه متفق عليها والانتقال إلى مرحلة جديده من الصراع وتجنب الحرب الاقليمية الشاملة حاليا.
د. دحان النجار ميشجان ١٥ فبراير ٢٠٢٤م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى