بمناسبة الافراج عن هشام شرف عبدالله ليس كل من بقي في صنعاء خائن، ولا من غادرها وطني

كتب / محمد الخامري
تم الإفراج عن وزير الخارجية السابق في صنعاء هشام شرف عبدالله، ونقله مُعزَّز مُكرَّم على متن طائرة خاصة إلى خارج اليمن، وفق توافقات دولية وإقليمية ضمن خارطة طريق يجري التحضير لها حالياً، وليس بموجب قرار من الشرعية، ولا بموافقتها، بل جرى خارج إرادتها تماماً..!!
📌 هذه الواقعة تعيد إلى الواجهة سؤال حساس ومؤجَّل منذ عشر سنوات تقريباً، وهو: هل يُعدّ بقاء بعض الوجهاء والاعلاميين والمثقفين والعسكريين والقيادات السياسية ومنهم قيادات المؤتمر الشعبي العام في صنعاء، تحت سلطة الحوثيين، خطأ سياسي جسيم، أم أنه خيار اضطراري يُفهم في سياق الأمر الواقع، وسلطة المتغلب كغيرها من أنظمة الانقلابات التي جرت في العديد من الدول العربية، وهل يمكن اتهامهم بالخيانة، أم أن المسألة أعقد من مجرد تصنيف سياسي أو أخلاقي..!!
📌 الحقيقة انه لايمكن تصنيف جميع من بقوا في صنعاء بعبارات قطعية من قبيل خائن أو وطني، فالصورة أكثر تعقيدا مما تبدو عليه او نظن، وخيارات الفاعلين السياسيين، خصوصا في ظرف انهيار الدولة المفاجئ، لاتكون دائماً أخلاقية أو مبدئية بالكامل، بل غالباً مزيج من البراجماتية والخوف والرهان السياسي، ومن الإنصاف القول إن الواقع الذي تشكل بعد 21 سبتمبر 2014 والهروب الجماعي لقيادات الدولة؛ السياسيين والعسكريين، وحتى البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية، والوسطاء والممثلين الدوليين الذين سارعوا لمغادرة صنعاء؛ وتركها فارغة من أي فعل سياسي او عسكري؛ لم يدع مجالا لأي شخص؛ كبيرا او صغيرا ان يرفع رأسه أو يعارض توجه الحوثيين وتوحشهم تلك الايام، فضلاً عن مجرد التفكير في مقاومتهم..!!
📌 بعد تحالف المؤتمر الشعبي العام معهم بقي قادته رهن الإقامة الجبرية لخيار زعيمهم الذي كان يراهن على ان الحوثيين أحد الثعابين التي ظل يرقص على رؤوسها 33 عاماً، أو مجرد كرت سياسي في أحسن الأحوال، يلعب به كما لعب بغيره من الكروت السياسية، لكنه دفع حياته ثمناً لذلك التحالف، رحمه الله..
وبعدها فُرض على قيادات المؤتمر الشعبي العام في صنعاء ظروف شديدة التعقيد، فالبعض بقي ولازال في صنعاء مجبر، بل مقيد ومحاصر، لايمتلك حرية الحركة، ولا القدرة على المغادرة، والبعض الآخر اختار البقاء في دائرة السلطة الجديدة لأسباب أمنية، أو حتى سياسية؛ فقد كانت خياراتهم محصورة بين الإذعان، أو التصفية، أو الانعزال الكامل في بيئة خالية من المؤسسات القانونية والحماية السياسية، وهو واقع شديد القسوة لايحتمل الأحكام السطحية..
وبعضهم اضطر للبقاء معتقداً أنه بذلك ربما يُسهم في التخفيف على المواطنين قدر الإمكان من داخل مؤسسات الدولة، أو يحافظ على حياته وحياة أسرته وأملاكه وهذا حق مشروع، ضمن مايعرف بـ”السياسة في ظل الإكراه”، وهو مصطلح معروف في علم السياسة، ينطبق على النخب التي تُجبر على العمل في بيئات سلطوية أو غير شرعية من أجل النجاة أو الحفاظ على الحد الأدنى من التمثيل..
📌 أخيراً، ليس كل من بقي في صنعاء خائن وقح، وليس كل من غادرها وطني قح، بل الحقيقة أن معايير التقييم يجب أن تعتمد على الموقف والسلوك والتصريحات والخيارات العملية، لاعلى الجغرافيا وحدها، فمن بقي محافظ على ثوابته ولم يشارك في أذى الناس والتضييق عليهم ونهب ممتلكاتهم، قد يكون معذور، وربما مشكور أيضا، والتاريخ سيفرز المواقف، والشعب سيحكم، ولايصح إلا الصحيح..
من صفحة الكاتب على الفيسبوك