الحرب الروسية الاوكرانية- تعثر روسي وتدمير لأوكرانيا والناتو يتشدد والخطر الشامل لازال قائم

 

أ د / دخان النجار

الحرب الروسية الأوكرانية في شهرها الثالث وربما تطول لشهور عده او لأعوام. روسيا حققت تقدم على الارض لكنه متعثر حيث تراجع عن كييف ولم يستطيع دخول خاركيف بعد كل هذه الفتره واقليم الدونباس لم يتحرر بالكامل بعد والحرب قد تتشعب وتصبح مؤلمه اكثر والنصر اصبح مكلف حتى بحده الادنى. تجريد اوكرانيا من السلاح يقابله تسليح غربي اكثر فعاليه والقضاء على القوميين الاوكرانيين المتعصبين في الحكم لم يعد هدف روسي وربما يختزل بجماعة آزوف لان القوميين نالوا دعم غربي واسع ومتعدد الجوانب ووضعهم في العاصمة متماسك ويقابل ذلك المطالبة بالعدالة الدولية للضباط والمسؤلين الروس المتهمين بجرائم الحرب.

الرئيس زيلنسكي المطلوب حيا للمعتقل الروسي غدا سيكون مفاوض على نفس الطاولة مع الرئيس بوتين ، والحرب الخاطفة اصبحت حرب مزمنه والتقدم البطيء على الارض له ثمن باهض في العتاد والارواح ولكن في المجمل الى الآن روسيا هي المنتصره عسكريا.
واوكرانيا برغم الصمود والدعم الغربي الغير محدود هي المهزومة الى الآن ، المعارك تدور على ارضها وبنيتها التحتيه تدمرت ولا زالت ويتم قضم اراضيها بالتدريج ومحاصرتها من الساحل وبنيتها العسكريه الإنتاجية تدمر معظمها . الوعود بعضوية لاتحاد الاوروبي فكره طيبه من اجل بعث الأمل في نفوس الاوكرانيين المحبطين والمشردين وهو ما يشبه احلام اليقظة الى الآن على الأقل. اكيد اوكرانيا القومية ارتمت في احضان الغرب ولا يوجد لها خيار آخر وقرارها عمليا بيد الناتو وبالذات الولايات المتحده الامريكيه وعليه الحل لمشكلتها مع روسيا لن يكون بارادتها بل سيكون مرتبط بإرادة الناتو الداعم المطلق لها. الدول ليست جمعيات خيريه بل مؤسسات سياسية تعبر عن المصالح الإقتصادية لشعوبها وعندما تستثمر في بلدان اخرى سواء كان في مجال التنمية او الدفاع فانها تسعى الى الحفاظ على مصالحها وجني الارباح المباشره والغير مباشره. قد تصبح اوكرانيا افغانستان اوروبا من أجل استنزاف روسياومصدر ثراء للنخبة الحاكمة فيها وتنفتح ابواب اوروبا وامريكا لها لكنها لن تعود الى عافيتها السياسية والاجتماعية والجغرافية على المدى القريب. الرئيس زيلنسكي يعمل جاهدا على جر اوروبا الى التورط في الحرب اكثر واكثر مستغل التعاطف مع اوكرانيا لكن بعض الدول الاوروبية بدأت تتصرف ضد هذا التورط بشكل واضح وعلى سبيل المثال النمسا التي منعت وصول ذخائرها الى اوكرانيا والمانيا تتحفظ احيانا والمجر لم تتبع اوامر المقاطعة والسويد بدأت تتراجع عن الطلب الفوري في الانظمام الى الناتو ايضا الموقف نفسه منتظر من فنلندا.
كثير من الدول الاوروبية في الناتو قدمت اسلحه دفاعيه بسيطة للأوكرانيين مثل الصواريخ المضادة للدروع ولكن الامر تطور حتى اصبحت تقدم سلاح استراتيجي ثقيل معظمه سوفيتي الصنع مثل دبابات تي ٧٢وطائرات ميج ٢٩ وصواريخ دفاع جوي إس ٣٠٠ وربما الهدف التخلص من هذا النوع من السلاح الذي كان في ترسانة دول الناتو الاعضاء السابقين في حلف وارسو واستبداله بجديد امريكي واوروبي. لكن في الايام الاخيره وخاصة بعد مؤتمر قاعدة بريشتاين غرب المانيا هناك دعم واضح في سلاح نوعي هجومي مثل مدافع الهوزر والمسيرات عالية الجوده والانتحارية وغيرها. المناورات والتدريبات التي يقوم بها اعضاء الناتو حاليا تعبر عن الجاهزية القتالية للتدخل ولكن البعض لا يريد تازيم الموقف اكثر ودحرجته الى حافة الهاوية ولذلك امتنع عن المشارك فيها وهذا هو الموقف التركي الحالي.
بعض دول الناتو اظهرت مواقف متشدده تجاه التهديدات الروسية باستخدام سلاح الردع النووي وبالذات بريطانيا التي تهداء احيانا ولكن في معظم الحالات تصعد وتهدد بالنووي ايضا وترسل ثمانية الاف جندي الى شرق اوروبا مع كامل اسلحتهم الخفيفه والثقيلة بحجة التدريب ولكنها بالاصح استعداد للمواجهة، رومانيا وهي عضو في الناتو تجري مناورات مشتركة مع اوكرانيا على الحدود والهدف ربما إقليم ترانسنيستريا في ملدوفا ذات الاغلبية الروسية والذي يوجد فيه مخزن اسلحة طخم من ايام الاتحاد السوفيتي. اما الولايات المتحدة الامريكية قائدة الناتو فموقفها الداعم لاوكرانيا متشدد ولا غبار عليه حيث خصصت المليارات من الدولارات كمساعدات عسكريه واقتصاديه وهيأت نفسها لتقديم المزيد من الدعم العسكري لاوكرانيا مع تشديد العقوبات والضغط على روسيا بدون مهادنة. تصريح رئيس هيئة الاركان للجيش الامريكي كان واضح بان امريكا لن تسمح بهدم النظام العالمي القائم وانها مستعدة لأي احتمال من قبل روسيا وقلل من خطر استخدام روسيا للنووي حيث قال باننا نراقب الامر بدقه وليس لدينا مؤشرات على تحريك روسيا لترسانتها خارج المعتاد. الولايات المتحدة قررت نشر اسلحة صاروخيه وغيرها في معظم مناطق العالم من اوروبا الى المحيط الهاديء كتعبير عن الصرامة وعدم المهادنة والخضوع للإبتزاز . الموقف الاوروبي في الغالب صارم ولكن موقف الولايات المتحده والمملكة المتحده اشد صرامة .
روسيا تتشدد في مواقفها التهديدية على شكل وقاية لان الاجماع الاوروبي والامريكي حولها وتركها في الميدان الاوروبي وحيده عدى بيلوروسيا وحيادية صربيا خيارها الافضل هو التهديد بالسلاح النووي سلاح الردع الاستراتيجي ، ومع ذلك اكيد ان الدبلوماسية الخفية تلعب دورها في التهدئة وفي تجنب الدمار الشامل مهما تشددت المواقف التي يحاول بها كل طرف انتزاع التنازلات من الطرف الاخر او فرملته من اي تهور. وبما ان روسيا لم تحقق انتصار خاطف وساحق ولكنها تمسكت ببعض الاراضي الاوكرانية ولا زالت تتوسع بها والناتو الحق اضرار كثيره بروسيا ولازال لكنه يعي خطورة الموقف الروسي وقد يعمل الجانبان على الخروج من هذا المستنقع عبر الدبلوماسية الخفيه وخروج الجميع بماء الوجه ومع ذلك تشدد الطرفين قد يقود الى الحرب الشامله عند عدم الوصول الى مسافة فاصلة مشتركة تضمن مصالح الجميع ومتفق عليها وهو ما يلوح في الافق اكثر الآن مع ان نسبة هذا الخطر اليوم اقل من امس برغم التصعيد الاعلامي .
د. دحان النجار ديترويت ٢٠٢٢/٤/٣٠م

من صفحة الكاتب على الفيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى