الحرب الاسرائيلية على غزه-ايهما اقرب لبدء الحرب الإقليمية البحر الأحمر ام جنوب لبنان؟

 

أ د / دجان  المجان

منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزه والناس تحبس انفاسها من انفجار الوضع اقليميا وبالذات من جهة جنوب لبنان وحزب الله بالذات كونه راعي محور المقاومة الغير حكومية في المنطقة . حتى إسرائيل نفسها كانت تتوقع انفجار جبهة الشمال بالتزامن مع الهجوم على غزة وعليه أجلت اكثر من نصف مليون مواطن من القرى والمدن والمستوطنات المحاذية للحدود الشمالية وفي نفس الوقت اعدت عدتها لمواجهة الوضع عسكريا ووجهت عدة إنذارات وقائية لحزب الله بالتدمير المبرح ان فكر بمهاجمتها ومع ذلك لم تكن تهديداتها رادعه لحزب الله بقدر ما كان الحشد العسكري الأمريكي الاطلنطي المباشر على ارفع المستويات العسكرية والأمنية كان هو العامل المؤثر الفعلي الذي قاد إلى الالتزام بقواعد الاشتباك الروتيني على الحدود الشمالية لإسرائيل وبانتظار ما تحمله الاحداث في الايام القادمة من معطيات.
ايضا صمود الفلسطينيين في قطاع غزه كان عامل من عوامل التأني في اطلاق عملية تضامنية من الشمال وكانت هناك فرص اخرى ليعبر بها محور المقاومة عن تضامنه مع غزه ومن اهمها جهة اليمن والبحر الأحمر وهي الجبهة التي لم تكن في الحسبان وكانت جبهة مؤلمة أربكت كثير من الحسابات وادّت إلى ان تتدخل أمريكا فيها بشكل مباشر دعما لإسرائيل التي لا تخجل الولايات المتحدة دائما من التعبير عن انها الضامنة لأمنها كان سبب رئيسي قبل الحديث عن حماية الملاحة الدولية في باب المندب التي لم تتعرض فيها للاعتراض اي سفن شحن غير السفن الاسرائيلية والسفن الذاهبة اليها .
إسرائيل بعد إخفاقاتها في قطاع غزة وعدم تحقيق اهداف نتانياهو المبالغ فيها في القطاع ومنها استئصال حماس وكتائب القسام وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية وهو ما تم تحذيره منه حتى من قبل الحليف الاستراتيجي الولايات المتحدة والضغط الداخلي على حكومة اليمين الإسرائيلي بسبب عدم قدرتها على تحرير أسراها وبسبب الضغط الدولي عليها وبالذات من قبل الجماهير في بلدان الغرب الرئيسية الداعمة لها كل هذا وضع إسرائيل في موقف محرج وبداء نتانياهو يبحث عن مخرج آخر بتصدير أزمته إلى الاقليم عبر الجنوب اللبناني اولا.
بداء نتانياهو بتكثيف القصف على الجنوب اللبناني وتخطي الخطوط الحمرا بتدبير اغتيالات هناك للقادة الفلسطينيين كما حصل للعاروري وكذلك لقادة حزب الله انفسهم وتوجيه تهديدات لفظية مباشره ومستفزة بقصد استدراج حزب الله إلى الرد وبالتالي توريط الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب نيابة عن إسرائيل كونها الضامن الامني الاستراتيجي لها. الولايات المتحدة تنبهت لهذا الأمر وبدات بارسال الوساطات إلى لبنان واسرائيل والإقليم بقصد إطفاء فتيل الاشتعال التام للمعركة هنا ك وقامت بسحب احدى حاملات الطائرات كرساله ضمنية بعدم الرغبة في خوض الحرب الإقليمية في الظروف الراهنة إلا انه من غير المستبعد ان تدخل الولايات المتحدة في المعركة بشكل مباشر في حالة انفجارها. بل من المؤكد.
جماعات الضغط داخل الولايات المتحدة الأمريكية لصالح إسرائيل تلعب دورها بالدفع باتجاه تحقيق اهداف نتانياهو لكن في المقابل هناك جماعات ضغط اخرى برغم تواضعها صار لها تاثير على القرار السياسي الأمريكي والتيار الضاغط الأكبر هو تيار الشارع والناخب الأمريكي الذي بداء يعي جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وشراسة الاحتلال الاسرائيلي تجاه الفلسطينيين الذين يصارعون من اجل الخلاص من الاحتلال وتحقيق الاستقلال الوطني وهو الحق الذي تضمنه كل القوانين والأعراف الدولية بغض النظر عن التصنيفات الموسومة بالارهاب كما يصفها المحتل . الشارع والرأي العام الأمريكي يناهض وبنسب عاليه توجه قادته المؤيد بدون حدود لإسرائيل وما ترتكبه بحق الفلسطينيين وهو الرأي الذي سيحدد من يجلس في البيت الأبيض في الايام القادمة وهو الأمر الذي يقلق الرئيس بايدن الذي بداء يتذمر من تصرفات نتانياهو المتهوره.
مجازر غزة لحق المدنيين أدمت الضمير العالمي وتحركت شعوب وحكومات بدافع إنساني للدفاع عن الفلسطينيين ومن ضمنها واهمها تحرك جنوب افريقيا في محكمة العدل الدولية وبداية عملية المحاكمة لإسرائيل وبالطبع بشكل غير مباشر هي محاكمة للولايات المتحدة الأمريكية التي فتحت مخازن ترسانتها العسكرية وخزانتها المالية لتدعيم إسرائيل التي تقتل المدنيين بسلاح أمريكي تم تقديمه لهذه المهمه بشكل خاص.
الولايات المتحدة تحاول تتخذ موقف متشدد تجاه اليمن بحجة حماية الملاحة في البحر الأحمر وهي بالحقيقة اختارت المنطقة الرخوة والأقل كلفة واحتمال باشعال حرب اقليمية شاملة وذلك من اجل ارضاء إسرائيل مقابل ثنيها عن فتح جبهة الجنوب اللبناني الخطيره( مع انها جبهة مؤلمة لإسرائيل اي جبهة الجنوب) وايضاً من اجل تاكيد وجودها العسكري في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي لتحقيق اهداف استراتيجية دولية تمنحها افضلية في التنافس الدولي والإقليمي في المنطقة وبالذات التنافس مع الصين وروسيا وغيرها من القوى المناهضة لها.
الصينيون والروس هم في وضع مريح عندما تتورط الولايات المتحدة الأمريكية عسكريا في النزاعات الإقليمية لان ذلك يحرف أنظارها عن التركيز على مشكلة تايوان واوكرانيا ومحاولة محاصرتهما سياسيا واقتصاديا على المستوى العالمي.
من الواضح ان ايران كراعي اقليمي لمحور المقاومة والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها كقوة دولية مهيمنه لا يريدان انفجار الوضع الشامل في الاقليم لكن عدم قدرة القيادة الأمريكية على كبح جماح نتانياهو الراغب بالتفجير الشامل من اجل إنقاذ نفسه وحكومته وتوريط الولايات المتحدة وحلفائها في حرب بالنيابة عنه كل ذلك ينذر بقرب الانفجار الإقليمي الشامل .
اليوم كلمة حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني وأكبر فصيل مقاوم في المنطقة تدل على ان صبره قد نفذ تجاه تهديدات واستفزازات نتانياهو وان الحزب جاهز للرد وهو الامر الذي ينذر بانفجار الاقليم وربما العالم ان امتدّت الحرب إلى ايران وغيرها.
بالرغم من انفجار الوضع في اليمن وجنوب البحر الأحمر إلا ان جبهة الشمال سيكون لها النصيب الأكبر والمباشر بسرعة انفجار الوضع الإقليمي الشامل والشرارة الام انطلقت من قطاع غزه وتداعى لها اليمن والمنطقة لن تكون بمنأى عنها ان لم يضع اللاعبون الدوليون وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية حدا للتهور الاسرائيلي ومراجعة حساباتهم التحالفية معه وتحقيق نوع من العدالة لصالح الشعب الفلسطيني الشعب الوحيد على هذه المعموره الرازح تحت الاحتلال في القرن الواحد والعشرون.
د. دحان النجار
ميشجان ١٤ من يناير ٢٠٢٤م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى