التوتر بين العملاقين وحروب تشهدها دول أخرى .. أبرز صراعات 2024

 

عين اليمن الحر – متابعات

من غزة والسودان في الشرق الأوسط إلى أوكرانيا في أوروبا وميانمار في آسيا تمتد الصراعات حول العالم والتي من المتوقع أن تستمر في عام 2024، لكن أخطرها التوترات التي تشهدها العلاقة بين العملاقين، الولايات المتحدة والصين.

وبعد تراجعها في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عادت الحروب العسكرية في الزيادة منذ عام 2012 تقريبا والتي اندلعت بسبب الانتفاضات العربية عام 2011، بحسب ما رصدته مجلة “فورين بوليسي” التي أوضحت أنه في جميع أنحاء العالم حاليا، تفشل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراعات والحروب العسكرية، ويسعى المزيد من القادة لتحقيق أهدافهم عسكريا ويعتقد العديد منهم أنهم يستطيعون الإفلات من العقاب.

وفي جميع أنحاء العالم، يموت عدد أكبر من الناس في القتال، أو يُجبرون على ترك منازلهم، أو يحتاجون إلى مساعدات منقذة للحياة مقارنة بعقود مضت من الزمن، بحسب المجلة، مشيرة إلى أنه في بعض ساحات القتال، يكون صنع السلام غير موجود أو لا يؤدي إلى أي مكان.

وتحدثت المجلة عن جانب سلبي حاليا مقارنة بحروب العقود السابقة، وهو تراجع دور الدبلوماسية واقتصارها حاليا على إدارة التداعيات، مثل التفاوض على وصول المساعدات الإنسانية أو تبادل الأسرى، أو إبرام صفقات مثل تلك التي أدت إلى وصول الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق العالمية عبر البحر الأسود.

وترى المجلة أنه رغم أهمية هذه الجهود، إلا أنها ليست بديلاً عن المحادثات السياسية. وأشارت إلى أنه حيثما انتهى القتال، فإن الهدوء لا يرجع إلى إبرام الصفقات الدبلوماسية بقدر ما يرجع إلى النصر في ساحة المعركة. وكما انتهت الحروب في ليبيا وسوريا واليمن، لكن دون تسوية دائمة بين الأطراف، أو حتى دون مسار سياسي واضح. في الواقع، ينتظر المتحاربون في الغالب الفرصة للاستيلاء على المزيد من الأراضي أو السلطة.

وتتمثل جزء من المشكلة، بحسب المجلة، في الخلل السياسي الذي تعاني منه الولايات المتحدة وتأرجحها، وهو ما يؤدي إلى تقلب دورها العالمي. وأوضحت أن انتخابات عام 2024 التي يحتمل أن تكون مثيرة للانقسام والعودة المحتملة للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الذي عادة ما يتوافق مع الرجال الأقوياء ويزدري الحلفاء التقليديين، يجعل العام المقبل مضطربا بشكل خاص.

حرب غزة

وجاءت حرب غزة على رأس قائمة الصراعات والحروب التي رصدتها المجلة باعتبارها متوقع استمرارها في عام 2024.

وذكرت المجلة أنه ربما يكون المنعطف المروع الذي شهدته الأوضاع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية خلال الأشهر القليلة الماضية هو المثال الصارخ لغياب الدبلوماسية والمسارات السياسية.

وأوضحت أن جهود صنع السلام هناك تلاشت منذ سنوات، وتجاهل زعماء العالم ذلك إلى حد كبير. وأبرمت عدة حكومات عربية اتفاقيات بوساطة أميركية مع إسرائيل تجاهلت في الغالب محنة الفلسطينيين.

كما استولت إسرائيل المزيد من الأراضي الفلسطينية، وأصبح المستوطنون يتصرفون بوحشية أكبر من أي وقت مضى، وغالباً ما يتم ذلك بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي. وتلاشت آمال الفلسطينيين في إقامة دولة، كما تضاءلت مصداقية قادتهم الذين اعتمدوا على التعاون مع إسرائيل، وفقا للمجلة.

وأكدت أنه مع عدم وجود تبرير للهجوم الإرهابي الذي شنه مقاتلو حماس، وهي حركة مصنفة إرهابية، في السابع من أكتوبر، لكن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم يبدأ في ذلك اليوم، وغياب الدبلوماسية نتج عنه حاليا تدمير قسم كبير من قطاع غزة ويمكن أن يؤدي ذلك إلى طرد العديد من سكانه، ما قد يمحو الأمل في السلام لجيل كامل.

ووفقا للمجلة، غادر أكثر من 85% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة منازلهم، وفقاً للأمم المتحدة، التي تحذر أيضاً من انهيار النظام العام، والمجاعة، والأمراض المعدية، والتي تقول وكالات الإغاثة إنها قد تودي قريباً بحياة عدد أكبر من الأرواح مقارنة بالعمليات العسكرية. وفر العديد من الفلسطينيين، بعضهم نزحوا عدة مرات، إلى الجنوب إلى مخيمات مؤقتة على طول الحدود المصرية.

ويقول بعض المسؤولين الإسرائيليين صراحة إنهم يأملون أن تدفع الظروف في غزة الفلسطينيين إلى المغادرة، وتنفي إسرائيل أن تكون هذه سياسة رسمية، بحسب المجلة.

لكن في ظل الوضع الحالي، فإن الأرجح، بحسب المجلة، هو أن تستمر العمليات الكبرى لأسابيع وربما أشهر أكثر، تليها حملة متواصلة وأقل كثافة ستبقى خلالها غزة في طي النسيان. ويبدو أن الاحتلال العسكري الموسع أمر محتمل، حتى لو نفى نتانياهو أن هذه هي نيته.

وستسيطر القوات الإسرائيلية على مساحات واسعة من القطاع، وستواصل غاراتها، بينما يتجمع الفلسطينيون في ما يسمى بالمناطق أو المخيمات الآمنة، التي تبقيها على قيد الحياة إلى أقصى حد ممكن من قبل الوكالات الإنسانية.

وتتوقع المجلة أن تزداد الظروف سوءا، موضحة أنه رغم تصميم مصر على إبقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، فإنه ليس من المبالغة أن نتخيل عبور اللاجئين، خاصة إذا استمرت الحملة وامتد الهجوم الإسرائيلي إلى العمليات البرية والقصف العنيف لمدينة رفح الحدودية.

وقد ينظر الفلسطينيون وجزء كبير من العالم العربي إلى ذلك على أنه تكرار لنكبة عام 1948، وانتهى الأمر بالعديد منهم في غزة أو البلدان المجاورة.

وفي عموم الأمر، ذكرت المجلة أن استمرار الحرب لا يعني بداية الجهود الرامية إلى إحياء عملية السلام، كما يزعم بعض زعماء الغرب، بل يعني نهاية أي مسار سياسي معروف.

حرب الشرق الأوسط الأوسع

لا إيران وحلفاؤها من غير الدول، ولا الولايات المتحدة وإسرائيل، يريدون مواجهة إقليمية، لكن هناك العديد من الطرق التي قد تؤدي بها الحرب بين إسرائيل وحماس إلى إشعال فتيل تلك المواجهة، بحسب المجلة.

وفي بعض النواحي، تصب الحرب في غزة في مصلحة إيران، كما ذكرت المجلة، موضحة أنه في الوقت الحالي تم تجميد الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة والذي لم يعجب إيران، والذي كان من شأنه أن يؤدي إلى قيام السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، العدو اللدود لطهران.

كما كشفت الحرب عن مدى وصول ما يسمى بمحور المقاومة، وهو عبارة عن مجموعة من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، أبرزها حزب الله في لبنان، وميليشيات مختلفة في العراق وسوريا، والحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى جماعتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، إلى أكثر من 100 دولة. وتمارس طهران درجات متفاوتة من السيطرة عليهم.

وأوضحت أن هذه الجماعات نجحت في إشعال الأوضاع عندما دخلت القوات البرية الإسرائيلية غزة ثم في التهدئة أثناء الهدنة التي دامت أسبوعاً في غزة عندما تم تبادل الرهائن والأسرى على نحو يظهر أنها قادرة على العمل بشكل منسق. وترحب طهران بتصاعد الغضب الموجه ضد إسرائيل والولايات المتحدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

لكن الحرب تأتي في وقت سيء بالنسبة لطهران، بحسب المجلة التي أوضحت أن علاقاتها مع واشنطن كانت قد هدأت بعد فترة من الغضب الغربي من قمع النظام للاحتجاجات في أواخر عام 2022 وتسليم الأسلحة إلى روسيا.

وفي أغسطس، تبادلت الولايات المتحدة وإيران المحتجزين، بالتوازي مع تفاهم ضمني يقضي بإثناء طهران للميليشيات العراقية والسورية عن استهداف القوات الأميركية، وإبطاء التطوير النووي، والتعاون بشكل أفضل مع المفتشين، مقابل تخفيف الحكومة الأميركية لتطبيق العقوبات لمساعدة الاقتصاد الإيراني المنهك، حسبما ورد، لكن هذا الترتيب أصبح الآن في حالة يرثى لها.

كما أن الحرب في غزة تضع إيران في مأزق، بحسب المجلة التي أوضحت أن طهران لا تريد أن تعرض حزب الله للخطر، وهو حليف تعتبره محوريا فيما تسميه “الدفاع الأمامي”، أي الردع ضد أي هجوم على إيران نفسها من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة.

ومع ذلك، بعد أن ادعت لسنوات دعم القضية الفلسطينية، تشعر إيران وحلفاؤها بالضغط لحملهم على التحرك. ويقال إن طهران منزعجة من أن حماس، التي تمولها وتسلحها، شنت هجوم 7 أكتوبرعندما فعلت ذلك. وفي المقابل، تبدو حماس محبطة لأن إيران لا تقدم المزيد من المساعدة.

أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن آخر ما يريده بايدن هو حرب أكبر في الشرق الأوسط عندما يحاول دعم أوكرانيا، واحتواء الصين، وتنظيم حملة لإعادة انتخابه.

وتتوقع المجلة أنه رغم أن أياً من الطرفين لا يريد الحرب، فإن الكثير من الأمور قد تسوء، خاصة مع استمرار الحملة الإسرائيلية على غزة. وأوضحت أنه أي هجوم، سواء على الحدود اللبنانية، أو في العراق أو سوريا، أو البحر الأحمر أو الخليج العربي، يؤدي إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين أو الأفراد الأميركيين، من شأنه أن يخاطر بإثارة دوامة من الضربات الانتقامية.

ووفقا للمجلة، إذا تحركت إسرائيل ضد حزب الله، فمن شبه المؤكد أن حرباً مثل حرب عام 2006 ستؤدي إلى مواجهة أوسع نطاقاً نظراً لحشد إيران في المنطقة، وقد ينتهي الأمر باستدراج الولايات المتحدة.

وبما أن المسؤولين الأميركيين يرون في الغالب أن الدبلوماسية مع طهران سامة، فإن اقتراب إيران من العتبة النووية لن يقدم لواشنطن سوى خيارات محدودة، وهي قبول خصم مرير يمتلك قدرة نووية سعت الإدارات المتعاقبة إلى منعه، أو محاولة إعادته إلى الوراء من خلال القوة، وهو ما ومن شبه المؤكد أن يؤدي ذلك إلى اندلاع المواجهة الإقليمية التي تريد معظم واشنطن تجنبها، بحسب المجلة.

السودان

في أبريل، اندلع الصراع بين فصيلين عسكريين سودانيين، وهما الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، وتحول إلى حرب شاملة. وأدى قتالهم منذ ذلك الحين إلى مقتل الآلاف من الأشخاص، وتشريد ملايين آخرين، ووضع السودان على حافة الانهيار. وبينما يخيم شبح الإبادة الجماعية مرة أخرى على منطقة دارفور الغربية، فإن قوات الدعم السريع، المسؤولة عن الكثير من عمليات القتل، قد تكون على وشك الاستيلاء على البلاد، بحسب المجلة.

وتحدثت المجلة عن التدخل الخارجي في الصراع، موضحة أن التقارير تشير إلى أن قوات الدعم السريع تحصل على أسلحة من الإمارات، حيث قاتلت قوات حميدتي مع الإماراتيين في اليمن، في حين أن الجيش مدعوم بشكل أساسي من مصر.

ووفقا للمجلة، فبينما تتقدم قوات الدعم السريع شرقاً، أعرب دبلوماسيون أفارقة وعرب وغربيون عن مخاوفهم من أن رغبة الإمارات في الوصول إلى البحر الأحمر قد تلعب دوراً. ومن غير الواضح ما إذا كان الجيش قادراً على إعادة تجميع صفوفه بما يكفي لوقف زخم قوات الدعم السريع.

وفي حين أن الجنرالات والإسلاميين المتحالفين معهم في عهد  الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، والذين اعتمد عليهم الجيش للحصول على الدعم والذين يشعرون أنهم سيخسرون أكثر من أي اتفاق، قاوموا محادثات السلام منذ فترة طويلة، إلا أن هناك دلائل على أنهم يائسون بشكل متزايد لإيجاد مخرج. لكن كلما زاد ضعف الجيش، قل ما يقدمه حميدتي، وفقا للمجلة.

أما بالنسبة لجهود صنع السلام، فقد اجتمع ممثلو الطرفين داخل وخارج مدينة جدة بالسعودية، لكن لم يتفاوض أي منهما بحسن نية. وقد استبعدت الرياض وواشنطن، اللتان عقدتا المحادثات، دولا أخرى، بما في ذلك أبو ظبي والقاهرة، التي تلعب دورا حاسما في كبح جماح المتحاربين، بحسب المجلة.

وفي ديسمبر، ذكرت المجلة أن واشنطن حولت دعمها إلى حملة من جانب رؤساء الدول الأفريقية لجمع البرهان وحميدتي معًا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وأعرب الزعيمان عن استعدادهما للاجتماع، لكن من غير الواضح ما إذا كانا مستعدين للقيام بذلك، وقد فشلت المحادثات المقرر إجراؤها في 28 ديسمبر.

والتحدي الآخر كما أشارت المجلة هو أن الدبلوماسيين الأميركيين كانوا حذرين لعدة أشهر من إبرام صفقة بين حميدتي والبرهان خوفًا من إثارة غضب السودانيين الذين يريدون رؤية ظهور القادة الذين دفعوا البلاد إلى الخراب.

ومع ذلك، ترجح المجلة أن يكون مثل هذا الاتفاق خطوة أولى ضرورية. وفي حين أنه يجب توسيع أي وقف لإطلاق النار ليشمل الآخرين والعودة إلى الحكم المدني، فإن قوات الدعم السريع والجيش لن يتوقفوا عن القتال دون أن يكون لهم رأي في ما سيأتي بعد ذلك.

وترى المجلة أنه هناك حاجة أكثر إلحاحاً إلى الدبلوماسية، حيث من الممكن أن يتردد صدى انهيار السودان لعقود من الزمن في جميع أنحاء مناطق الساحل والقرن الأفريقي والبحر الأحمر.

أوكرانيا

لقد تحولت الحرب الروسية الأوكرانية إلى لعبة كرة قدم سياسية في واشنطن، لكن ما يحدث على أرض المعركة سوف يحدد أمن أوروبا في المستقبل، بحسب المجلة.

ووفقا للمجلة، فإن الجبهة التي يبلغ طولها 600 ميل بالكاد تتحرك، فقد تضاءل الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا، ولم يحقق جيشها سوى القليل على الأرض، ناهيك عن اختراق الدفاعات الروسية في الجنوب، وهو ما كانت تطمح إليه كييف. ويخشى الجنرالات الأوكرانيون من هجوم روسي في الشرق أو الشمال، رغم أن محاولة روسيا في أواخر عام 2023 للاستيلاء على مدينة أفدييفكا الشرقية واجهت مقاومة شرسة، ما يشير إلى أن أي تقدم روسي سيكون صعبا، شريطة أن يكون لدى أوكرانيا ما يكفي من الأسلحة.

ويحسب الكرملين، فإن الوقت في صالحه، لأن روسيا في حالة حرب، حيث تقوم بتوسيع جيشها وتنفق بشكل كبير على الأسلحة، وفقا للمجلة.

وأوضحت أنه على الرغم من العقوبات الغربية، صدرت موسكو ما يكفي، بفضل أرباح الطاقة غير المتوقعة، لإبقاء خزانة الحرب ممتلئة بينما تستورد ما يكفي لإبقاء مصانع الأسلحة تعمل على مدار الساعة.

وفي الوقت نفسه، ترى المجلة أنه لا يوجد ما يشير إلى أن المفاوضات مع الكرملين توفر مخرجاً. وبغض النظر عن السابقة القاتمة المتمثلة في حصول موسكو على الأراضي من خلال الغزو، فإن أياً من الطرفين ليس مستعداً لتقديم تنازلات. وبينما يقول المسؤولون الروس إنهم سيتحدثون، فإن القنوات الخلفية المؤدية إلى موسكو والتصريحات العامة للكرملين تشير إلى أن أهدافها تظل كما هي عندما شنت حربها الشاملة. فهي لا تريد الأرض فحسب، بل إنها تريد أيضاً استسلام أوكرانيا وتجريدها من السلاح في ظل حكومة خاضعة.

أما بالنسبة للقادة الأوكرانيين، ترى المجلة أنهم عازمون على القتال مع أو بدون دعم الولايات المتحدة، لأن أي اتفاق مع روسيا، بل وربما الجلوس للحديث في هذه الظروف، يمكن أن يكلف زيلينسكي وظيفته.

وذكرت المجلة أن الكرملين لديه كل الدوافع للانتظار ورؤية ما إذا كان ترامب سينتصر وستظهر فرص أفضل. وفي ظل الظروف الحالية، يبدو من غير المرجح أن يستقر بوتين على ما هو عليه الآن.

لذلك ترى المجلة أن توقف الحرب لا يزال يبدو بعيد المنال. ورغم أن بعض الأميركيين يشعرون بالغضب إزاء تكلفة المساعدات، فإن مساعدة أوكرانيا على الأقل في الحفاظ على خطها أمر يستحق القيام به. ومن جانبها، يتعين على أوروبا، التي يرى العديد من قادتها أن الحرب أمر وجودي، أن تتحمل المزيد من العبء، مهما حدث في واشنطن.

وإذا غزت موسكو المزيد من أوكرانيا، فليس من المبالغة أن نتصور أن أجزاء من الجمهوريات السوفيتية السابقة الأخرى ستكون التالية على قائمة بوتين، بحسب المجلة.

أميركا والصين

سعى الاجتماع الذي عقد في نوفمبر بين الرئيس الأميركي، جو بايدن، ونظيره الصيني، شي جين بينغ، إلى إعادة ضبط ما كان بمثابة تراجع حاد في العلاقات بين البلدين.

لكن مصالحهما الأساسية لا تزال تتصادم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وقد تكون الانتخابات التايوانية والتوترات في بحر الصين الجنوبي بمثابة اختبار لذوبان الجليد.

وتسعى بكين وواشنطن منذ بعض الوقت لتهدئة التوترات. ويريد شي التركيز على الاقتصاد الصيني المتعثر ومنع فرض المزيد من القيود التجارية الأميركية، حيث شددت واشنطن مؤخرا القيود المفروضة على بيع التكنولوجيا المتطورة للصين، إضافة إلى مجموعة من التعريفات والقيود الأخرى.

وتريد إدارة بايدن بعض الهدوء قبل الانتخابات الرئاسية التي ستجري في نوفمبر 2024، وهذا يمكن واشنطن من لطمأنة العواصم الأخرى القلقة بشأن العداء بين العملاقين بأن الولايات المتحدة تستطيع إدارة المنافسة بشكل مسؤول.

ميانمار

يشكل هجوم المتمردين الذي أدى إلى طرد الجيش من مناطق في شمال شرق ميانمار والقتال في أماكن أخرى أكبر تهديد حتى الآن للمجلس العسكري الذي استولى على السلطة قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، بحسب المجلة.

ووفقا للمجلة، على مدار عام 2023، ظهر نمط قاتم، فقد شنت قوات المقاومة، وهي ميليشيات متباينة نشأت من احتجاجات ما بعد الانقلاب التي سحقها المجلس العسكري، كمائن في أنحاء واسعة من البلاد. واستخدم جيش ميانمار الغارات الجوية والمدفعية والوحدات المتنقلة لإخماد الانتفاضة ومعاقبة المدنيين.

وأوضحت أنه للمرة الأولى منذ عقود، اجتاح العنف ميانمار واستهدف الجيش أفراداً من أغلبية بامار، مستخدماً نفس التكتيكات الوحشية التي استخدمها منذ فترة طويلة ضد الجماعات العرقية المسلحة في المرتفعات.

ومن جانبها، كان رد فعل الجماعات العرقية المسلحة بطرق مختلفة على الانقلاب، وقامت بعض خلايا المقاومة بتدريبها وتزويدها بالسلاح وإيواء قادتها، بحسب المجلة.

وذكرت أن قِلة من هذه الأحزاب أقامت تحالفات أوثق مع حكومة الوحدة الوطنية، وهي هيئة معارضة تتألف في أغلبها من مشرعين مخلوعين، بما في ذلك كثيرون من حزب الزعيمة المدنية المخلوعة أونغ سان سو تشي، التي سجنتها المؤسسة العسكرية. وبقي آخرون على الهامش أو تمسكوا بوقف إطلاق النار مع الجيش.

والصين جزء من القصة، بحسب المجلة، موضحة أن بكين تريد اتخاذ إجراءات صارمة ضد مراكز الاحتيال عبر الإنترنت، التي يديرها مجرمون عابرون للحدود الوطنية، والتي انتشرت في جميع أنحاء منطقة ميكونغ. وأعربت عن حزنها لأن المجلس العسكري والقوات شبه العسكرية المتحالفة معه لم يغلقوا المراكز في المنطقة الحدودية التي يسيطرون عليها.

وعلى نطاق أوسع، لا يزال الرئيس الصيني شي جين بينغ يشعر بالاستياء من استيلاء الجيش على السلطة في عام 2021. وقد أدت الفوضى التي تلت ذلك إلى وقف المشاريع العملاقة التي خططت لها الصين في ميانمار، بحسب المجلة.

وكان شي معجباً بأونغ سان سو تشي، التي أقامت علاقات عمل جيدة مع بكين. فهو لا يثق في جيش ميانمار، وخاصة زعيم الانقلاب مين أونغ هلاينغ، الذي يحمل مشاعر قوية معادية للصين، نظرًا لدعم بكين للجماعات العرقية المسلحة في شمال شرق ميانمار.

وفي الوقت الحالي، يبدو من المرجح أن المجلس العسكري سيصمد. وفي حين يُظهِر العديد من أفراد قبيلة بامار تعاطفاً جديداً مع الأقليات في ميانمار، بعد أن ذاقوا هم أنفسهم الآن وحشية المؤسسة العسكرية، فمن غير المرجح، بحسب المجلة، أن تتجمع الجماعات المسلحة العرقية العديدة في البلاد وقوات المقاومة بعد الانقلاب.

ومع ذلك، يواجه النظام أعداءً على عدة جبهات، حيث أعاد الانقلاب البلاد عقودًا إلى الوراء، وانهارت أنظمة الصحة والتعليم، وارتفعت معدلات الفقر بشكل كبير، وانهارت العملة. ونزح أكثر من 2.5 مليون شخص داخليا، بالإضافة إلى مئات الآلاف من الروهينغا الذين طردهم الجيش في عام 2017،. ومن الصعب أن نرى انتهاء الأزمة في أي وقت قريب، بحسب المجلة.

أثيوبيا

بدأت إثيوبيا عام 2023 بأخبار جيدة لكنها أنهتها بالكثير مما يدعو للخوف. وفي بداية العام، كانت الحرب الوحشية التي تركزت في منطقة تيغراي في أقصى شمال البلاد على وشك الانتهاء. وأدى القتال الذي دار بين متمردي تيغراي والقوات الفيدرالية، إلى جانب الميليشيات من منطقة أمهرة، المتاخمة لتيغراي، والقوات الإريترية، إلى مقتل مئات الآلاف من الأشخاص، وفقًا لبعض التقديرات، وقطع الغذاء والخدمات عن عدد لا يحصى من الأشخاص، بحسب المجلة.

ووفقا لـ”فورين بوليسي”، كانت قوات تيغراي على وشك الزحف نحو العاصمة أديس أبابا قبل أن تتراجع بسرعة. ثم قامت القوات الفيدرالية بتطويق سكان تيغراي تدريجياً، وأبرم رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد اتفاقاً مع زعماء المنطقة لتعزيز فوزه. وقد جلب اتفاق نوفمبر 2022 الراحة لتيغراي، لكنها مهدت الطريق للقتال في أماكن أخرى.

وأوضحت أنه في أغسطس، استولى متمردو أمهرة لفترة وجيزة على أجزاء من البلدات في تلك المنطقة قبل أن يتم هزيمتهم. وتصاعدت التوترات منذ فترة طويلة بين أبي وأمهرة، الذين دعموه عندما تولى السلطة في عام 2018 قبل أن يقاتل إلى جانب القوات الفيدرالية في تيغراي.

وتعود الأزمة بحسب المجلة إلى أن الأمهريين يشعرون بالاستياء من الوفاق الذي توصل إليه آبي مع تيغراي، ويشعرون بالقلق من أنه سيعيد الأراضي المتنازع عليها منذ فترة طويلة، و المعروفة باسم ويلكيت-تسيجيدي، إلى الأمهرة وتيجراي الغربية إلى سكان تيغراي، التي استولت عليها ميليشيات الأمهرة خلال الحرب. كما يتهمون حكومة آبي بالانحياز بشكل عام إلى مصالح الأورومو ضد الأمهرة. ولا تخضع أجزاء كبيرة من ولاية أمهرة للحكم بشكل أساسي، نظرا للرفض الشعبي لكوادر الحزب الحاكم المتحالف مع آبي أحمد والذي يدير المنطقة.

وأشارت المجلة إلى أن أمهرة ليست مصدر الصداع الوحيد لأبي أحمد، إذ يواجه تمردا راسخا من متمردي الأورومو القوميين في ولايته الأصلية. ورغم أن المحادثات في تنزانيا أحرزت تقدما، لكن الجانبين فشلا في التوصل إلى اتفاق، وهو ما يفسر جزئيا الثورات في أقوى ثلاث مناطق في إثيوبيا، هم أمهرة، وأوروميا، وتيغراي.

ولذلك أصبح على آبي أن ينهي حربي أمهرة وأوروميا مع الحفاظ على السلام في تيغراي، وكذلك يجب عليه أيضًا بناء توافق في الآراء بشأن التسوية الأوسع التي تحتاجها إثيوبيا بينما تتوتر العلاقات بين الأعراق. ومما يزيد من تفاقم التحديات أن اقتصاد إثيوبيا يمر بضائقة. ومن الممكن أن يؤدي المزيد من الشباب المنعزلين إلى تغذية المزيد من عدم الاستقرار، وفقا للمجلة.

ويشكل توتر العلاقات بين آبي والرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، خطراً آخر بحسب المجلة، إذ كان أسياس أيضًا منزعجًا من صفقة آبي أحمد مع تيغراي، حيث نشر قوات على أمل التعامل مع خصومه القدامى، ومنهم إريتريا التي خاضت حربًا حدودية استمرت 20 عامًا مع إثيوبيا بينما كان التيغراي يسيطرون على أديس أبابا.

وتصاعدت التوترات في أكتوبر، بحسب المجلة، عندما أكد آبي على “حق” إثيوبيا في الوصول إلى البحر، مؤكدا على مطالباتها التاريخية بساحل البحر الأحمر. ورأى الزعماء الإقليميون أن تصريحاته، التي طالما عبر عنها آبي أحمد على انفراد، بمثابة تهديد ضمني للاستيلاء على جزء من إريتريا، التي ترك انفصالها عن إثيوبيا عام 1991 الأخيرة غير ساحلية.

ومنذ ذلك الحين، وعد آبي علنًا بعدم الغزو، لكن دون تخفيف التوترات، وفقا للمجلة التي أوضحت أنه ربما لا تخطط إثيوبيا لعمل عسكري وشيك، لكن مع ارتفاع مستوى انعدام الثقة وقيام الجانبين بحشد القوات وتكديس الأسلحة، فإن الاشتباكات العرضية تحمل خطر إشعال مواجهة ذات تكاليف مذهلة.

الساحل

في عام 2023، أطاح جيش النيجر بمحمد بازوم، الرئيس الإصلاحي الصديق للغرب، ما عزز حكم الجيش في جميع أنحاء منطقة الساحل بعد الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو. ووعد الضباط الموجودون في السلطة بالحد من أعمال العنف، لكن بالإضافة إلى تبديل الشركاء الأجانب وشراء أسلحة جديدة، لم يقدموا سوى القليل من الأفكار الجديدة، وبدلاً من ذلك كثفوا الهجمات التي فشلت منذ سنوات، وفقا للمجلة.

وتبشر موجة الانقلابات بفصل جديد في أزمة يعود تاريخها إلى عام 2012 على الأقل، بحسب المجلة. وفي ذلك الوقت، استولى متمردو الطوارق شبه الرحل، جنبا إلى جنب مع المقاتلين المرتبطين بتنظيم القاعدة، على شمال مالي. ثم تخلى المقاتلون عن شركائهم السابقين، وسيطروا على الشمال لجزء كبير من العام قبل أن يتم صدهم على يد قوة تقودها فرنسا.

وفي عام 2015، وقعت عدة جماعات مسلحة من شمال مالي، بما في ذلك المتمردين والعناصر الموالية للحكومة، اتفاق سلام مع باماكو. ونص هذا الاتفاق على نقل السلطة، وتطوير الشمال، وضم بعض الجماعات المسلحة إلى الجيش.

لكن السلطات الجديدة تلجأ إلى النهج العسكري أولا، وهو ما يشبه في كثير من النواحي ما حدث من قبل، لكن الآن يوجد المزيد من المدنيين في خط النار وجميع الأطراف أيديهم ملطخة بالدماء. وتتورط قوات فاغنر في انتهاكات وحشية بشكل خاص في مالي، وفقا للمجلة.

وذكرت أن المجلس العسكري في بوركينا فاسو كثف من تسليح أو تنظيم القوات غير النظامية، وتشير التقارير إلى أن هذه القوات والجيش ومقاتلي القاعدة ارتكبوا عمليات قتل جماعي. بالإضافة إلى ذلك، إذا لم تكن محاربة مقاتليي القاعدة كافية، فقد اختار قادة مالي معركة أخرى مع بعض الموقعين على اتفاق السلام لعام 2015.

وفي أواخر عام 2023، انتقل الجيش إلى كيدال، مقر المتمردين الطوارق رغم أن العديد من الطوارق انضموا أيضًا إلى الجماعات الموالية للحكومة والجهادية وكذلك الانفصالية، وقاتل المتمردين أثناء زحفهم واحتلال قواعد الأمم المتحدة التي تم إخلاؤها حديثًا.

وترى المجلة أن ما سيأتي بعد ذلك غير مؤكد، ويعتقد قادة الجيش أن تقدمهم نحو كيدال كان بمثابة انتصار رمزي مهم، إذ استعادوا السيطرة على الأراضي التي ظلت لسنوات محظورة، وأدى إلى أكثر من سنوات من المحادثات. ويعتقدون أن المعدات الجديدة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار من تركيا، تمنحهم ميزة.

وأوضح أن المتمردين تراجعوا، لكن مع خبرتهم الواسعة في حرب العصابات، يبدو من غير المرجح أن يستسلموا بهدوء. وبعض المتمردين لديهم روابط عائلية مع زعيم تنظيم القاعدة المحلي، إياد آغ غالي، وهو انفصالي سابق من الطوارق تحول إلى مقاتل، والذي يقدم نفسه الآن على أنه بطل ضد الجيش وفاغنر. ووسع فرع محلي لتنظيم داعش، يقاتل الجيش وتنظيم القاعدة، نطاق وصوله إلى شمال مالي. وبالتالي فإن غزو المجلس العسكري شمالاً قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تجديد صفوف الجهاديين، وفقا للمجلة.

وفي النهاية، من يتولى السلطة في منطقة الساحل، سيتعين عليه أن يفعل أكثر من مجرد القتال. ويجب على باماكو أن تستخدم مكاسبها في كيدال للتوصل إلى اتفاق جديد مع المتمردين، بحسب المجلة.

وحتى مع مقاتلي القاعدة، وعلى الرغم من إصرارهم على فرض الشريعة الإسلامية الصارمة، فقد نجحت اتفاقيات وقف إطلاق النار المحلية في تهدئة أعمال العنف في الماضي، والمفاوضات تستحق المحاولة. قد تحقق الهجمات مكاسب قصيرة المدى، لكن السلام بمرور الوقت يعتمد على الحوار وعقد الصفقات، بحسب “فورين بوليسي”.

هايتي

يأمل الهايتيون أن تتمكن القوات الأجنبية، التي من المقرر أن تصل في وقت مبكر من عام 2024، من التصدي للعصابات العنيفة التي مزقت البلاد على مدى السنوات القليلة الماضية.

لكن الشرطة الكينية التي من المقرر أن تقود المهمة المخطط لها قد تعثرت في مواجهة الجماعات المسلحة المدججة بالسلاح في مدن الصفيح المزدحمة، خاصة في ضوء الفوضى التي تعاني منها السياسة في هايتي.

منذ مقتل الرئيس، جوفينيل مويز، في يوليو 2021، انتشر عنف العصابات في هايتي. ويسيطر المجرمون على جزء كبير من العاصمة بورت أو برنس، وكذلك المناطق الواقعة إلى الشمال، وخاصة وادي أرتيبونيت.

وقد أدت حروب النفوذ الوحشية – حيث تتقاتل العصابات فيما بينها وتعذب المدنيين – إلى نزوح عشرات الآلاف من منازلهم، ويلجأ بعضهم إلى مخيمات النزوح المؤقتة حيث قد يواجهون مخاطر مماثلة لتلك التي فروا منها، بما في ذلك العنف الجنسي.

ويحتاج ما يقرب من نصف سكان هايتي، أي نحو 5.2 مليون نسمة، إلى مساعدات منقذة للحياة. وقد أدت هجمات  العصابات إلى المزيد من العنف.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الهايتيين يشعرون باليأس إلى حد أنهم يدعمون وصول القوات الأجنبية، على الرغم من السجل السيئ للبعثات الدولية السابقة.

أرمينيا وأذربيجان

في 2023، أدى الهجوم الخاطف الذي شنته أذربيجان في ناغورني قره باغ إلى النزوح الجماعي للسكان.

والسؤال هذا العام هو ما إذا كانت أذربيجان ستذهب إلى أبعد من ذلك، أو، مع أن المحادثات في أواخر عام 2023 يبدو أنها تسفر عن بعض التقدم، فستجد هي وأرمينيا أخيرا طريقة للسلام.

يبدو أن عملية ناغورني قره باغ التي نفذتها أذربيجان تنهي، على الأقل في الوقت الراهن، صراعا دام عقودا من الزمن حول الجيب المتنازع عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى