أحداث المنيا … عندما تحل الجلسات العرفية محل القضاء وتقرر تهجيرا قسريا لأحد طرفي النزاع

البابا توادروس الثاني، بابا الكنيسة القبطية في مصر AP – Amr Nabil
عين اليمن الحر – موتكارلو
أثارت الأحداث في محافظة المنيا اهتماما كبيرا على شبكة التواصل الاجتماعي المصرية، وتكمن المفارقة في أن أجهزة الإعلام التقليدية تجنبت التعرض للموضوع في بداياته، منتظرة صدور ردود فعل رسمية لتناول هذه الأحداث.
بدأت القصة في قرية “نزلة الجلف”، وهي قرية صغيرة في محافظة المنيا مع علاقة عاطفية بين شاب قبطي في الـ18 من العمر وفتاة مسلمة في الـ16، وتطورت الأمور بصورة سريعة لتتحول لأزمة طائفية وامنية.
وعندما لاحظت أسرة الفتاة اختفائها، بحثت عنها، وهنا تبرز روايتان، تقول الأولى بأن الفتاة فقدت وعيها في دكان للبقالة وأن الشاب المسيحي حملها إلى منزل عائلته، بينما تقول الرواية الثانية بأن الفتاة المسلمة هي صديقة الشاب المسيحي، وعلى علاقة عاطفية معه، وذهبت إلى منزل أسرته برضاها.
بصرف النظر، عن الرواية الصحيحة فقد أشعلت القصة الأجواء في قرية “وادي الجلف”، وتم تنظيم مسيرات غاضبة بشوارع القرية، ورشق منازل مسيحيها بالطوب، وحرق عدد من عشش الأسر القبطية بالأراضي الزراعية. وألقت السلطات الأمنية القبض على الشاب القبطي وعدد ممن شاركوا في أعمال العنف.
جلسة عرفية
عقد عمدة القرية جلسة عرفية، ضمت عددا من وجهاء القرية، بحضور موظفين حكوميين وبعض القيادات المحلية، وكان الهدف الرسمي المعلن لهذه الجلسة هو “تهدئة الأوضاع”.
ولكن لجنة التحكيم العرفي قررت
- تغريم أسرة الشاب القبطيتمييز مليون جنيه
- وضع شرط جزائي بمليوني جنيه على الطرف المخل بالاتفاق
- استكمال إجراءات قضائية ضد الشاب القبطي
- الامتناع عن النشر على وسائل التواصل الاجتماعي
- تهجير أسرة الشاب المسيحي وجده من القرية وبيع ممتلكاتهم، ولم تتم تلاوة هذا القرار، ولكن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تأكدت من وجوده في قرارات المجلس العرفي
وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في بيان لها “ينص الدستور المصري في مادته 95 على أن العقوبة شخصية، فلا يجوز توقيع العقوبة إلا على الشخص الذي أدين بارتكاب مخالفة أو جريمة، لكن بالنسبة إلى محاكم الجلسات العرفية، فقد فُرضت ألوان مختلفة من العقاب الجماعي لأسباب عائلية ودينية”، مشيرة إلى أن الدستور المصري نص في مادته (63) على حظر “التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله”.
أصداء في البرلمان المصري
قدمت النائبة مها عبد الناصر، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بطلب إحاطة موجّه إلى رئيس الحكومة ووزراء الداخلية والعدل والتنمية المحلية، مطالبةً بالتحقيق في الواقعة التي وصفتها بـ”الجريمة ضد هيبة الدولة وسيادة القانون”، واعتبرت النائبة في بيانها أن ما جرى يشكل عودة غير مقبولة لظاهرة الجلسات العرفية التي تكرّس الفتنة وتُضعف مؤسسات العدالة، مشيرة إلى أن “ما حدث هو تهجير قسري لأسرة مصرية على أساس ديني، وفرض عقوبة جماعية من خارج إطار القانون، دون تدخل فاعل من أجهزة الدولة لوقف هذه الانتهاكات”.
كما قدم الدكتور فريدي البياضي، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، طلب إحاطة عاجل موجّه إلى كل من رئيس الحكومة، ووزراء الداخلية، والعدل، والتنمية المحلية، بشأن الجلسة العرفية المخالفة للقانون التي تسببت في تهجير أسرة قبطية وفرض عقوبات جماعية خارج إطار الدستور والقانون.
وزارة الداخلية تنتقد من تحدثوا عن أزمة طائفية
أصدرت وزارة الداخلية المصرية بيانا، رفضت فيه أي أبعاد طائفية لما حدث، معتبرة أن الأمر يعود إلى مشاجرة وقعت بين عائلتين نتيجة ارتباط فتاة بأحد أبناء العائلة الأخرى، وقالت الوزارة إن البعض حاول “إضفاء الأبعاد الطائفية حيال الواقعة لاختلاف الديانة” … “وبالعرض على النيابة العامة قررت حبس الشاب على ذمة القضية”.
وحذرت الوزارة من “محاولات البعض استغلال الواقعة للنيل من حالة الترابط الأخوي بين عنصري الأمة، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بشكل حاسم حيالهم”.
محافظة المنيا والأحداث الطائفية
تتكرر الاعتداءات الطائفية في محافظة المنيا، حتى أن البعض أطلق على المنيا تسمية “عاصمة الحوادث الطائفية في مصر“، ومن أشهر هذه الحوادث ما وقع في قرية الكرم في محافظة المنيا، عام 2016، عندما وقعت اشتباكات طائفية مشابهة، إثر انتشار شائعات حول علاقة عاطفية تربط بين رجل قبطي متزوج وربة منزل مسلمة متزوجة، حيث قام 3 رجال بالاعتداء على سعاد ثابت والدة الرجل المتهم، وهي سيدة في السبعين من العمر، بتعريتها بعد تمزيق كامل ملابسها وضربها أمام منزلها وحرق المنزل، واشتهرت المجني عليها باسم “سيدة الكرم”.




