مدينة بلباس البؤس
مروى محمود
في أحد شوراع الضياع.
في مدينة حاصرتها أشباح الظلام.
أحاطوها
بـ أسوار من الحقد
وطين الكراهية
جعلوا من رونقها قبوراً لأبنائها
محترقةً إثر دخان الأسى الداكن
سماؤها ليست كـ باقي السماوات
لونها أزرق
تبزغ نوراً
وتنبثق فيها شمس
بل تحولت سماءها الي باكية ثكلى
تبكي فلذاتها عند كل روح تزهق
وهواءها ملوث بإنفاس الذئاب
تلهث حين تتعطش للدم
وبقايا ماء أصبح لونه مغبر
بعد أن أختلط بها لعابها
مدينة أجتاحتها ألاوجاع
من كل ركن وزاوية
مشيت وقلبي يرتجف حائرا مترددا
في كل خطوة كنت أرى الحزن
من منبعه
وكل حائط يرسم تفاصيل حكاية مأساتة الخاصة لإنسانية منكوبة …. فى مساء تلك الليلة الشاتية
وتحت زخات مطراً قد تغيرت نكهته
وصوت رعد يصخب به المكان الموحش
وضوء البرق يكاد يخطف ألابصار
حاولت أن أسيطر على ما بقي من هدوئى
بعد كل مارأيته
لكنى لم أستطع الصمود أمام تلك ألاشلاء المتعفنة فى بركة من الدم
المختلط بأنين المكان
زاغ بصري على شيء بالقرب من بقايا منزل
أقتربت منه والفضول يتملكني
لـ أعرف ماهو!
فاذا به طفلاُ صغير لم يتعدى العاشره من عمره يجلس وحيداً بين ظلام الياس والانين
وفى جفونة قصة بؤس لاينتهي
نظرت اليه وبصدري بركان يثور اسئ
لم أملك الشجاعة لاقترب منه أحضنه وأخبره بأن كل شي بخير
كيف أكذب عليه؟! وأن أخبرته بذلك
هل سيصدقني؟
هل سيثق بي؟
وهو يرى كل شيء مدمر ومحروق كيف سيصدقني وقد طمست من ملامح وجهه الطفوله وعينيه غدت بئراً لدموع قد لا تجف
كيف وهو يرتدي معطفاً
أبلته ألاحزان
ومزقته ألاوجاع
طفل بلا أم تسقيه من حنان صدرها
ولا أب يحميه من برد الشتاء
ولا اخوة يلعبون معه
ولا بيت يسكنه
ولا رداء يدفئه
ولا طعام يسكت به صوت الجوع ولا قطرة ماء يسقى بها ظمأ جسده الصغير اصبح يتيماً من كل شيء
لقد جردته تلك ألاشباح من الحياه
وجعلته ميتاً على قيد الحياة