مأساة انثى أسمها سميره
...................شذى الصوفي
في مجتمعنا الذكوري الخالص المثقل بموروث العادات والتقاليد البالية تجبر المرأة على الانكفاء والتقوقع والعيش على هامش الحياة كتابع مطيع للرجل راضية بما يجود به عليها من حقوقها المسلوبة بفرمان ذكوري .
* فالنظرة الدونية للمرأة يشكل عائقا ويحد من قدراتها كما يحرمها الكثير من حقوقها الموجبة لها شرعا وقانونا حتى وصل في مثير من المناطق إلى حرمانها من ميراثها الشرعي واستئثار الذكور بتركة الأب دون الإناث فالمرأة في تقليد هؤلاء لا تورث حتى لا توزع الأرض لغير العائلة والقبيلة. ناهيك عن حرمانها من التعليم والعمل لضمان بقائها تحت جلباب الرجل .
* اشير هنا أننا حين ننادي بحرية المرأة وإعطائها كافة حقوقها لا نعني أبدا أسلاخها وتجردها من كل القيم والأخلاقيات التي تحكم مجتمعنا الإسلامي ونؤمن بها كما قد يفهم البعض ممن اعتادوا تفسير الأمور حسب أهوائهم ونظرتهم السطحية التي لا ترى من المرأة غير جسدها .. فما المانع أن يكون للمرأة كيانها المستقل ولها حق التعلم والعمل وحرية الاختيار في كل ما يتعلق بشؤون حياتها؟؟ وما المانع أن تنافس الرجل في مضمار العمل ما دامت مؤهلة وتمتلك من القدرات والكفاءة العلمية ربما أكثر مما يمتلك الرجل .
* والمؤسف حقا أن هناك أباء كانوا سببا في تعاسة بناتهم ليس فقط بتمييز أبنائهم الذكور وحرمان البنات من اكمال دراستهن وإنما أيضا بجبارهن على الزواج ممن اختاروه أو بالأصح ممن عقدوا معه صفقة البيع والشراء لهذه السلعة التي تسمى مجازا بنت ( أذا ما جاز لي التعبير ) والمعيار الوحيد أن هذا العريس اللقطة لديه مال وقادر على دفع المهر الذي يرضي طمع الأب وحبه الجم للمال بغض النظر عن أخلاقه ومستواه التعليمي وأسرته وفارق السن الذب يصل ربما إلى ثلاث أضعاف عمر البنت وغير ذلك … والكارثة أن المرأة هي من تدفع الثمن وتتحمل كافة الأعباء والنتائج في حال فشل العلاقة الزوجية وفي كثير من الحالات تكون أيضا مسؤولة عن تربية الأبناء .. و مجتمعنا اليمني مليء بمثل هذه الماسي التي أبتدعها الرجل وجنت المرأة ثمارها المريرة .. وما حكاية (سميرة) أو بالأصح مأساة( سميرة ) الا واحدة من مئات المآسي التي تكون ضحيتها المرأة دائما .. فمن هي سميرة وما هي ما هي مأساتها ؟؟ تقول سميرة التي تعمل بائعة في أحد المولات كان حلمي أن أصبح طبية ولم أكن أتوقع أن الحياة ستنتهي بي إلى هذا الحال وأضطر للعمل من أجل توفير لقمة عيش لي ولأبنائي .. تتنهد والدمع ينساب من عينيها قبل أن تكمل الله يجازي من كان السبب كنت من المتفوقات في الدراسة ووصلت إلى الثالث الثانوي حين قرر ابي إخراجي من المدرسة وتزويجي لأحد أصدقائه المغترب في السعودية.. لم يستمع لتوسلاتي ولم يرحم دموعي وألمي ورفض السماح لي بإكمال الدراسة الثانوية وأكثر ما اوجعني أن أمي وأخوتي وقفوا في صف ابي ومع رغبته فزواجي هو طاقة القدر التي ستفتح لهم وبدأوا يبنون أحلامهم على تعاستي.. تسكت قليلا لتسترد أنفاسها ثم تتابع هذا سيسافر للعمل في السعودية وهذا سيفتح له محل في اليمن وذاك سيشتري سيارة .. فالزوج المنتظر مارد المصباح الذي سيحقق لهم أمنياتهم. المهم رضخت ورضيت بقدري وفعلا تم زواجي.. تحاول أن تتماسك وهي تقول قام باستئجار شقه وتأثيثها حتى يشتري بيت كما قال كان أكبر مني بثلاثين سنة وطول فترة أقامته في اليمن والتي أستمرت ثلاثة اشهر هي عمر زواجي كان ينفق بسخاء وبعد أن علم أنني حامل بالشهر الثالث قرر السفر على أساس يرتب عمله و يجهز بيت لي أ ستمر بأرسال مصاريف ثلاثة أشهر بعدها أنقطع حتى أرقام تلفوناته تم تغييرها اضطررت للعودة إلى بيت ابي فكان وجودي أشبه بالجحيم فانا السبب وانا الملام .. كل ما قاله لأبي وأخوتي مجرد وهم لا دخلوا السعودية ولا فتحوا محلات باليمن .. المهم عشت في جحيم حتى أنجبت توم أبن وبنت وكانت أول مفاجئة طلاقي وهنا قامت قيامة ابي وأخوتي وأقسموا أن يبقوا أبنه وبنته في البيت وعلي أن أختار .. بحثت عن عمل واستأجرت لي غرفه وانا أعيش فيها منذ خمس سنوات وتم مقاطعتي من أهلي بشكل نهائي حتى من أتصال أو سؤال أختي فقط هي من تتواصل معي وتلتقي بي بشكل سري . انتهت حكاية سميرة ولم تنتهي مأساتها ولم يندمل جرحها الذي تسبب به أبوها بطمعه وجشعة وحبه للمال على حساب حياة فلذة كبده التي تجنى عليها مرتين مرة حين أرغمها على الزواج والمرة الثانية حين حملها المسؤولية وعاقبها على أخطائه .. ترى كم مأساة أرتكبها الآباء في حق بناتهم ؟ ومتى سيدركون أن البنت ليست سلعة للبيع كما قد يتهيأ للبعض ؟ ؟