العدالة الإجتماعية وعلاقتها بأرتفاع معدلات الفقر

  • أحلام شاكر

تعرف العدالة الإجتماعية بأنها المساواة بين جميع أفراد المجتمع في فرص العمل وتوزيع الثروات والإمتيازات والحقوق السياسية وفرص التعليم والرعاية الصحية وغير ذلك من الحقوق بغض النظر عن النوع الإجتماعي سواء ذكور وأناث أو العرق أو الديانة أو المستوى الأقتصادي فقراء وأغنياء. ولهذا فإن غياب العدالة الإجتماعية له إنعكاسات خطيرة على المجتمع تهدد بتفتيت نسيجه الإجتماعي، منها تنامي الحقد الطبقي وظهور العنصرية والعنف القائم على النوع الإجتماعي.كما يؤدي غياب العدالة الإجتماعية إلى إرتفاع معدلات الفقر وغيرها من المشكلات الإجتماعية والسياسية والأقتصادية التي تعصف بأمن وأستقرار وتماسك المجتمع. وسأتناول هنا غياب العدالة الإجتماعية القائمة على النوع الإجتماعي الذي نعاني منه نحن معشر النساء بإعتبارها المطلب الأكثر حاجة في مجتمعاتنا الذكورية ، فغياب العدالة الإجتماعية في المجتمعات العربية ومنها مجتمعنا اليمني جعل المرأة تعاني الكثير من الإضطهاد وتتعرض لأنواع شتى من التعنيف اللفظي والجسدي والنفسي كما أفقدها الكثير من حقوقها المشروعة مثل حقها في التعليم والعمل والمشاركة السياسية واختيار شريك حياتها الأمر الذي كان سببا في معاناتها بشكل دائم ،وبحجة العادات والتقاليد فرضت على المرأة قيود لا حصر لها ووضعت في طريقها العديد من العوائق والعقبات في مختلف مراحل حياتها.

وأشير هنا إلى أن نظرة المجتمع لا زالت قاصرة والوعي بأهمية وجود العدالة الإجتماعية وتجسيدها واقعا ملموسا يكاد يكون غائبا تماما وهذا ما عكسته نتائج أبحاث أجراها عدد من الشباب والفتيات في أمانة العاصمة حول العنف المبني على النوع الإجتماعي والموجه ضد المرأة ( الأرملة والقاصر والسجينة والنازحة والتي تعاني من حالة نفسية ) حيث تبين أن 80% من الأرامل يتعرضن لأشكال مختلفة من العنف سواء من قبل الأهل في البيت أو أثناء خروجهن للبحث عن عمل أو حتى من قبل الزملاء في أماكن العمل ويتدرج من العنف اللفظي إلى التحرش ويصل إلى العنف الجسدي . فالمرأة التي فقدت زوجها وخصوصا في مناطق الحروب حيث يكون الوضع الإقتصادي متدني للغاية كما هو الحال في اليمن، إذترتفع نسبة الأرامل وتحت وطأة الفقر والحاجة يضطررن إلى الخروج للبحث عن عمل ومصدر رزق لأعالة أنفسهن وأطفالهن مما يجعلهن عرضة لكثير من انواع العنف من قبل أفراد المجتمع بعتبارهن أرامل ومكانهن البيت فقط .وفي بحث آخر حول الزواج القسري للبنت القاصر أظهرت النتائج أن 90% من أفراد المجتمع ممن شملهن البحث يساند الأب ويعطيه كل الحق في تزويج ابنته القاصر رغما عنها تحت مبرر الفقر وأن الأب بحاجة لتخفيف العبىء عنه. والحال أسوأ عند المرأة السجينة إذ أن 85% من السجينات  يرفض أفراد المجتمع  التعامل معهن وتقبلهن ويتعرضن لمختلف أنواع العنف بما في ذلك الإعتداء الجنسي. أما بالنسبة للمرأة النازحة التي انتقلت إلى مخيمات الأيواء أو في مدن أخرى فقد أكدت النتائج أن 73% من النازحات تعرضن لشكل من أنواع العنف وبالذات من يعشن بدون رب الأسرة ومن يحاولن كسب قوتهن اليومي ، مما يعني أن العنف المبني على النوع الإجتماعي سيظل قائما مادامت العدالة الإجتماعية غائبة أو مغيبة وهذا يقودنا للبحث الرابع الذي أكدت نتائجه أن غياب الدور الإعلامي وعدم تركيزه على توعية المجتمع في جانب العدالة الإجتماعية كان أحد الأسباب الرئيسية لوجود الظاهرة المتمثلة بالعنف المبني على النوع الإجتماعي وبنسبة 75% وهو ما يؤكد أن المرأة ليس فقط الأرملة والقاصرة والنازحة والسجينة والتي تعاني من مشاكل نفسية وإنما المرأة بشكل عام ستظل تعاني من تعرضها لأشكال مختلفة من العنف كونها امرأة أولا ..وسيبقى الفقر الكابوس الذي يهدد حياة المجتمع ويزيد من معاناته في ظل غياب نظام إجتماعي واقتصادي وسياسي قائم على العدالة الإجتماعية التي تضمن لجميع أفراد المجتمع حقوقهم وتصون كرامتهم . ولن يكون ذلك ممكنا إلا في وجود مجتمع على قدر كبير من الوعي ويؤمن بأن العدالة الإجتماعية هي عماد بناء المجتمع وتماسكه وتقدمه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى