الحرب الروسية الاوكرانية-سقوط بوغدانوفكا وماذا بعد؟

 

أ د /  دحان النجار

الحرب الروسية الاوكرانية عمليا تراوح مكانها منذ فترة ليست بالقصيره بالرغم من بعض الاختراقات التي تنجزها القوات الروسية.
مساحة اقليم دونيتسك او ما يسمى بالروسية دونتسكايا اوبلاست 26517كم2 وبسكان يفوق اربعة ملايين نسمة. طبعا مساحة الاقليم تفوق مساحة دولة لبنان مرتين ونصف وهو اقليم غني بالثروات المعدنية والزراعية وروسيا قد اعلنت ضمها له ليصبح جزء من أراضيها وخاصة ان معظم سكانه من الناطقين بالروسية تحت مسمى جمهورية دونيتسك الشعبيه.
تسيطر روسيا تقريبا حاليا على 55% من مساحته حيث انها سيطرة على نسبة اقل من النصف في 2014 اي ان السيطرة على اراضي الاقليم بطيئة جدا بسبب المقاومة الاوكرانية الشرسة وكلنا يتذكر صمود كتيبة أزوف المتشدده في مدينة ميليتوبل الساحلية المحصنة في بداية الحرب الحالية وتلتها عملية السيطرة على باخموت وهكذا دواليك حتى سقوط بلدة باغدانوفكا اليوم بيد الروس وهو ما يمثل نصر عسكري محدود تقابلة مقاومة أوكرانية شرسه واذا استمرت كم سيطرة الروس على بقية بلدات الاقليم بهذه الوتيرة قد تاخذهم السيطرة عليه كاملة عدة سنوات ان لم تحصل متغيرات اخرى.
اليوم مجلس الشيوخ الأمريكي صادق على قانون منح أوكرانيا مساعدات حوالي 60 مليار دولار منها 14 مليار للمساعدات العسكرية وبالذات الذخائر التي يفتقد لها الجيش الاوكراني. هدف الأوكرانيين في هذه المرحلة هو وقف الزحف الروسي وفي مرحلة لاحقة شن الهجوم من اجل استعادة الأراضي المحتله كما يسمونها.
إذا لم يحقق الروس تقدم كبير على الارض وسريع بالتاكيد انه مع طول الحرب سوف يتمكن الأوكرانيون من شن الهجوم المضاد قريبا فخير وسيلة للدفاع هي الهجوم . وصول الأسلحة الجديده وبالذات الدفاعات الجويه التي قد تحقق مظلة تمنع الهجمات الجويه الروسية على المدن والمنشاءات الاقتصادية الاوكرانية ومحطات توليد الطاقة وهذا يعني تحييد عناصر التفوق لدى الروس المتمثل بالقوات الجوية والصاروخية.
عند بداية الحرب كان الروس يعتقدون بانهم سيدخلون أوكرانيا وعاصمتها وإسقاط السلطات الحاكمة بواسطة عملية عسكرية خاطفة لكن الذي حصل انهم تفاجأوا بمقاومة أوكرانية شرسة غير متوقعه الامر الذي قاد هم إلى التراجع عن العاصمة وعن هدف اسقاط السلطات إلى الاستيلاء على اقاليم الدونباس لوغانسك ودونيتسك وكذلك اقليمي زاباروجيه وخيرسون بدرجة رئيسية وهي الاقاليم التي ضمتها روسيا اليها دون ان تكمل الاستيلاء على أراضيها كاملة باستثناء اقليم لوغانسك الذي تمكنت روسيا من السيطره والاحتفاظ باكثر من 95% من مساحته.
كانت روسيا قد سيطرة في بداية الحرب على اقليم خاركيف وبعض المناطق حوله عدى مدينة خاركيف عاصمة الاقليم التي دخلوها ولم يتمكنوا من البقاء فيها لشدة المقاومة الاوكرانية ولا حقا خسرت روسيا كل الاقليم وبعض اجزاء من لوحانيسك ودونيتسك وخيرسون اي ان أوكرانيا استعادة تقريبا 50%من المساحات التي خسرتها.
تحول الروس إلى الدفاع وعند تمكنهم من كسر الهجوم المضاد تمكنوا من الاستيلاء على بعض المدن مثل باخموت وبوغدانوفكا وغيرها من البلدات الصغيره المحيطة بها .
الحرب تحولت إلى حرب استنزاف طويلة الامد واعتقد ان الروس مستعدين لها لانها من وجهة نظرهم حرب وجودية ولهم تاريخ طويل في الصمود والاستمرار في الحروب حتى النصر واما الأوكرانيين لا شك بانها تمثل حرب وطنية لاستعادة أراضيهم المحتلة.
حلفاء أوكرانيا الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لن يتركوا روسيا تحقق انتصار ساحق لما لذلك من خطر كبير يهدد تفوقهم ومصالحهم الاستراتيجية.
وفي الحالة هذه روسيا بحاجة الى حشد مزيد من طاقاتها ومواردها من اجل الحفاظ على الوضع الحالي وتحقيق اي تقدم لكن من المؤكد انها دخلت مستنقع لن تخرج منه كما كانت عند دخولها اليه . اما أوكرانيا فليس لديها اي خيار آخر عدى خوض القتال من اجل الدفاع والتحرير وقرارها السياسي والعسكري لم يعد بيدها تماما بل وبيد الحلفاء .
في هذا الربيع والصيف سوف يحاول كل طرف تحقيق اختراق في الاخر ومن المرجح ان يكون زمام المبادره بيد روسيا نسبيا كما هو الحال الان وقد تستمر في تحقيق تقدمات في مناطق خارج الاقاليم التي ضمتها اليها من اجل الضغط على القوات الاوكرانية وفي نفس الوقت سوف تستمر القوات الاوكرانية في تحقيق اختراقات في الداخل الروسي من اجل هز معنويات الروس واضعاف ثقتهم بقيادتهم وجيشهم وارباك زحفهم داخل أوكرانيا .
وكما أوضحنا دائما حرب الاستنزاف لا يوجد فيها طرف منتصر بشكل مطلق حتى وان حقق احدهما تفوق عسكري غير مكتمل .
د.دحان النجار ميمفس ولاية تنسي 21 ابريل 2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى