حرب اسرائيل على غزة ولبنان-اختراق الجنوب اللبناني هل ينجح عبر مواقع اليونفيل ؟

أ د / دحان النجار
اكثر من اسبوع والقوات البرية الاسرائيلية تحاول التسلل إلى جنوب لبنان ولكنها تفشل كل مرة امام المقاومة الشديدة التي تتلقاها من مقاتلي حزب الله ولكن قواتها تحاول ايجاد اي ثغرة لتحقيق اي تقدم بري احياناً عبر ابادة القرى اللبنانية الحاضنة للمقاومة واحيانا بالضربات الجوية والمدفعية لتدمير تحصينات المقاومين واحراق الأحراش والمتاريس والأنفاق المحتملة التي تتمركز فيها المقاومة ومن ثم التسلل إلى الداخل اللبناني .
كل المحاولات بائت بالفشل إلى الآن ولذلك بدأت القوات الاسرائيلية بضرب مواقع قوات الامم المتحدة اليونيفيل من اجل إجبارها على الانسحاب او التخلي عن مواقعها ومن هناك توجد الثغرة الجدية للتسلل إلى الارض اللبنانية. من المعروف ان قوات حزب الله تقف بعيدة الى حدا ما عن قوات اليونيفيل وربما لا توجد تحصينات كافية للدفاع عن المواقع التي تقف عليها القوة وقد تشكل ثغرة جدية للتوغل الإسرائيلي.
من المعروف ان اسرائيل لا تعير اي اهتمام للقوانين الدولية ولا للامم المتحدة نفسها وقد قامت بتدمير مقرات الأونروا في غزة والضفة الغربية وقتلت الالاف من عمالها وموظفيها ولم تجدي الادانات والمناشدات الأممية والانسانية معها نفعا طالما وهي محمية بقوة الولايات المتحدة الأمريكية قائدة النظام العالمي القائم.
التفكير بمحاصرة قوات اليونفيل واخراجها من مواقعها او على إجبارها التوجه إلى المخابئ وفتح الطريق للجيش الاسرائيلي للتوغل في الجنوب اللبناني خطة خبيثة وقد تشكل ثغرة يصعب التعامل معها ولا اعتقد بان حزب الله لم يكن متنبه لهذا الامر واتخذ إجراءاته الدفاعية لاي طارىء من هذا القبيل وان كان لم يتنبه فهذه ستكون ثغرة مؤثرة التعامل معها سيكون له ثمن غالي في المواجهة الحالية.
تركز القوات الاسرائيلية في البحر والبر قرب بلدة الناقورة يشير إلى نية اسرائيل استغلال تواجد قوات اليونفيل في مواقعها هناك وفي المواقع الأخرى التي تسيطر عليها والدخول إلى الجنوب اللبناني وهي خطة احتيالية قد تلقى بعض التعاون الخفي من بعض اجنحة قوات اليونفيل القادمة من بلدان تتعاطف حكوماتها مع اسرائيل بل وتمد لها يد العون ضاربة بالقانون الدولي عرض الحائط.
الضغط الإسرائيلي على قوات حزب الله غير مسبوق وهو مخطط له منذ حرب ٢٠٠٦م التي منيت بها إسرائيل بفشل كبير حال دون تحقيق اهدافها ولذلك تم عمل عدة سيناريوهات غير مألوفة لضرب قدرات الحزب التنظيمية والعسكرية منها تفجير البيجرات واجهزة التواصل اللاسلكي والاغتيالات الدقيقة لقياداته عبر عمليات استخباراتية معقده وغير مألوفة وصولا إلى استخدام اسلحة دك التحصينات العميقة وتحديد بنك اهداف واسع يشمل حتى المواقع المدنية والعسكرية ومخازن الأسلحة المشتبه بها ولو بنسبة ضئيلة وضرب المدنيين في القرى والمدن بشكل مفرط من اجل إفقاده حاضنته الشعبية وأضعافه ومن ثم اثارة منافسيه الداخليين للانقضاض عليه.
اسرائيل وشركاؤها كانوا يتابعون جيدا قدرات الحزب العسكرية والتنظيمية المتنامية ويعرفون انه بالمواجهة التقليدية لن ينالوا منه بل سيهزمون بلا محالة لذلك اعدوا العدة لمواجهة استخباراتية وعملياتية غير مسبوقة كما نراها اليوم ومن ضمنها استغلال ثغرة قوات اليونفيل التي يُفترض بها ان تكون قوات فصل بين الطرفين ولها حرمتها القانونية الدولية.
قوات حزب الله في الجنوب لا زال اداؤها قوي الى الان وفي حالة صمود غير مسبوقة امام هجمة شرسة ومستمرة على مدار الساعة بكل انواع الاسلحة بل وفي حالة هجوم لم تكن إسرائيل تتوقعها والا المراقبين لهذه الحرب الشرسة وخاصة بعد ضرب قيادات الحزب ومراكز عملياته ومخازن اسلحته.
حزب الله لازال في حالة تحدي بالنسبة للمواجهة البرية بل ويرحب بها لانه يريد الالتحام مع القوات الاسرائيلية في معركة برية انتظرها طويلا حسبما ورد في كلمة السيد نعيم القاسم نائب الامين العام الأخيرة.
اكيد ان فارق القوة كبير بين حركة مقاومة وجيش من اقوى جيوش العالم تُفتح له مخازن اسلحة الدول الكبرى بدون قيود بل وتسانده بجيوشها وإعلامها بل ويلقى دعم من قبل دول اقليمية كان المفترض بها ان تكون في الطرف الاخر او تاخذ موقف الحياد ، لكن امام القوة العسكرية هناك دائما قوة الارادة والعقيدة وهي التي يعتنقها مقاتلي حزب الله مثلهم مثل مقاتلي المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة التي لا زالت توجه ضربات مؤلمة لقوات الاحتلال بعد سنه من القتل الجماعي والتدمير الوحشي للمساكن والسكان .
قبل بداية الهجوم الإسرائيلي الشامل مؤخرا على لبنان كانت مقاومة حزب الله تسند المقاتلين في غزة عبر اشغال جزء كبير من قوات الجيش الاسرائيلي وفرض معادلة النزوح المتبادل مشترطة وقف ذلك بوقف القتال في غزة ، واليوم نشاهد المقامة في غزة تشدد هجماتها ضد جيش الاحتلال لإشغاله عن توجيه كل قوته ضد حزب الله وهو تناغم في المقاومة غير مسبوق وخاصة إذا ما أضفنا اطلاق الصواريخ والمسيرات من العراق واليمن وسوريا وفرض الحصار البحري عبر الاحمر واشتداد المقاومة في الضفة الغربية بل وفي اراضي ٤٨ ودخول ايران على الخط مباشرة كل ذلك يؤكد ان احتمالات الانفجار الاقليمي الشامل قد اصبحت قاب قوسين او ادنى وان نتانياهو قد احرق اوراقه جميعا ووصل إلى مبتغاه في جرالمنطقة إلى حرب شاملة ولا زال هناك امل طفيف بان يتم لجمه من قبل الولايات المتحدة الأميركية ووقفه عند حدود معينة من التصعيد واما المراهنة الفعلية على توقيفه عند حدة فهي تكمن في قوة الردع الإيرانية ان كانت عند المستوى المطلوب ولو انها مغامرة مفروضة .
د. دحان النجار ميشجان ١٠ اكتوبر ٢٠٢٤م