حرب إسرائيل على غزه-ايران وأمريكا تفوتاالفرصة على إسرائيل في حرب اقليمية شاملة:

أ د / دخان النجار
الضربة المؤلمة لإسرائيل في ٧ اكتوبر الماضي وفقدان هيبة الجيش الذي لا يقهر دفعت بحكومة نتانياهو إلى محاولة اقلمة الحرب وخلط الأوراق وجر الولايات المتحدة الى الاشتراك بها مباشره وصولا إلى ضرب ايران في عقر دارها كونها تشكل الخطر الأكبر عليها في الاقليم حاليا.
الولايات المتحدة تعي مخاطر مغامرة كهذه وبالرغم من دعمها لإسرائيل المطلق في حربها في غزه وحشد قواتها لردع اي تدخل اقليمي إلا انها في نفس الوقت تعمل على تحاشي انفجار الوضع مع حزب الله وايران .
حزب الله وبالرغم من الاستفزازات الاسرائيلية لم يغامر في الدخول بالحرب وتخفيف الضغط على غزه لانه يعي النتائج الكارثية من انفجار الوضع ف جبهة الشمال والتي لن تتوقف هناك بل ستشمل المنطقة برمتها وسوف تلحق دمارا كبيرا ، والولايات المتحدة التي تأهبت لردع حزب الله وايران وبقية الفصائل في حال انفجار الوضع تعمل على ان لا يحصل الانفجار الشامل الذي سيكلّفها كثير وستجد نفسها متورطة بنزاع اقليمي عسكري مباشر الامر الذي يصب في مصلحة الصين وروسيا .
ايران التي تدعم محور المقاومة عسكريا وماديا ومعنويا لا تريد ان تخوض حرب مباشره مع اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وتعرض نفسها للتدمير المتبادل حتى وان ردت بقوة وتسببت في خسائر كبرى للطرف الاخر لكن حرب قد تخرج عن اطار السيطره ومن الصعب توقع نتائجها. إسرائيل بقيادة نتانياهو وحدها التي تخشى نمو القوة الإيرانية والتي تعرضت هيبتها وسمعتها وقوة ردعها في المنطقة تريد تفجير الحرب الإقليمية الشاملة . حاولت إسرائيل تفجير الوضع عن طريق تخطي الخطوط الحمراء مع حزب الله واغتالت العاروري أحد قادة حماس في الضفة الغربية في مكتبه بالضاحية الجنوبية واحد قادت الحزب البارزين في عقر داره من اجل ان يرد، وقامت باغتيال ٦ قادة عسكريين ايرانيين كبار في سوريا كي تجر ايران وحزب الله الى المواجهة وتوريط الولايات المتحده فيها مباشره نيابة عن اسرائيل.
حزب الله لم ينجر إلى الاستفزازات وظل يواجه بحدود قواعد الاشتباك ذات الوتيره المتدنية وايران قامت بإجلاء ضباطها الكبار من سوريا كي تسلب اسرائيل ورقة الابتزاز وتبادلت مع الولايات المتحدة التصريحات بعدم رغبتهما في الدخول بحرب مباشره. بعض الفصائل في محور المقاومة أعلنت وقف عملياتها والولايات المتحدة قامت بضرب اهداف في سوريا والعراق لرد اعتبارها بعد هجمات تلك الفصائل على قواعدها في البلدين والتي كان اخرها هجوم البرج ٢٢ في الأردن والذي راح ضحيته ثلاثة جنود امريكيين وجرح ٤٠ اخرين وكان لابد من الرد والانتقام لكنها لم تشمل في عملياتها ايران مباشره.
ايضا الولايات المتحدة عملت جاهدة على تهدئة الأوضاع في قطاع غزه من خلال العمل مع بعض الدول العربية واسرائيل من اجل عقد صفقة ينتج عنها تهدئة مؤقتة للحرب وإطلاق سراح بعض الاسرى والمعتقلين لدى حماس واسرائيل وهو الامر الذي سيقود إلى سلب اسرائيل مبرر ضرب حزب الله وايران في ظل اجواء التهدئة المؤقته والتي قد تقود إلى هدنة طويلة الامد يصعب بعدها عودة اسرائيل إلى قرع طبول الحرب الاقليمية والتي قد يحصل فيها تغيير وزاري لصالح محور التهدئة.
اليومين الأخيرين برزت فيهما مؤشرات إيجابية نحو التهدئة بالرغم من الضربات الانتقامية المحدودة واذا ما نجحت الوساطة القطرية الأمريكية في اطلاق الرهائن وتحديد شروط الهدنة المؤقتة الطويلة فان ذلك سينزع فتيل الحرب الإقليمية التي كانت على وشك الانفجار ولو الى حين.
من الواضح ان عوامل ضبط النفس لدى الولايات المتحدة الأمريكية وايران وحزب الله هي السائده بغض النظر عن الضربات الاخيره في سوريا والعراق واليمن ومع ذلك الوضع ليس مرشح للهدؤ بدرجة عالية جدا وحالة الحرب الإقليمية لا زالت سائده وقد تحصل متغيرات تقود الى اشتعالها في اي لحظة لان اسرائيل إلى الان لم تتخذ خطوات جديه تجاه حل القضية الفلسطينية والقبول بدولة تعيش إلى جانبها وتنزع فتيل التوتر الأساسي في المنطقة.
د. دحان النجار -ميشجان ٣فبراير ٢٠٢٤م.