الحرب الروسية الاوكرانية- قمة التحدي في واشنطن ومستقبل أوكرانيا !

✍️ أ د / دحان النجار

تعددت فصول الحرب الروسية الاوكرانية المستمرة لأكثر من عامين والتي بدات بهجوم عسكري روسي واسع وكان يستهدف العاصمة كييف وإسقاط نظام الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي وتنصيب سلطة موالية من اجل ضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو وتحييدها عسكريا وبسبب المقاومة الاوكرانية عادت القوات الروسية إلى الشرق الاوكراني للسيطرة عليه وخنق الدولة من مواردها في الارض المستقطعة. تمكن الأوكرانيين من استعادة اراضي واسعه في الشرق والحاق هزائم بالجيش الروسي وبمساعدة عسكريه واستخباراتية ولوجستية من حلف الناتو الامر الذي دفع بروسيا إلى إعلان ضم الاقاليم الاربعه ذات الأغلبية الروسية لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيه وخيرسون بالرغم من عدم اكتمال السيطرة عليهما إلا انها كانة خطوة انتصار معنوي جماهيري داخلي ورسالة للناتو باننا لا نريد كل أوكرانيا ولا اسقاط النظام بل نريد هذه الاقاليم ومع ذلك استمر الناتو في رفع مستوى الدعم لأوكرانيا متخطيا الخطوط الحمراء والتي كانت دفاعية حتى وصل بها الأمر إلى المساعدات العسكرية الهجومية التي تمكن الجيش الاوكراني من ضرب العمق الروسي وسوف يستمر مستوى الدعم النوعي بالنمو تدريجيا وبشكل تحدي واضح يفرض على روسيا واقع جديد.

انعقدت قمة الناتو من ٩ الى ١١ يوليو ٢٠٢٤م في واشنطن وهي القمة الاولى بعد انضمام السويد وفنلندا اليه وهو الانضمام الذي يشكل تحد فعلي لروسيا بعد نقل حدود الناتو إلى حدودها الشمالية ومحاصرتها في بحر البلطيق ويعبر عن اصرار الناتو في محاصرة روسيا وكجزء من الثمن الذي تدفعه مقابل هجومها على أوكرانيا التي كانت تنوي الانضمام إلى الحلف وهو الأمر الذي قاد إلى ان يجن جنون روسيا التي اصبح امنها الاستراتيجي وعمقها الجغرافي مهدد بشكل كبير واصبح الناتو قريب من ابواب الكرملين نفسها بعد ان كان خط المواجهه قبل سقوط الاتحاد السوفيتي يقع في وسط اوروبا وفي عمق الارض الألمانية.
تمدد الناتو شرقا استمر ولازال على امل في الوصول إلى انضمام أوكرانيا وجورجيا في المستقبل. قمة واشنطن عززت التنسيق بين الناتو واوكرانيا ولأول مرة الناتو يعين منسق عالي المستوى فيها ، حضر الرئيس الاوكراني زيلينسكي اجتماعات قمة الناتو المخصصة لمناقشة الوضع الاوكراني وهي رسالة قوية إلى روسيا تشير الى تعزيز علاقات كييف بالحلف وبشكل متنامي سريع واصرار من دول الحلف على الوقوف مع كييف وتعزيز موقفها العسكري والسياسي امام روسيا وصولا إلى ضمها مستقبلا إلى الحلف وبالمختصر القمة أتخذت خطوات ملموسة في تعزيز دور الناتو في بناء قوة أوكرانية مرنة مع قدرات دفاع وردع موثوقة، وذلك مع دعم الإصلاحات الجارية في الوقت عينه، مما يحقق مواءمة أكبر بين أوكرانيا ومعايير الناتو وقيمه. واعلن الحلفاء في القمة عن خطوات جديدة لتعزيز الدعم العسكري والسياسي والمالي لأوكرانيا، وعندما تضاف هذه العناصر إلى دعم الحلفاء الثنائي لكييف، يتشكل الجسر الذي يوصلها إلى عضوية الناتو في المستقبل.
وتقضي خطة الناتو لتنسيق المساعدات الأمنية وتقديم التدريب لأوكرانيا العمل في مجال المعدات والتدريب وتطوير القوات لدعم أوكرانيا في مسارها نحو التشغيل البيني الكامل مع الحلف. وقرر الأمين العام للناتو تعيين ممثل مدني رفيع المستوى له في كييف لتعزيز العلاقة المؤسسية بين أوكرانيا والحلف، وسيكون هذا الممثل رفيع المستوى بمثابة نقطة محورية في مشاركة الناتو مع كبار المسؤولين الأوكرانيين. اما المساعدات الماليه فقد قرر الحلفاء تقديم ٤٠ مليار دولار في المرحله القادمة لتعزيز صمودها في الحرب الدائرة وتاهيل اقتصادها للمستقبل.
‎أصدر رؤساء الدول والحكومات المشاركون في اجتماع قمة الحلف بواشنطن بيانًا ختاميا أعلنوا فيه ان موسكو تشكل تهديدا لدول الحلف وان أوكرانيا تسير في طريق لارجعة فيه نحو الانضمام إلى الحلف الذي ستستمر استراتيجية توسعه من دون تغيير فضلا عن تراكم القوة العسكرية لأعضائه
امام هذا التحدي ماذا امام روسيا لتفعله لمنع تخطي الناتو لما تبقى من الخطوط الحمر؟
أثنا انعقاد قمة الناتو هذه في واشنطن اعلنت هولندى والنرويج تقديم ال إف ١٦ الهجومية إلى أوكرانيا بشكل رسمي وستتلوها دول اخرى وسوف يتم تقديم دفاعات جويه متطوره ومسيرات وصواريخ هجوميه بأبعد مدى من ذي قبل تنال العمق الروسي اكثر.
وسريعًا رد الكرملين على بيان القمة، وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إن “هذا تحالف أنشئ في عصر المواجهة بهدف الحفاظ على المواجهة”، وإن” التوتر في أوروبا يتصاعد بسبب الناتو”، مؤكدًا أن بلاده تدرس اتخاذ خطوات للرد. اما نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي سيرجي ميدفيديف فقد كان رده اكثر وضوح وحده حيث قال في تعليقه على نتائج القمة إنه “يتعين على روسيا أن تفعل كل شيء حتى ينتهي طريق أوكرانيا الذي لا رجعة فيه إلى الناتو، باختفاء هذا البلد والحلف نفسه”.
اما السفير الروسي في واشنطن انطونوف فعلق قائلا ، ان الدول الغربية تواصل فرض “أوامر استبدادية مفيدة للمليار الذهبي، وتمهد الطريق لحرب عالمية ثالثة، إذ تشعر باليأس من عدم قدرتها على كسر روسيا بمساعدة الكبش الضارب، المتمثل في أوكرانيا”، حسب وصفه.
رأى مدير مركز “التنبؤات العسكرية” أناتولي تسيغانوك أن الناتو لن يقبل أوكرانيا في صفوفه في كل الأحوال، وأن “كل التصريحات الموسمية المتعلقة باحتمالات انضمامها إلى التحالف تهدف إلى تهدئة الشعب الأوكراني”، لأن من المفيد للحلف استخدام أوكرانيا كأداة لمحاربة روسيا، حسب وصفه.ووفقًا لما أوضحه للجزيرة نت، فإن أوكرانيا أصبحت أكثر اندماجا على المستويين العملياتي والسياسي في التحالف، وهذا يعني أن الناتو راضٍ عن الوضع الذي يقاتل فيه الأوكرانيون من أجله، لكن أوكرانيا نفسها غير مقبولة في الحلف.
والخلاصة ان التصعيد سوف يستمر واستنزاف روسيا في أوكرانيا مستمر معه بغض النظر عن احتفاظها في الاقاليم المنظمة اليها وسوف يكتفي حلف الناتو بالدفاع عما تبقى من الأراضي الاوكرانية وترك المشكل الاوكراني جرح نازف للبلدين حتى تظهر مؤشرات اخرى لتغيير حالة الوضع القائم ومن أهمها تاثير العقوبات الشاملة والتغييرات الداخليه في روسيا وفي نفس الوقت تراهن روسيا على تغييرات اقليمية ودوليه تقود إلى تراجع نفوذ الولايات المتحدة كدولة قائد في حلف الناتو عندها يقل الاهتمام الغربي تجاه أوكرانيا ويتحسن موقف روسيا في هذا الصراع . لكن لايبدو قريبا حدوث هذا الأمر اوذاك مع ان الاحتمال الأقرب هي التغييرات في روسيا وان لم يحصل ذلك بإعتقادي ان روسيا سوف تكتفي بالأقاليم الاربعه التي ضمتها اليها وستكون أوكرانيا في اراضيها المتبقية عضو في الناتو ولو عن طريق الانضمام التدريجي من دولة ذات وضع خاص في الحلف الى مراقب ثم عضو.
الاصرار من قبل الطرفين على الحصول اكثر من هذا سيقود إلى حرب عالمية تدميرية شاملة وهو الامر الذي يتجنبه الطرفان لكن كل الاحتمالات تظل مفتوحة .
د.دحان النجار ميشجان ١٥ يوليو ٢٠٢٤م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى