الحرب الروسية الاوكرانية-تفاهم ترامب وبوتين يفسد فرحة زيلنسكي:

أ د / دحان النجار
كان الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلنسكي قد تفائل خيرا بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية على تزويد جيش بلاده بالصواريخ الاستراتيجية المجنحة “توماهوك” بمدى يصل إلى ١٦٠٠ كم وظهر واثقا في تشديد لهجته تجاه روسيا انطلاقا من هذه الورقة الضاغطة ” توماهوك”.
اتجه زيلنسكي في ال ١٧ من اكتوبر الحالي مباشرة الى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة سريعة من اجل تسلم هذه الصواريخ او بالاصح وضع اللمسات الاخيرة لتسلمه إياها وعند وصوله المطار لم يستقبله أحد من الخارجية او البيت الابيض بل اعضاء الوفد الاوكراني نفسه فقط وهذا مؤشر غير ايجابي لصالحة ،وقد ذهب الى مصنع انتاج الصواريخ المجنحة ” توماهوك” مباشرة و كانت قد جرت مكالمة تليفونية قبل ذلك بين الرئيسين ترامب وبوتين خرج بعدها الرئيس ترامب بتصريح مفاده ان الولايات المتحدة الأمريكية تفضل الحل الدبلوماسي للازمة الروسية الاوكرانية، وتم بحسب بعض التسريبات ابلاغ زيلنسكي بان الولايات المتحدة الامريكية غير جاهزة لتسليم صواريخ ” توماهوك” لانها تعاني من نقص فيها في ترسانتها الاسستراتيجبة.
وقد استقبل الرئيس ترامب ضيفه زيلنسكي في البيت الأبيض لمناقشة انهاء الحرب الروسية الاوكرانية وتعزيز الدعم لأوكرانيا، لكنه في الحقيقة يوجّه ضغطا شديدا عليه من اجل التوصل إلى حل ينهي الحرب.
وفي إحاطة صحفية، أكد الرئيس الاوكراني زيلينسكي انه ناقش مع الرئيس ترامب صواريخ “توماهوك” وإنهما قررا عدم مناقشة الأمر علنا لأن الولايات المتحدة لا تريد التصعيد ، وذكرت مصادر ان زيلينسكي ضغط بشدة على الرئيس ترامب بشأنها لكن الأخير رد بقوة ولم يبدي اي مرونه.
ويُقال بانه تم خلال المكالمة التلفونية بين الرئيسين ترامب وبوتين مناقشة الخطوط العريضة للاتفاق بين روسيا واوكرانيا من اجل انهاء الحرب وان الرئيس بوتين وضح بعض مطالبه الجغرافية التي يريد فيها استكمال سيطرته على اقليم دونيتسك الناطق غالبية سكانه بالروسية مقابل تقديم تنازلات في إقليمي زاباروجيه وخيرسون، والحقيقة ان الحرب بمسارها الحالي البطيء على الارض والاستنزاف المتزايد في العدد والعتاد للطرفين قد اصبحت مؤلمة ودون افق للحسم السريع ولا توجد فيها غلبة مطلقة لاي طرف، لا روسيا قادرة على التمدد الجغرافي المنشود ولا أوكرانيا قادرة على استعادة الأراضي التي خسرتها وعليه لابد من ايجاد مخرج منها حتى لو كان مؤلماً لكليهما.
حسبما ذكر موقع “اكسيوس”،فإن الرئيس ترامب أكد للرئيس الاوكراني زيلينسكي أن المقترح الأمريكي الحالي للحل الدبلوماسي هو إنهاء الحرب بتجميد خطوط المواجهة وهو اقتراح يصعب على أوكرانيا قبوله، وقال المصدر ان زيلينسكي بعد الاجتماع مع ترامب اجرى مكالمات هاتفية مع القادة الأوروبيين شارحا لهم مع حصل في اجتماعه مع الرئيس ترامب وان العديد منهم بدوا في حيرة بشان تغير موقف ترامب الواضح، وخلال مكالمة زيلينسكي معهم اقترح رئيس وزراء بريطانيا “كير ستارك” العمل مع الولايات المتحدة الأمريكية لصياغة مشروع سلام على غرار خطة ترامب في غزة المكونة من ٢٠ نقطة ، هذا المقترح لم تتسرب إلى الان اي معلومات عن فحوا نقاطه العشرين ومن المتوقع ان تتضح قبل او اثناء اجتماع الرئيسين ترامب وبوتين في بودابست بعد اسبوعين.
الجدير بالذكر أن الرئيس زيلينسكي تعرض لموقف ضاغط اكثر شدة من قبل الرئيس ترامب عند زيارته الاولى بعد دخول الأخير إلى البيت الأبيض لكنه تمكن من الإفلات إلى حدا ما من ذلك الضغط بمساعدة القادة الاوروبيين الذين ساندوه بشكل جدي بل وحضروا إلى واشنطن شخصيا في وقت لاحق للإلتقاء مع الرئيس ترامب لهذا الغرض.
يبدو هذه المرة أن الرئيس بوتين جاد اكثر من ذي قبل في الخروج من المستنقع الاوكراني لكن ليس خروج المهزوم او العاجز بل خروج القوي الذي فهم ما ينتظره من صعوبات وحدّة المواجهة مع أوروبا مستغلا الفرصة التي وفرتها رغبة الرئيس ترامب في وقف هذه الحرب وهي حالة استثنائية في السياسة الأمريكية تجاه القضية الاوكرانية لا يجب تفويتها مع الحفاظ على ترتيباته وعلاقاته مع الصين وبقية الدول التي لا تتطابق سياساتها مع الرغبات الأمريكية والأوروبية.
الرئيس الاوكراني زيلنسكي يبدو اكثر تعنتا بسبب تحسن وضعه العسكري والسياسي وخاصة مع الدعم الأوروبي الغير محدود بل والتشدد الأوروبي تجاه الرئيس بوتين، لكن في الأخير إذا لم يستمر الدعم الأمريكي له بالتوافق مع أوروبا سيجد نفسه في مواجهة غير متكافئة مع روسيا وقد يخسر المزيد من الأراضي ويعرض بنية بلاده التحتية للمزيد من الدمار .
إذا لم يتمكن الرئيس الروسي بوتين من استغلال فرصة الضغط الترامبي على أوكرانيا وأوروبا ورغبته في اغلاق ملف الحرب الروسية الاوكرانية ولو مؤقتا فسيجد نفسه غارقا في مستنقع أوكرانيا ومستنزفا اقتصاديا قد تظهر نتائج العقوبات على بلاده بشكل اوضح ولا تستطيع تحملهاو قد تقود إلى زعزعة الوضع الداخلي الروسي لغير صالح نظام الرئيس بوتين.
اتوقع ان يكون لقاء بودابست القادم بعد اسبوعين بين الرئيسين الاميركي ترامب والروسي بوتين محطة مهمة في وقف اطلاق النار لا يفوتها الاخير حتى وان كان حدد خياراته استراتيجيا بالاصطفاف مع الداعيين لثنائية القطبية الدولية، اما زياينسكي فسيكون امام الامر الواقع بالرغم من الدعم الاوروبي فعليه ان يقدم تنازلات تحفظ للرئيس ترامب هيبته ومصداقيته في وقف حرب بلاده مع روسيا ولا اتوقع ان تقدم ادارة ترامب على اذلاله اكثر بعدما عبرت عن امتعاضها من سياسة الرئيس بوتين بعد قمة ألاسكا وعدم تجاوبه السريع مع رغبات الرئيس ترامب في وقف إطلاق النار والدخول في محادثات لإنهاء الحرب.
د/دحان النجار القاهرة ١٩ اكتوبر ٢٠٢٥.