الكون في إجازة …..!!!!!

✍️ مازن الحساسنة
لربما تحتاج الأرض إلى أيام من السكينة والهدوء بعد مئات السنوات من الضوضاء ….
لربما تحتاج الشوارع إلى خلع ثيابها والإستجمام تحت أشعة الشمس بعد أن أقلقتها العربات والمارة والبائعون والمتجولون والصارخون والمنادون …
نعم تحتاج جبهات الحروب إلى إيقاف القتل والذبح والقصف…. تحتاج أن نتأمل السلام والأمان ونترك فرصة للنوم دون إرتعاش ..
تحتاج المدارس والجامعات إلى لحظة هروب …
إستعادة الصمت علها تتجدد مرة أخرى بروح مختلفة بمنهاج يحاكي الإنسانية روحاً وشعوراً ..
ولا ضير أن تغلق أبواب مباني الأمم المتحدة وتوصد شيئاً من الأشهر لتكون الطاولة المستديرة في قاعة مجلس الامن خاوية ومقاعدها فتتوقف القرارات التي قد تهدد الدول وتستنزف المقدرات وتطيح بالسلم الاجتماعي وتعزز الفرقة.
نعم … يحتاج الفقير أن يملك مسافة زمن كي يسترخي أمام مشاهد كهذه يتساوى فيها الناس أمامه …
جميعهم خلف جدران الذعر والهلع والخوف وهو الوحيد اللا خائف لأنه لا يملك ما يملكون…
نعم قد احتاجت المساجد والمعابد والكنائس في أيام معدودات إلى طرد روادها لتعقيم قلوبهم وأرواحهم من الكذب والدجل والنفاق والاتجار بالدين والهرج وقلة صلة الرحم والفجور وآكل الحقوق والزيف والبهتان والرجس والانكار فأغلقت بابها حتى ترتدي الأجساد أثواب الطهر والنقاء …
تحتاج البحار إلى هدوء مياهها بعض الوقت بعد أن أتعبتها السفن المبحرة والبارجات العملاقة والقوارب السيارة ، لعل أسماكها تسبح بحرية دون انتظار سنارة صياديها..
تحتاج السماء إلى فضاء أكثر صفاء دونما آلاف الطائرات التي تحلق وتنفث العوادم ، لعل الطيور تفرد أجنحتها غير اَبهة بالمعادن الطيارة ، وتعلن تحرير السماء من الإحتلال البشري…
يحتاج الحب إلى زمن طويل ، لتتم محاكمة مستخدميه ، هل أنتم محبون ؟ هل انتم تعيشون معاني الحب ؟ كيف أحببت ومنحت وآثرت ؟ كيف قلبت الوهج إلى ظلام؟ والمسامحة إلى كره ؟ الوفاء إلى غدر ؟
والروح إلى مادة ؟ والإحساس إلى فولاذ ؟
تحتاج البنوك والبورصات إلى راحة ما ، تسكت خلالها ماكينات عد النقود التي باتت معيار البشرية ومقياسها وهدفها وعقلها وروحها ، والتي صارت نظرية لها أنصارها واتباعها وجيشها وحماتها من الجشعين والطماعين والبخلاء والمرابين …
يحتاج الساعي وراء المال إلى صفعة على خده ، ليستيقظ من غلوه ، من اختلاف أولوياته ، من هرولته ليزداد رصيده ، من إصراره على تحطيم الأرقام ، من شرب نخب انتصاره في صفقة ما ، من إطاحته بمنافسه بأدوات الشيطان ، من إحتكاره ، من تهميشه لمربعه الأول ، من تحوله إلى روبوت منزوع المشاعر . من قسوته ، من تحجره ..
يحتاج ذاك الساعي إلى أن يتيقن أن صرخة إبنك وهو يريدك لا يتم تلبيتها بالمال ، إن إنتظار حبيبتك لك لا يوازيه أيضاً المال ، عليك أن تتيقن أن قيمة الاشياء الجميلة لا تتحق بعمليات البيع أو الشراء…
نعم أيها البشر أينما كنتم …يحتاج المرء خلال إجازته أن يقف أمام ذاته ويراجعها وتراجعه لإصدار كشف حساب ماذا قدمت وماذا فعلت ..من ظلمت ..من حاربت من خدعت ومن سرقت…من هاجمت ومن طعنت من شتمت ومن خنت ؟؟
نحتاج أن نصارح ذاتنا بأمور لا يمكن أن يعلمها إلا نحن ، نحتاج أن نتعلم ونتدبر ونتعض ونفهم علنا كي نصير أكثر انسانية ، علنا ندافع عن آخر معاركنا ونعيد الأخلاق التي غادرتنا..
بالفعل كل ما تم ذكره نعتبره حكمه الاهيه اختارها رب العالمين.