حرب إسرائيل على ايران-المعركة تزداد تعقيدا رغم الحراك الدبلوماسي !

إيران إسرائيل – خاص العربية نت

أ د / دحان النجار

الحرب بين إسرائيل وايران تزداد ضراوة وارتدادتها الاقليمية والدولية تزداد احتمالا ، واحتمال التدخل الأمريكي المباشر اصبح اكثر واقعية.
الضربات الاسرائيلية على المنشاءات النووية الأيرانية لن تقود إلى تدميرها تماما وبالذات موقعي أوردو ونطانر وهما الهدف الرئيسي الاهم من بين كل المواقع . تفكيك البرنامج النووي الإيراني ليس هدفا اسرائيليا فقط بل هدفا امريكياً وغربيا اساسياً ولذلك ما لم تستطع اسرائيل عمله سوف تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بإنجازه.
بالرغم من التصريحات المتباينة للرئيس الأمريكي ترامب حول تدخل الولايات المتحدة المباشر في المعركة من عدمة إلا ان الثابت الوحيد هو انها سوف تتدخل في اللحظة المناسبة التي تجد فيها اسرائيل نفسها في حالة وهن وتعاني كثير ا من وضعها الداخلي
الهجمات الإيرانية بالصواريخ النوعية والمسيرات على اسرائيل اصبحت اكثر فعالية ودقة ونوعيه ومن ضمنها الهجمات السيبرانية التي قيل انها تتم بالتعاون مع هاكرز من وروسيا والصين وكوريا الشمالية وباكستان وادّت الى انكشاف بعض المواقع والمؤسسات الاسرائيلية الأمر الذي دفع برأس المركز السيبراني الاسرائيلي الى دعوة مواطنية ومؤسساته إلى تغيير كلمة السر تجنبا لاي اختراق، والحروب المعاصرة هي حروب تقنية عالية اكثر منها حروب جيوش راجله ومعدات زاحفة .
كلما شعرت اسرائيل بالألم من الضربات الموجهة اليها كلما شددت وعمقت ضرباتها على ايران وكلا الطرفين يوسعان من بنك اهدافهما التي شملت مؤسسات ومواقع عسكرية واقتصادية وعلميّة إلا ان الفارق في بنك الاهداف بين الطرفين كبير لصالح اسرائيل.
العالم يبدو مذهولا من تطورات الوضع الذي قد يقود الى تفجيره الى جانب تفجير الاقليم الذي اصبح شبه مؤكدا، إلا ان الدول الغربية مهما كانت قلقة من مآلات الحرب المؤلمة لكنها تتبنى الرؤية الأمريكية الاسرائيلية تجاه البرنامج النووي والصاروخي الإيراني وكلنا يتذكر فريق الخمسة زائد واحد الذي كان يفاوض ايران إبان رئاسة الرئيس الأمريكي باراك اوباما الذي قاد الى التوصل للاتفاق حول هذا البرنامج والذي ألغاه الرئيس دونالد ترامب في رئاسته الاولى ٢٠١٦-٢٠٢٠.
كل التحركات الدبلوماسية القائمة لا تعدوا ان تكون مناورات ومحاولات للتقليل من الدمار والنزيف الاقتصادي الذي قد يصيب العالم كله في حالة ما اتسعت الحرب لتشمل مصادر الطاقة وطرق نقلها والتي سترتفع اسعارها وتعكس نفسها سلبيا على الاقتصاد العالمي الذي لم يخرج من معاناته بسبب جائة كورونا والحرب الروسية الاوكرانية.
ايضا الدبلوماسية العالمية تسعى إلى حصر المعركة دون تدخل اطراف دولية فاعلة مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية، هذه الدبلوماسية تسعى الى تحقيق الهدف نفسه باقل الخسائر وليس لتغييره.
دول الاقليم ايضا تضغط من اجل انها هذا الصراع قبل ان يشمل تدمير مرتكزاتها الاقتصادية القائمة بدرجة رئيسية على عائدات النفط والغاز ، وتدمير مدنها ومنشئاتها الاقتصادية على سواحل الخليج التي تتمركز فيها القواعد الأمريكية والتي هددت ايران بضربها في حالة اشتركت الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب مباشره.
امااشتراك الأطراف المساندة لايران في الاقليم فقد يكون لها تاثير مؤلم على الاقتصاد الدولي إذا ما تم اغلاق مضيقي هرمز وباب المندب ومهاجمة قوات البحرية المساندة لإسرائيل لكنها لن تؤدي الى تراجع أمريكا عن هدفها و قيل انها بدأت تفرغ المعدات المهمة والجنود من بعض قواعدها في المنطقة مثل قاعدة العديد في قطر واشتراكها في المعركة سيكون بواسطة القوات الجوية والبحرية التي تستطيع الضرب عن بعد دون الحاجة لهذه القواعد .
الولايات المتحدة حركت قاذفاتها الاستراتيجة الى قاعدة دييجو جارسيا في المحيط الهندي وغوام في المحيط الهادي وكذلك حاملات الطائرات والمدمرات التي تجوب البحار والمحيطات القريبة من مسرح العمليات.
لا يوجد شك لدى غالبية المراقبين ان الولايات المتحدة الأمريكية اصبحت على قاب قوسين او ادنى من توجيه ضرباتها القاصمة لموقع أوردو النووي وربما اي موقع نووي آخر تطلب الأمر ضربه،
توقيت الضربه الأمريكية مرتبط بإعلان اسرائيل عجزها عن تنفيذ المهمة واحتدام الوضع الاسرائيلي الداخلي المتذمر من اطالة الحرب وإطالة معاناته التي لم يحدث مثلها من قبل في تاريخ إسرائيل او في حالة وصول الديبلوماسية إلى حل مرضي ، وما زيادة الحشود الأمريكية للأسلحة الاستراتيجية الضاربة مثل القاذفات الاستراتيجية ب٥٢ وب٢ وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية إلا وسيلة ضغط لتعزيز دور الدبلوماسية وانتزاع احسن الشروط او توجيه الضربة الحاسمة.
الولايات المتحدة واسرائيل يدرسان ايهما انجع الأسلوبين لتدمير المواقع النووية المحصنة في ايران هل بالضربات بواسطة القنابل الخارقة والتي لاتجيدها إلا الولايات المتحدة ام بإنزال جوي لقوات المارينز وتفجير المنشاءات من الداخل، كل الوسائل لا يستبعد استخدامها طالما والهدف واحد، لكن الولايات المتحدة لن تنجر الى حربا برية يريد لها خصومها ان تنجر اليها وهي التي انسحبت من العراق وافغانستان خروجا من مستنقعات حروب الاستنزاف ذات الكلفة العالية.
اطالة فترة الحرب هي اكثر خطرا على اسرائيل من الداخل والتي بدأ التذمر ياخذ مداه وينذر بالتفكك المجتمعي واستنزاف قدراتها الدفاعية مع انها تتلقى وسوف تلقى الدعم الغير محدود من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ولن يتركوها تهزم في المعركة مهما كلف ذلك بل سوف يستمرون في دعمها وضمان امنها وجعلها القوة الاكبر والضاربة في الاقليم .
اصدقاء وحلفاء ايران إلى الان لم يكن لهم موقف حاسم في دعمها مع ان المراقبين لا يستبعدون حصول ذلك بالرغم من ان لكل منهم معاناته الخاصة مثل روسيا في أوكرانيا او انه ليس مستعدا للحروب مثل الصين لكن بالتاكيد انهم سوف يلعبون ادوارا معلوماتية ولوجستية على الاقل ناهيك عن الدور الدبلوماسي .
والخلاصة ان الحرب تتعمق ودخول الولايات المتحدة للضرب المباشر للمواقع المعنية المحصنة اصبح على الابواب اما الاشتراك في الحرب فهي مشتركة فعليا، وايران تبدي مقاومة شديده وتوجه ضربات مؤلمة لإسرائيل إلا ان الضغط عليها شديد وهذه المرة المطلوب برنامجها النووي والصاروخي وان حصل تقارب للحلول اكيد انها سوف تقدم تنازلات ، اما اقتلاع نظامها كما خُطط له لن يتم بالحرب من الخارج لان الشعب الإيراني ذات أنفة وطنية وتاريخية فالخطر هو من الداخل.
اسرائيل تعاني من اطالة الحرب ولكنها على استعداد للاستمرار وخاصة انها حلقة مهمة من حلقات انجازاتها في المنطقة التي بدأت من غزة ولبنان وسوريا وفي الأخير رأس المحور -ايران وتتلقى كل الدعم من الولايات المتحدة والغرب ليس فقط من اجل انتصارها بل ومن اجل تفوقها والخطر عليها ياتي من الداخل ان وصل مجتمعها حد التفكك.
كل الاجتهادات في تحليل الحرب ومآلاتها ليست إلا قرآءات وتنبؤات اعتمادا على المعطيات والاحداث القائمة وهي تحتمل الخطاء والصواب والله من وراء القصد.
د.دحان النجار ميتشجان ٢١ يونيو ٢٠٢٥

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى