بعد خمسين يوما من القصف … عاد الملف اليمني إلى طهران والرياض

 

✍️ عبدالقادر الجنيد

**
رابعا: الدبلوماسية الرئاسية تصل واشنطن
**

الرئاسة اليمنية، مفتونة ومشغولة بمقابلة السفراء.
مكانهم الذي قد يكون أكثر ملاءمة هو أن يصبحوا كلهم وزراء خارجية ودبلوماسيين بدلة من قادة للبلاد.

قررت الرئاسة اليمنية ارسال دبلوماسي يمثلها شخصيا إلى واشنطن.

١- الرئاسة في بلاد الفلوس
*
الرئاسة تقيم في السعودية— بلاد الفلوس— ولكنهم أرسلوا دبلوماسيا ليطلب من ترامب فلوس داخل أمريكا التي تجري بعد فلوس كل العالم وحتى من حلفائها وجيرانها.
ترامب يعرف فقط أخذ الفلوس، وخاصة من السعودية التي وصل من عاصمتها الدبلوماسي الرئاسي اليمني.

٢- الدبلوماسية اليمنية يقولون لترامب أنهم يريدون الحشد لشن حرب برية لمحاربة الحوثي، بينما هم في نفس الوقت يعملون العكس مع السعودية والفئات اليمنية التي تستعملها السعودية من التشاور والمصالحة، والمكونات، والأحزاب الخ… للتخلص من فكرة الحرب البرية.

السعوديون، أصلا، كان قد أخبروا الأمريكيين عند زيارة الأمير خالد إلى واشنطن قبل اسبوعين من بداية حرب ترامب على الحوثيين أنه يفضلون عودة العملية السياسية للتوصل لحل سلمي تفاوضي في اليمن.

٣- إقناع ترامب
*
يرسلون دبلوماسيا رفيع المستوى لإقناع إدارة ترامب بضرورة التخلص من الحوثي، بينما ترامب مقتنع ويقوم فعلا بضرب الحوثي ويريد رؤوس قادة الحوثية.

(!) وكيف ينطلق الدبلوماسي اليمني من الرياض للسفر— وربما على نفقة المملكة— لإقناع ترامب بالحرب البرية بينما السعودية ترفض الحرب البرية (!)

٤- بلبلة تصريح فزاعة داعش
*
الدبلوماسي اليمني حذر من أن الخلاص من الحوثي قد يجلب البديل الأسوأ: داعش.
هذه فزاعة لتخويف الأمريكيين أم لجذبهم؟

قد كانت هناك بلبلة وارتباك في أوساط الجيوش التي قد تزحف على الحوثيين بأن التخلص من الحوثيين قد يكون في صالح الإخوان المسلمين أو حزب الإصلاح أو القاعدة وداعش.
كان هذا التخويف موجودا أصلا بين تصريحات جهات محسوبة على الشرعية اليمنية.
ثم أُعِيد استعماله من الدبلوماسية اليمنية في واشنطن.

القاعدة أو داعش في اليمن، لا توجد.
وإذا وُجدت فإنها صناعة الأمن الوطني السابق وفزاعته للتلاعب بالأمريكيين.

إثارة استياء حزب الإصلاح
*
لا يمكن أن تحشد اليمنيين وأنت تخوفهم من بعض مكوناتهم (الإخوان المسلمين أو حزب الإصلاح) التي شاركت السعودية في جهد إسناد الرئاسة لصرف النظر عن الحرب البرية بالرغم من أنهم يريدون الحرب البرية (!).

الناشطون من الإخوان المسلمين أو تجمع الإصلاح، هم أكثر من استاء من هذا التصريح وامتلأت الوسائط الاجتماعية بالردود والهجوم.

وكيف تطلب من ترامب فلوسا للحشد وأنت تصرح في نفس الوقت أن التخلص من الحوثي قد ينتج عنه البديل الأسوأ وهو بروز داعش والدولة الإسلامية.
هذا لا يقنع الأمريكيين بضرورة التخلص من الحوثيين وربما حتى يجعل ترامب يفضلهم على مجلس الرئاسة.

٥- نتصارع مع أنفسنا
*
هذا أدى إلى مصرع البداهة في أوساط المتحمسين لحرب برية.
وانشغل المتحمسون للحرب البرية في مصارعة بداهات الدبلوماسية والرئاسة اليمنية التي هي أصلا تتصارع مع نفسها.
الدبلوماسية اليمنية، تتصارع مع نفسها عندما تنطلق من السعودية التي تعارض الحرب البرية لتذهب إلى ترامب وتطلب منه تمويل الحرب البرية بينما تقول له في نفس الوقت أن القضاء على الحوثي بالحرب البرية سوف يحضر البديل الأسوأ.

**
خامسا: رسالة إلى مجلس الرئاسة
**

١- باي باي للحرب البرية
*
بانتهاء حرب ترامب الجوية على الحوثيين، تنتهي احتمالات الحرب البرية.

ونحن أصلا كنا نعلم طول الوقت باستحالة نشوب الحرب البرية لأننا لم نكن نشاهد علامات وإشارات التجهيز وحشد البشر والموارد واللوجستيات.

لكننا كنا نتضايق من إرسال الإشارات الغير صحيحة باحتمال نشوب الحرب البرية بينما كل نشاط أعضاء مجلس الرئاسة والحليف السعودي تدل على العكس.

٢- اسرائيل والإمارات
*
هناك كلام لا يفيد بأن اسرائيل لن تترك ثأرها مع الحوثيين وأن الإمارات مازالت تريد محاربة الحوثيين بتشكيلاتها العسكرية ووكلائها المحليين وأنها سوف تحرر الساحل وميناء الحديدة.
لا تركنوا كثيرا على هذا الكلام غير المفيد.

٣- نقض تصريح الملك سلمان
*
تلك أيام قد مضت واندثرت.
تصريح الملك سلمان في ٢٠١٥:
أمن اليمن من أمن السعودية”
“أمن السعودية من أمن اليمن”
هذا التصريح دغدغ مشاعر اليمنيين وجعلهم يحبون السعوديين ويثقون بهم.

قد تغير أشقاؤنا في المملكة، وقد حل محل هذا التصريح تصريحات لا نحبها ولا نحب من يتكلم بها، وهي:
“مراعاة مصالح إيران” “مراعاة استقرار اليمن تحت حكم الحوثيين” “مراعاة استقرار المنطقة”.

٤- أنتم تعودون الآن تحت رحمة السعودية وإيران
*
هناك احتمال ضعيف بأن تفشل مفاوضات أمريكا مع النووي الإيراني واندلاع الحرب وهذا سوف ينهي الحوثيين، وتعودون أنتم للواجهة ليتغصصكم اليمنيون المساكين.

الاحتمال الأقوى، هو أن تتفق أمريكا مع إيران ويعود مصيركم تحت رحمة السعوديين والإيرانيين والحوثيين كما حدث لكم من قبل عندما اتفق السعوديون والحوثيون على خارطة الطريق.

٤- أنتم تعودون إلى يناير ٢٠٢٤
*
كان من المتوقع أن يتم التوقيع على خارطة الطريق في أوائل يناير ٢٠٢٤ ولكن أمريكا أوقفت كل شيئ.

نحن نرى أن ما تهتمون به وما يشغلكم ليس هو ما نهتم به ولا ما يشغلنا.
التجارب تدل على أنكم قد خذلتم اليمنيين في القيادة والسياسة والحرب وفي الصراع بين مكوناتكم وفي مواجهة الحوثيين وفي التعامل بندية مع السعوديين والإماراتيين، ونحن نلفت نظركم أن كل هذا يجب أن يتغير.

٥- قد لا تهتمون بكلامنا ولا تكترثون
*
كل كلامكم لا يعجبنا.
وأغلب الظن أن كلامنا هذا لا يعجبكم.
وأنكم كنتم تودون لو نلتمس لكم الأعذار وأن نرحمكم وأن نراعي أن أوراق الضغط التي بأيديكم ضعيفة.
هذا لا يحدث في أي مكان.
الشعوب، لا تلتمس العذر لقادتها الضعفاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى