حرب اسرائيل على غزة ولبنان-حزب الله يقاوم بشراسة على الحدود وماذا عن الردع!

أ د  / دحان النجار

لا شك بان اسرائيل ركزت جهدها الاستخباراتي والعسكري ضد حزب الله بعد إخفاقها في اجتثاثه في هجومها عليه عام ٢٠٠٦م. ولا شك بانها استخلصت الدروس والعبر من هزيمتها انذاك ووضعت عدة سيناريوهات لمستقبل الصراع مع الحزب مستخدمة بذلك كل تقنياتها المتقدمة استخباراتيا واعداد الاسلحة المناسبة لتدمير الانفاق ومخازن السلاح سواء كانت مخبأة في اعماق الارض او مموهة في الأحراش والمباني كما تدعي .
حزب الله لم يكن غافل عما تدبره له اسرائيل وكان يوحي بانه في مأمن من تلك الاعدادات الاسرائيلية وان قوة الردع لديه جاهزه لمنعها من التمادي عليه. الحزب نشر فيديوهات تحذيرية عبر الهدهد واحد والهدهد اثنين في رصده للمواقع. الحساسة في إسرائيل والتي ستكون أهدافا مستقبلية إذا ما فكرت إسرائيل بمهاجمته وكذلك نشر فيديوهات عن تحصينات مخازنه الاستراتيجية تحت الارض في تلميح واضح بان إسرائيل لن تستطيع الوصول اليها.
بدأت الحرب في غزة وكانت جبهة الشمال مساندة ومؤلمة لإسرائيل ، وحزب الله عندما يساند من الشمال لتخفيف الضغط على غزة يعي تماما بانه الهدف القادم وان ترابط المسارات في المنطقة امر مهم لعدم السماح لإسرائيل بالتهامهم واحداً تلو الآخر .

بعد احدى عشر شهرا من الحرب الاسرائيلية على غزة واضعاف قدرات حماس بعد تدمير القطاع كاملا عادت اسرائيل إلى تركيز جهودها في الشمال تحت مبرر اعادة سكانه إلى منازلهم لكن هذا الشعار يعني بما يعنيه تدمير مصدر الخطر عليهم وهو حزب الله. التفوق الاستخباراتي الإسرائيلي سواء كان تفوقا تقليديا او تقنيا باستخدام الذكاء الاصطناعي قاد إلى تفجير منظومات اتصال لدى حزب الله تمثل في تفجير البيجرات والأجهزة اللاسلكية وكانت ضربه مؤلمة غير متوقعة وأعترف بها الحزب ولكنه كعادته لم يستسلم وبدأ اعادة ترميم منظومة اتصالاته برغم الخسارة البشرية المؤلمة إلا ان إسرائيل لم تعطيه الفرصة فكررت هجماتها على قياداته واغتيال العديد منها منفردة او مجتمعة حتى وصل الأمر إلى اغتيال امينة العام وهو الأمر الذي يثبت على ان هناك اختراق استخباراتي خطير يعاني منه الحزب وعلى الميدان حان الوقت لان يستخدم قوة الردع القصوى لديه بعد إعلان اسرائيل الحرب الشاملة ضده والهادفة إلى تدميره.

قبل هذا الهجوم الإسرائيلي الأخير الشامل الذي بداء قبل اكثر من اسبوعين كان الحزب مقيدا بالمعادلات الاستراتيجية والتكتيكية الاقليمية لمحور المقاومة بقيادة الجمهورية الاسلامية في ايران والذي كان يهدف الى تفويت الفرصة على نتانياهو في تفجير الحرب الاقليمية الشاملة لكن اسرائيل تجاوزة كل الحدود ففي قضائها على المقاومة في غزة ولبنان إن تمكنت وهو امر مستبعد لن تتوقف عند هذا الحد بل المطلوب هو النظام الإيراني وقدراته العسكرية والنووية منها بالذات.

على ضؤ كل ما سبق لا يوجد هناك اي مبرر لدى حزب الله في عدم استخدام قوة الردع القصوى لدية التي كان يلمح بها في الماضي القريب وخاصة ان الجمهورية الاسلامية قد شعرت بخطر المهادنة والانجرار وراء الوعود المخادعة وبدأت بالدخول في المعركة مباشرة عبر هجوم الوعد الصادق ٢ والذي تسبب بنتائج مؤلمة لإسرائيل لم يسبق وان تعرضت لها في ماضيها وهي تعد العدة حاليا لرد مؤلم يتوقع ان يكون ايذاناً بإعلان الحرب الاقليمية الشاملة التي يهدف نتانياهو إلى جر الجميع اليها وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية وتوجيه ضربه ساحقة لايران وبرنامجها النووي. ايران تهدد بقوة الردع وبالتأكيد انها سوف تستخدم قوتها القصوى ولا خيار أمامها غير ذلك إلا إذا لعبت الدبلوماسية السرية دورها في تحديد مستوى الرد الاسرائيلي كي لا تنفجر الأوضاع في المنطقة ويتأثر بها الاقتصاد العالمي مع انني اشك بقدرات تلك الدبلوماسية على كبح جماح نتانياهو الذي لن يوقفه غير الردع القوي والمؤلم.
اما حزب الله فخياراته اصبحت واضحة وهي خيارات الردع ان كان قادرا على تحريكها الآن لان الهجمات الشرسة ضد قياداته وقواعده وإمكانياته لا زالت مستمرة وفي تصاعد. وهذا الامر ينطبق على بقية اطراف محور المقاومة التي سيتم تناولها منفردة واحداً تلو الآخر ان تمت تصفية الحسابات مع حزب الله .
في حرب ٢٠٠٦م كان اداء حزب الله متناسق وممنهج بشكل اذهل الاعداء قبل الاصدقاء عندما كانت قيادته تصرح بانه كلما تمادت إسرائيل في الهجوم على قواته وعلى المدنيين في لبنان كلما وسع من دائرة استهدافه للمؤسسات العسكرية والمدن الاسرائيلية حيث كان يصرح بالتدرج في اطلاق صواريخه ابتداء بقصف شمال إسرائيل والتدرج إلى حيفا وما بعد حيفا حتى وصل الأمر إلى ضرب تل ابيب وما بعدها وكانت وعود صادقة ورادعة بغض النظر عن النتائج التدميرية لها. اما في هذه المعركة فالكل يتوقع ضربات رادعة اشد قوة وتدمير وخاصة ان الحزب قد راكم ترسانة صاروخية كبيرة وذات مدى ابعد وقوة تدميرية اشد.

على المستوى العملياتي على الارض اضهر مقاتلي الحزب اداء ممتاز في صد التوغل الاسرائيلي في الجنوب اللبناني وفي اطلاق الرشقات الصاروخية على شمال فلسطين والمستوطنات والقواعد والتجمعات العسكرية الاسرائيلية وبالتأكيد ان صموده هذا على الحدود سيدفع إسرائيل إلى تشديد ضرباتها الجوية على قياداته وحاضنته الجماهيرية ومخازن أسلحته وتحصيناته الاستراتيجية، وما ضربة اليوم الشديدة الغير مسبوقة على الضاحية الجنوبية مستهدفة الامين العام المحتمل الجديد هاشم صفي الدين والقيادات المجتمعة معه حسب التصريحات الاسرائيلية وهو الخبر الذي سيتم نفيه او اثباته في الساعات القادمة إلا دليل واضح على تصاعد الهجوم الإسرائيلي ضد الحزب . بالنسبة لقيادات الحزب هي مشاريع استشهادية وعند اغتيال قيادة هناك قيادات بديلة سوف تغطي الفراغ حسبما صرع بذلك نائب الامين العام ويتوقعه الجميع

والسؤال هنا ، طالما واسرائيل قد استخدمت قوتها القصوى ضده متى سيستخدم حزب الله أسلحته الرادعة؟ وهل لا زالت سليمة كما اكد نائب أمينه العام قبل يومين؟ وهل لازال قادر على استخدامها ؟ هذا ما سوف نكون شهودا عليه في الايام القادمة.
د. دحان النجار القاهرة ٤ اكتوبر ٢٠٢٤م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى