حرب اسرائيل على غزة ولبنان- بعد مرور عام على طوفان الأقصى هل تمكن نتانياهو من تحقيق اهدافه؟

أ د / دحان النجار
عام كامل من القتال في غزة بين قوتين غير متكافئتين في العتاد والسلاح والجند والإرادة القتالية. اسرائيل تمتلك الجند والعتاد والسلاح التدميري بالغ الشدة والفلسطينيون يمتلكون الارادة القوية الصلبة وما امكن من العتاد والسلاح المتواضع.
اسرائيل إلى الان لم تتمكن من كسر المقاومة بالرغم من تدميرها للمساكن والسكان والحجر والشجر بواسطة قوتها المفرطة ولم تراعي لا قوانين انسانية دولية ولا قرارات محكمة العدل ومحكمة الجنايات الدولية بل والأمم المتحدة نفسها ممثلة في جمعيتها العمومية.
اسرائيل صرحت بانها كسرت شوكة المقاومة في عزة وهي تعلم بقرارة نفسها عكس ذلك ولذلك اتجهت إلى الشمال للقتال مع حزب الله هروبا من تعثرها في غزة وتشوه صورتها الدولية بسبب أعمال الإبادة الجماعية فيها.
اليوم هو السابع من اكتوبر ٢٠٢٤م وبينما فرق الجيش الاسرائيلي الجديدة تتجه إلى غزة لخمد اي مقاومة بمناسبة الذكرى الاولى لعملية طوفان الأقصى نجد ان حماس تتمكن من اطلاق صواريخها باتجاة تل ابيب وتلحق اضرارا بشرية وماديه في الجانب الإسرائيلي وهذا يثبت ان هدف نتانياهو في القضاء على المقاومة الفلسطينية في غزة لم يتحقق بعد عام من التدمير لكل ما هو متحرك وثابت على الارض.
غزة تحولت إلى حرب استنزاف بالرغم من محدودية مساحتها والحصار المطبق عليها من كل الجهات إذا كيف سيكون الأمر مع حزب الله الذي يمتلك نطاق ديموغرافي وجغرافي واسع يسمح له بالمناورة والصمود.
في السابع من اكتوبر ٢٠٢٤م يظهر ابو عبيده من جديد مؤكدا استمرار المقاومة ووحدة فصائلها في الاقليم ويؤكد بان المقاومة اعدت خطط حرب استنزاف طويلة الامد وبمجرد ظهوره بعد عام من تتبعه من قبل المخابرات والجيش الاسرائيلي تكون اسرائيل على موعد جديد من القتال والتدمير في غزة جل ضحاياه من المدنيين الأبرياء.
وبالرغم من الضربات الاسرائيلية المؤلمة لحزب الله إلا انه لازال في اداء ميداني قوي من وجهة نظر المراقبين حتى لو تم اغتيال الصف الثاني والثالث من قياداته لانه قد احتسب لذلك واوجد هياكل بديلة تسمح باستمرار المقاومة إلى ما لا نهاية. اسرائيل استخدمت القوة المفرطة في ضرب حواضن حزب الله وقياداته ومعسكراته واستخباراته وكانت ضربات مؤلمة بالفعل لكنها لم تؤدي إلى انهيار ه وترك جبهات القتال مفتوحة أمامها لتحقيق اهدافها بل لازال اداء قواته الميداني على الحدود يضهر صمودا قويا بل وتهاجم.
الحزب لا زال يقاوم ويوجه ضربات ناجحة للمواقع الاستراتيجية الاسرائيلية ولو انها لم تكن عند المستوى المتوقع منها ما يدل على سلامة او تعافي القيادة والسيطرة لديه . قوات الرضوان افشلت كل محاولات الاختراق الحدودية الاسرائيلية إلى اليوم ومن الصعب ان تحقق اختراقات مستقبلية بسهولة وعلى ما يبدو ان الحزب سوف يقاوم طويلا ولديه خبرة في ذلك بينما اسرائيل التي هربت من استحقاقات جبهة الجنوب إلى تفجير جبهة الشمال نجدها الان امام مقاومات مستمرة لا تستطيع تحملها لسنوات وقد يقود ذلك إلى نتائج سلبية ضدها كانعكاس للواقع على الارض.
اسرائيل سوف تستمر في تدمير القرى والبلدات اللبنانية التي تشكل حاضنة شعبية لحزب الله وخاصة الحدودية منها لإفراغها من السكان وتسهيل تتبع حركة المقاتلين و الاستمرار في محاولات اختراق الحدود والوصول الى بعض المرتفعات والبلدات اللبنانية الحدودية التي تعتبرها مصدر خطر على امنها ولا يُستبعد ان توسع اجتياحها الى الليطاني وهذا عمليا غير ممكن في ظل المقاومة الشديدة على الاقل في الوقت الراهن وتستمر في الضربات الجوية المكثفة والاغتيالات لقيادات الحزب لان المطلوب في الأخير هو اخراجه عن المعادلات السياسية والعسكرية في المنطقة والوصول إلى فكرة الشرق الأوسط الجديد التي أعلنها نتانياهو بعد اغتيال امين عام الحزب بضربة جوية ومن قبله اعلنتها كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية اثناء الهجوم الإسرائيلي على لبنان عام ٢٠٠٦م . وكل ما استمر صمود مقاتلي الحزب على الحدود واستمرار الرشقات الصاروخية إلى داخل الأراضي المحتلة كلما زادت الهجمات الجوية الاسرائيلية شراسة.
اما في حالة توسيع المعركة لتشمل ايران هنا ستكون الكارثة الكبرى في المنطقة لانها لن تكون حرب إسرائيلية إيرانية فقط بل ستدخلها اطراف اخرى ومن اهمها الولايات المتحدة. ومن المتوقع ان يتم تفادي حرب اقليمية شاملة تكون ايران طرفا فيها لما لها من مخاطر امنية واقتصادية كارثية على العالم بأسره وان تُعطى الموافقة لنتانياهو على توجيه ضربة محدودة يتم فيها استهداف مواقع عسكرية إيرانية لكن من يستطيع لجمه وهو الذي يسعى منذ بداية هجومه على غزة إلى تحويلها إلى حرب اقليمية شاملة تشارك فيها الولايات المتحدة الأمريكية وهو يُفاخر ايضا بتمرده على الادارة الأمريكية في مبادراتها الخجولة لوقف إطلاق النار وتبادل الاسرى والمختطفين في غزة وعدم توسيع نطاق الحرب اقليميا. اسرائيل بقيادة نتانياهو أعينها متجهة نحو المراكز النووية الإيرانية فهل يتمكن حلفائها من ثنيها عن ذلك ام تقديم الدعم لها من اجل القضاء على البرنامج النووي الايراني الذي يقلقهم جميعا؟
مع مرور عام على عملية طوفان الأقصى المنطقة تزداد سخونة والمقاومة لا زالت في موقف التحدي والاستمرارية و كل الاحتمالات مفتوحة اما التدمير الجنوني لقطاع غزة وجنوب وشرق لبنان والضفة الغربية هو الثابت الوحيد ولكنه لا يولد نصرا استراتيجيا بالضرورة.
د.دحان النجار القاهرة ٧ اكتوبر ٢٠٢٤م