حرب اسرائيل على غزة-سلوك احرج الحلفاء ويجرهم إلى الكارثة الاقليمية!

أ د / دحان  النجار

حاول حلفاء اسرائيل وبكل إخلاص تحصينها من اي عقوبات دولية بالرغم من الادانات المباشره من محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة ومنظماتها الفاعلة وكثير من منظمات حقوق الإنسان والإغاثة الدولية بل وصل الأمر الى مواصلة مد إسرائيل بالسلاح والذخائر المدمره من اجل الحفاظ على تفوقها العسكري في الاقليم متجاوزين بل ومغطيين على اعمال الابادة الجماعية والتجويع الممنهج الذي تستخدمه ضد سكان قطاع غزة والبطش بسكان الضفه الغربية.

اسرائيل بتصرف اليائس تدمر كل شيء في القطاع فلم تُبقي لا مدرسة ولا مستشفى ولا مسجد ولا كنيس ولا حي سكني سليم بل دفنت الالاف تحت الأنقاض وطاردت الافراد المدنيين في الشوارع وقتلتهم بدم بارد وقتلت افراد لجان العشائر الذين يتطوعون لتوزيع المساعدات ناهيك عن قتل المتجمهرين المدنيين من اجل الحصول على المساعدات الغذائية التي تُلقى عليهم من الجو إلى الساحات وعرض البحر بشكل مهين او التي تصل عبر منظمات إغاثية محدوده لكنهم يبحثون عما يسد رمق أطفالهم الذين يتضورون جوعا ومصابون بالهزال وسؤ التغذيه والعشرات منهم قضوا جوعا والبقية يكابدون الجوع والعطش والمرض حتى وصل الأمر بالجيش الاسرائيلي الثلاثاء الماضي إلى قتل متطوعي المنظمات الانسانية الأجانب بواسطة الدرون وبشكل متعمد وبالذات متطوعي المخبز الخيري العالمي وهم من عدة دول معظمها داعمه لإسرائيل بشكل سافر وفي مقدمتها بريطانيا وكندى وأستراليا وبولندا الأمر الذي احرج سلطات تلك البلدان وجعل إسرائيل في مواجهة مباشره مع المجتمع الدولي الخجول والمتواطىء.
كل هذه الأعمال آنفة الذكر وما سبقها من قتل وتجويع للمدنيين وتدمير لكل شيء أيقظ الكثير من مواطني العالم تجاه التصرفات الاسرائيلية المنافية لكل الشرائع والقوانين الإنسانية الدولية الأمر الذي جعلهم يضغطون على حكامهم من اجل وقف العدوان ومعاقبة إسرائيل التي اصبحت بعيون الكثير منهم دولة مارقة تبيد شعب ياكمله بحماية ورعاية دول كبرى جعلتها تفلت من العقاب بل ودعمتها في انجاز مهمتها الغير إنسانية وهو الضغط الغير مسبوق في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ( ولم اقل العربي الاسرائيلي) الذي تسبب في تعديل مواقف تلك الدول التي لم تجد ما تبرر فيه افعال إسرائيل .
الًولايات المتحدة الأمريكية الحليف الأكبر لإسرائيل والحامي الاول لها من اي عقوبات بداء حكامها يشعرون بالخجل من التصرفات المتهوره وبداء الشارع الأمريكي بما فيه قطاع واسع من اليهود الأمريكيين يضغط عليهم باتخاذ مواقف اكثر انسانية تجاه الفلسطينيين حتى انه يقال ان زوجة الرئيس بايدن “جيل بايدن” طلبت منه تغيير موقفه الداعم لإسرائيل او الانفصال معها. وهكذا بداء الاعتدال في الموقف الأمريكي الذي ينعكس في تصريحات اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الديمقراطيين وبعض مسؤلي البيت الأبيض والخارجية والدفاع.
وعلى سبيل المثال سبق الموقف الأمريكي الضاغط تراجع في الموقف البريطاني حيث والشارع البريطاني اكثر تفهم لما يدور في غزه انعكس في المظاهرات الضخمة والكثيفه والمتواصلة في لندن وغيرها من المدن وهناك العديد من المشرعين ومن المحامين من تقدم بطلب إلى حكومتهم بعدم تزويد اسرائيل بالسلاح والذخائر وفرض عقوبات عليها ، وفي الشارع الالماني المؤيد تقليديا لإسرائيل بداء ت الكفه تميل لصالح القضية الفلسطينية الامر الذي احرج القيادة السياسية من اجل تعديل موقفها والانضمام إلى الدول المطالبه لإسرائيل بتعديل مواقفها واحترام حقوق الانسان وتخفيف الحصار وهناك الكثير من دول العالم التي كانت متعاطفه مع اسرائيل بداء جمهورها قبل حكامها يدرك الغاية الاسرائيلية في إبادة الفلسطينيين بدون رحمه. وينطلق المتطرفون اليهود في الحكومه الحالية من نصوص دينية متطرفه تدعو الى إبادة كل من يقف في طريقهم الأسطوري المتشدد وهو السلوك الذي بداء يتكشف للكثيرين وسيكون تحت المجهر مستقبلا.
الضغط الدولي على إسرائيل بضرورة فتح المعابر لادخال المساعدات الانسانية وعدم استهداف قوافل الاغاثة بل والمطالبه بالتوضيح والتحقيق لما تم من اعتداء عليهاومسا ئلة مرتكبيها وعدم الهجوم على محافظة رفح حيثما يتكدس اكثر من مليون نازح فلسطينيي بالإضافة الى الفشل العسكري في إسكات المقاومة الفلسطينية والقضاء عليها دفع بحكومة ناتانياهو المتطرفه الى اعادة محاولة اشعال المنطقة بحرب اشمل من اجل خلط الأوراق والفكاك من المسائلة والخروج من الازمة تكون فيها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها شريك مباشر في الفتنه بل في الحرب وهنا يتم اعادة ترتيب الأولويات لصالحها. من اجل ذلك شنت إسرائيل هجوم مؤلم على القيادات الإيرانية في مبنى القنصلية في دمشق مطلع هذا الأسبوع أدى الى مقتل العديد من قيادات الحرس الثوري الإيراني العليا بعد وصولها الى دمشق بوقت قصير هذا الهجوم المهين لايران على ساحتها وفي اطار سيادتها وهي التي حاولت مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى اللحظة تجنب حرب الشمال لما لها من انعكاسات اقليمية مدمره لا يمكن التحكم بنتائجها، ادراكا من ناتانياهو بان ايران لن تتحمل هذه الاهانه وسوف تقدم على الرد وحينها يفلت من الحبل الذي بداء يلتف حول عنقه وتدخل الولايات المتحدة طرف في الحرب مباشره.
اكيد ان الولايات المتحده وايران لا تريدان خوض الحرب الاقليمية الشاملة لكن هذه المرة ايران في موقع المضطر للرد على الهجوم الإسرائيلي من اجل رد اعتبارها داخليا واقليميا ودوليا ومن اجل ردع اسرائيل من اي تطاول قادم وهو الامر الذي قد يقود إلى خروج الأوضاع عن السيطره والدخول في المجهول. اكيد هناك تحركات دبلوماسية من وراء الكواليس من اجل تجنب حرب كهذه فهل ستنجح الأطراف في تجنبها ؟هذا ما توضحه الايام القادمة.
اكيد بان تشديد الضغوط من قبل الولايات المتحده على اسرائيل هدفه تنفيس الموقف الإقليمي المتوتر لكن هذا لا يعني تجنب الكارثة نهائيا فهناك لاعبين غير حكوميين في المنطقة برزوا على السطح مؤخرا واهمها المقاومة العراقية التي وجهة ضربه مؤلمة للقاعده العسكريه الاسرائيلية في ميناء إيلات وهناك المقامة في اليمن التي لا تزال تتحكم في الموقف في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن بل ووصلت أذرعها إلى إسرائيل نفسها بالرغم من الضربات الأمريكية والبريطانية الموجهة اليها . واضح ان محور المقاومة بات يملك اسلحة نوعيه لم تكن في حسبان الولايات المتحدة وحلفائها وهو الأمر الذي يُعقد فصول المعركة الاقليمية القادمة ان حصلت.
تدويل المعركة في غزه وما حولها يتضح كل يوم اكثر فأكثر ، ففي البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي لم يعد التواجد العسكري مقصورا على الولايات المتحدة وحلفائها بل ايضاً الروس والصين اصبحوا لاعب ملحوظ ويمتلكون قواعد على سواحله تراقب الوضع بل والأكثر من ذلك في الأسبوع الماضي عبرت سفنهم الحربية مضيق باب المندب متمثل في الطراد فأرياج والفرقاطة مارشال شابوشنيكوف من أسطول البحر الهاديء الروسي وقبلها بعض السفن العسكرية الصينية التي تمتلك قاعده بحريه في جمهورية جيبوتي. ولا نستبعد في الايام القادمة ان يتم تعزيز الأسطول الروسي في البحر الأبيض المتوسط ولا يستبعد ايضا تعزيز التواجد الصيني هناك وهنا تكمن مخاطر المرحلة القادمة.
الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة وايران وحلفائها من جهة اخرى في موقف لا يحسدون عليه فبعد هجوم دمشق وتصريح القياده الإيرانية بضرورة الانتقام وفي هذه المره المتوقع ان يكون الانتقام باياد إيرانية وليس الاكتفاء بأذرع محور المقاومة وعليه بدات إسرائيل بالاستعداد لتلقي الضربة الانتقامية المباشره بتجهيز قوتها الهجومية من طيران وصواريخ وغيرها وايضا التشويش على نظام الخرائط جي بي إس في معظم مناطق فلسطين المحتله وكذلك اغلاق سفاراتها في بعض البلدان المجاورة والرد الذي لابد منه باعتقادي سيكون محدود و ان الولايات المتحدة الأمريكية وايران لن يصلان إلى تفجير الوضع الاقليمي الشامل وسوف تحصل هناك بعض التفاهمات حتى لو ادى الأمر إلى ضربه إيرانية انتقامية محدوده يتم امتصاصها. ومع ذلك الاقليم بعد حرب غزة لن يكون الاقليم ما قبلها والتفوق الاسرائيلي عمليا انكسر لكن حلفاء اسرائيل لن يسمحوا بذلك والتخلي عن الهدف الذي وجدت من اجله وسيتم ادخال عناصر أخرى إلى الازمة كمحاولة لكسب نصر لإسرائيل استراتيجي فشلت في تحقيقه عسكريا وقد يكون عبر ترتيبات اقليمية لادخال قوات مسلحة إلى غزة وعلى الأرجح ستكون من مصر والمغرب والأردن بإشراف أمريكي وأممي وتنسيق مع إسرائيل تسند السلطة الفلسطينية وتحاول احيائها في القطاع على حساب حماس والجهاد الإسلامي وقد يقود هذا التصرف إلى خلق فتنه فلسطينية داخليه الأمر الذي يمكن اسرائيل من تحقيق بعض اهدافها في محاربتها لحماس والجهاد الإسلامي وفرض شروطها على سلطات القطاع الجديده ان تمت لها الغلبه والسيطره.
واذا لم يعمل المجتمع الدولي على فرض حل الدولتين بدون مماطله وتسويف كما حصل في الخمسة والثلاثين السنة الماضية من بعد مؤتمر مدريد ١٩٩١ م وحتى اليوم سوف تظل الساحة الفلسطينية مشتعله ومعها الاقليم وفي هذه الحالة يظل السلم والامن الدوليين والإقليم في خطر .
د. دحان النجار ميشجان ٥ أبريل ٢٠٢٤ م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى