حرب إسرائيل على غزة ولبنان – الرئيس ترامب قادم الى المنطقة فهل حان وقت سلام شامل ودائم في الشرق الأوسط ؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال مؤتمر صحافي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. 30 سبتمبر 2025 – REUTERS

أ د / دحان النجار

بدأ اليوم الجمعه العاشر من اكتوبر تنفيذ المرحلة الاولى لوقف اطلاق النار في غزة حسب مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وابتهج الجميع في غزة وفي إسرائيل على حدا سوى ومن خلفهما شعوب المنطقة والعالم التي عانت من الحرب التدميرية الكارثية على مدى عامين كاملين راح ضحيتها اكثر من ٦٧ الف ضحية مدنية واكثر من ١٥٠ الف جريح بالاضافة إلى انتشار المجاعة والاوبئة وفقدان الدواء والغذاء بشكل غير مسبوق في العالم المعاصر.
المرحلة الاولى وقف إطلاق النار ويتلوه بعد ٧٢ ساعة تبادل الاسرى والمختطفين لكن هناك اختلافات حول المفرج عنهم من السجناء الفلسطينيين حيث تشير المعلومات الى ان اسرائيل وضعت فيتو على إطلاق ٢٤ سجينا مؤبدا فلسطينيا وعلى رأسهم مروان البرغوثي مسؤل حركة فتح في الضفة الغربية واحمد سعدات الامين العام للجبهة الشعبية وخالدة كرار القيادية في الجبهة الشعبية وغيرهم من القيادات ذات الوزن الثقيل فلسطينيا، هذه اول معضلة تعترض تنفيذ الاتفاق المرحلة الاولى ونتوقع ان يتم تعديل قائمة الفيتو الاسرائيلي لكن من المرجح ان الأسماء الثلاثة لن يُفرج عنها إلا إذا كان هناك تفهم وضغط أمريكي على اسرائيل للإفراج عنهم وهو محتمل ولو بنسبة ضئيلة لكنه غير مستبعد.
ادأ الوسطاء في إقناع الادارة الأمريكية سيكون له الدور الحاسم في قضية السجناء المؤبدين ذات الوزن الثقيل واعتقد ان الرئيس ترامب سيكون قادرا على فرض ذلك إذا ما تمكن هؤلاء الوسطاء من إيصال رسالتهم اليه باللغة التي يحبها وهي الثناء على جهوده وقراراته الحاسمة في فرض السلام التي لم يسبقه اليها اي رئيس أمريكي سابق.
الجدية واضحة في خطة الرئيس ترامب بشان غزة لكن إلى اي مدى سيظل هذا خاضع لتطورات الاحداث واستمرار الضغط الشعبي العالمي الذي اعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة ودفع بحكام اوروبا وامريكاء وغيرها إلى تعديل مواقفهم المنحازة بشكل فاضح الى اسرائيل حتى لو كان ذلك الانحياز مخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني الذي تبنته تلك الدول مع بقية القضايا والنزاعات العالمية الأخرى.
في أحد تصريحاته الرئيس ترامب أشار إلى أن إسرائيل انتصرت داخليا وهو يقصد في غزة والمنطقة لكنها خسرت عالميا ويقصد انقلاب الرأي العام العالمي ضدها وهذه اشارة ليست بسيطة بل تعبر عن عمق التغيير العالمي الايجابي لصالح القضية الفلسطينية التي ظل يجهل جوهرها لسبعة عقود وأكثر لا يعلم إلا ما تمليه عليه وسائل الإعلام المنحازة والموجهة.
الرئيس ترامب يُبدي تفاؤلاً رفيعا في نجاح خطته وهذا مؤشر ايجابي وكذلك تأكيده بعدم فرض الترحيل القسري على الغزويين ويُقال ان مندوبيه في الوساطة ويتكوف وكوشنر يبدون مرونه كبيره في الحوار حول تفاصيل المبادرة وآليتها التنفيذية بما في ذلك التعاطي مع بعض مخاوف حماس.
والحقيقة أن الظروف قد نضجت الى حدا ماء لإيقاف هذه الحرب العبثية فاسرائيل قد استخدمت قوتها القصوى في غزة ولم تستطيع حسم الموقف نهائيا بالرغم من التدمير والقتل المفرط على مدار عامين كاملين وحققت بعض اهدافها الاقليمية في لبنان وسوريا وايران لكنها دفعت ثمنا باهضا لذلك والتطرف الديني الاسرائيلي وصل مداه وخاصة في الضفة الغربية من مصادرة اراضي الفلسطينيين واقلاق حياتهم وتدنيس المقدسات ومن اهمها المسجد الأقصى الشريف وتضاعف الاستيطان، ووضعها الداخلي ليس باحسن حال بل لقد تعرضت لهجمات نوعية جعلتها تعي بانها ليست محصنة تماما وسكانها شعروا بانهم تحت النار وان الامن المطلق لهم غير ممكن بدون أمن الطرف الاخر والرأي العام العالمي ينقلب ضدها بسبب الابادة في غزة ، الحكام الأوروبيون والأمريكيون في موقف محرج امام الرأي العام في بلدانهم المناهض لتصرفات اسرائيل والمؤيد للقضية الفلسطينية ،اما العرب والمسلمين فقد تخلوا نهائيا عن معادلة القوة في استعادة الحقوق الفلسطينية المسلوبة واصبحوا جاهزين للتطبيع جميعهم إلا ما ندر بمجرد ان تُحل القضية الفلسطينية باي شكل يُبعد عنهم الاحراج.
امام الرئيس ترامب والولايات المتحدة الأمريكية فرصة تاريخيّة لاحلال السلام في الشرق الأوسط ويجب ان لا تضيع واعتقد ان الادارة تعي ذلك تماما وهي في نفس الوقت تتجاوب مع جزء لا يستهان به من مزاج جمهورها الداخلي ومزاج حلفاؤها عالميا.
زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للمنطقة الاثنين القادة ستمثل لحظة تاريخيّة فارقة في معادلات السلام والحرب في المنطقة وسوف تضع بصمتها على تاريخه السياسي والإنساني في المستقبل وقد تقود الى منحه جائزة نوبل للسلام لاحقا ان هو تمكن من فرض السلام على كل الأطراف وأساسه قيام الدولة الفلسطينية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتكلم عن سلام في الشرق الأوسط وهذا يتطلب منه شجاعة نادرة في مواجهة اللوبيات الضاغطة في كل مؤسسات الدولة العميقة والظاهرة وهناك تأييد شعبي له مخالف لهذه الجماعات وعليه التسلح بهذا التأييد ، ومن مصلحته ومصلحت الولايات المتحدة حل بعض البؤر الملتهبة في العالم ومن اهمها بؤرة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية بالذات ان اراد الانتقال إلى مواجهة الصين، ومنطقة الشرق الأوسط لا خوف منها فقد اصبحت تدور في الفلك الأمريكي ٩٩٪؜ .
الحل للقضية الفلسطينية اصبح مطلبا عالميا لكن المتحكم في مفاتيحه هي الدول الكبرى المؤثرة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية .
زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع المقبل إلى المنطقة سوف تتوقف عليها كثير من المتغيرات باتجاه السلم او الحرب ونتمنى ان يكون السلام هو حجر الزاوية فيها وان يكون هو بطل السلام العادل والدائم في المنطقة.
د/دحان النجار القاهرة ١٠ اكتوبر ٢٠٢٥ م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى