الحرب الروسية الاوكرانية- تهدئة وحلول مؤلمة تلوح في الأفق

ترامب يتوسط بوتين (يمين) وزيلينسكي (وكالات
أ د / دحان النجار
تباينات كبيرة في وجهات النظر بين ادارة ترامب وحلفائه الأوروبيين حول لقائه مع الرئيس الروسي بوتين في عاصمةجمهوربة المجر بودابست دون مشاركتهم الامر الذي قاد الادارة الأمريكية إلى الاعلان عن ان الموعد لم يُحدد بعد ولن يحدث في القريب العاجل وهي إشارة واضحة إلى ذلك التباين وضرورة اجراء المزيد من المشاورات قبل اللقاء ،وايضا الرئيس ترامب يلمح إلى أن طرفي النزاع غير جادين بما فيه الكفاية للخروج منه وهذا التلميح يدل ايضا على عمق التباين بين الحلفاء مع بعضهم اكثر منه تباين مع الرئيس بوتين.
الرئيس زيلنسكي يصرح بانه سوف يعلن قريبا عن اتفاقية جديدة تتعلق بقدرات أوكرانيا الدفاعية مع شركائه الأوروبيين حول الضمانات الامنية لبلاده .
قادة بريطانيا وألمانيا واوكرانيا والاتحاد الاوروبي متفقين مع الرئيس ترامب من اجل انهاء الحرب كما يصرحون ولكن بشروط مشددة على روسيا ونتيجة للضغوط المتبادلة
البيت الأبيض يصرح بان لا لقاء قريب بين ترامب وبوتين وان اجتماع كهذا بحاجة إلى ترتيبات مسبقة ووقت كاف للإعداد وكذلك وزراء خارجية البلدين لم يحدّدا بعد موعد اجتماع لهما.
وحلفاء امريكاء الأوروبيون يمارسون ضغطا شديدا على الرئيس ترامب من اجل ان لا يهدي الرئيس بوتين نصرا هم لا يرغبون به بل انهم يحثونه على تاديب روسيا وتقطيع مخالبها واخراجها من أوكرانيا مهزومة كي لا تقوى مرة اخرى على مهاجمة جيرانها حسب زعمهم.
وامريكاء تمارس ضغطا كبيرا على الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي للتنازل عن اقليم القرم واقليم الدونباس وبعض الأراضي الاوكرانية المحتلة ويبدو ان الرئيس ترامب لا يهتم كثيرا بثبات الحدود بين الدول والاتفاقيات الدولية تحت مظلة القانون الدولي التي تنظم ذلك والدليل محاولاته ضم جزيرة جرينلاند التابعة للدينمارك وضم كندا وتغيير وضع خليج المكسيك والاعتراف بضم اسرائيل لهضبة الجولان السورية في رئاسته الاولى وغيرها من المحاولات التي تشذ عن قاعدة القانون الدولي .
الرئيس ترامب يرى بان الحرب الروسية الاوكرانية كانت نتاج سياسة الديمقراطيين في ظل رئاسة بايدن وانها لا تعنيه وعليه الخروج منها باي طريقة لكنه يواجه ضغطا شديدا من المؤسسة العسكرية والدولة العميقة كي لا يعرض هيبة بلاده وزعزعة الثقة بينها وبين حلفائها الاستراتيجيين في منظمة “الناتو”.
هناك جهود حثيثة تبذلها أوكرانيا والدول الأوروبية في إقناع الرئيس ترامب بعدم التسرع في تقديم التنازلات للرئيس بوتين على ورق ابيض بل يجب على الاقل إنتزاع ضمانات امنية لصالح أوكرانيا والقارة الاوروبية مقابل وقف هذه الحرب على اساس خطوط التماس الحالية.
وبحسب وكالة بلومبيرغ الإخبارية هناك ضغوط متبادلة بين الأمريكان والأوروبيين ،الأوروبيين موافقين على التهدئة تلبية لرغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكنهم اعدوا خطة مشتركة مع أوكرانيا مكونة من ١٢ نقطة على اساس وقف اطلاق النار على خطوط التماس الحالية مع عدم الاعتراف بضم الأراضي الاوكرانية المحتلة إلى روسيا ،ورفع العقوبات تدريجيا عنها ، واقرار حزمة مساعدات كبيرة لأوكرانيا وتقديم ضمانات امنية ومسار لانضمامها إلى السوق الأوروبية والاتحاد الأوروبي.
وفي خطتهم الجديدة يشترط الأوروبيون إعادة فرض العقوبات على روسيا إذا اعتدت مجددا على أوكرانيا ،ويمنع الإفراج عن اموال موسكو المجمدة وهي ١٤٠ مليار يورو حتى توافق على المشاركة في اعادة إعمار أوكرانيا ، ويرون ضرورة
دخول موسكو وكييف في مفوضات حول ادارة الأراضي المحتلة ، واعادة الأطفال الأوكرانيين المرحلين إلى روسيا وتبادل الاسرى وغيرها من الشروط.
أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون لا يريدون اغضاب الرئيس ترامب برفض خطته ولذلك اعلنوا الموافقة عليها لكنهم يحاولون وضع العديد من الاشتراطات التي قد تؤجل الاتفاق عليها بينه وبوتين في لقائهما المزمع في بودابست حتى يتولد وضع جديد افضل لصالح أوكرانيا من خلال التشكيك بين الرئيسين بوتين وترامب وهو امر محتمل وخاصة اننا نرى الرئيس ترامب قد تراجع كثيرا عن تحمّسه واندفاعه السابق وبدأ يوجه اللوم إلى الرئيس بوتين ويشكك بمصداقيته إلا انه لا زال يحلم ان يكون بطل وقف هذه الحرب المدمرة .
المخاض العسير في وقف هذه الحرب قد لا يولد حلا سريعا لها بالرغم من اللقاءات بين الرئيسين الأمريكي والروسي لان الأمر متعلق بالمصالح الاستراتيجية للبلدين فلا الرئيس بوتين مستعد ان يوقفها دون ان يضمن على الاقل عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو والاعتراف بضم القرم وبعض أقاليمها الشرقية إلى بلاده وكذلك رفع العقوبات على روسيا وإطلاق أرصدتها المجمدة في الغرب وغيرها من الاهداف ، ولا الرئيس ترامب مطلق اليدين بالمغامرة بمصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية مع حلفائها الاوروبيين من اجل ارضاء الرئيس بوتين.
الإختلافات العديدة بين الحلفاء في اطار الناتو لا تعني المقامرة بمستقبل الحلف ومستقبل أوكرانيا ولذلك سيعملون ما بوسعهم لتذليلها وان تطلب منهم ذلك وقتا وجهدا استثنائيا حفاظا على مصالحهم الاستراتيجية، و قد يتأجل اللقاء المزمع في بودابست وقد تتغير شروط التفاوض وتظل نافذة امل مفتوحة لوقف هذه الحرب وكل الاحتمالات قائمة.
د/دحان النجار السخنة مصر ٢٣ اكتوبر ٢٠٢٥