من أجل عمل إنساني خالص
أن تكون إنسانا فعليك أن تشعر بمعاناة أخوك الإنسان وتجسد هذا الشعور الإنساني بالعمل على تخفيف معاناته وتطبيب جراحاته وتهدئة أوجاعه بتلمس حاجاته وتتعامل معه بكل حب واحترام وأن يكون هدفك تقديم خدمة إنسانية لمن يحتاجها ومساعدة إنسان لوجه الله تعالى دون البحث عن فوائد لعملك الإنساني الذي يجب أن يكون خاليا من أي أغراض وبعيدا عن أي حسابات أخرى .
وهذا ما يجب أن يدركه ويؤمن به القائمين على منظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية التي أنشئت لهدف إنساني خالص وتقديم خدمة للمحتاجين من بني الإنسان اينما وجدوا وأن يكون معيارهم الأول والأخير تلبية أولويات ذوي الحاجة من المستهدفين في كل مكان من العالم وتحت مختلف الظروف .
وتزداد الحاجة لعمل إنساني متجرد في مناطق النزاعات والصراعات المسلحة والحروب لما تفرضه من أوضاع معيشية وإنسانية تستدعي تدخل عاجل ومباشر من قبل المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية كل منها في مجال تخصصها ووفقا لبرامجها والخدمات التي تقدمها لإنقاذ حياة ملايين البشر الذي يهددهم الموت جراء النقص الحاد في الغذاء والدواء وانتشار الأوبئة القاتلة مثل الكوليرا والدفتيريا وغيرها من الأوبئة الناتجة عن الوضع الإنساني والصحي المتدهور وانعدام المياه الصالحة للشرب وسوء التغذية كما هو الحال في بلادنا اليمن .
عشرات المنظمات الدولية والإقليمية ومئات المنظمات المحلية العاملة في اليمن في المجالات الإنسانية المختلفة من إيواء وصحة ودعم نفسي وأمن غذائي ومياه وأصاح بيئي ..الخ
وتتحدث تقارير المانحين عن مليارات الدولارات التي انفقت لمساعدات إنسانية لأغاثه الشعب اليمني خلال السنوات الثلاث الأخيرة وبتحديد من 2015م و2016م و2017م بهدف تحسين الوضع المعيشي والصحي لملايين المحتاجين ومع ذلك لازالت الأوضاع الإنسانية تسير من سيء إلى أسوأ ولازال القصور في العمل الإنساني يلقي بظلاله على الوضع الإنساني المتدهور الذي صنف من قبل الأمم المتحدة بانه كارثة ليس لها مثيل في التاريخ الحديث وتهدد حياة الملايين في هذا البلد الفقير أصلا .
لا نريد أن نتهم هذه المنظمة أو تلك بالتقصير المتعمد كما لا نريد أن نلقي اللوم على هذا الطرف أو ذاك بعرقلة عمل المنظمات الإنسانية رغم أن الواقع يؤكد أن هناك الألاف فالأسر في العديد من المحافظات التي شهدت مواجهات عسكرية أو تلك التي نزح اليها المواطنين من محافظات أخرى لم تتلقى هذه الأسر أي مساعدات رغم حاجتها الماسة لذلك وقد وصل الأمر بمعظم هذه الأسر إلى العيش على وجبة واحدة في اليوم ويعتمد الكثير منهم على ما يجود به أهل الخير عليهم رغم أنه تم مسحهم لأكثر من مرة ومن أكثر من منظمة الا أن المساعدات الإنسانية تتخطاهم لغيرهم وهم في البلاء سواء
ولعل الكارثة الكبرى أن هناك منظمات وجهات تتعمد تسيس العمل الإنساني واستغلال حاجة المواطنين لأغراض حزبية أو مذهبية أو مناطقية , وهذا يتنافى ويتعارض مع أبسط قواعد العمل الإنساني . ومما فاقم من حجم الكارثة الإنسانية في اليمن انقطاع الرواتب عن موظفي الدولة لأكثر من عامين .
وأن كنا نقول ذلك فنحن نأمل أعادة النظر في الألية المتبعة في توزيع المساعدات وأن يكون هناك مسح حقيقي وفق معايير إنسانية بحته وأن يكون هناك متابعة وتقييم حقيقي لمدى تقيد المنظمات بمعايير العمل الإنساني لتحقيق الهدف الذي وجدت من أجله وهو إيصال المساعدات لمستحقيها أينما وجدوا ومن أي طرف كانوا .