حرب إسرئيل على غزه- مجلس الشيوخ الأمريكي يرفض قرار يطالب بإجراء تحقيق حول الاحداث هناك وعدم استخدام المساعدات الامريكية في انشطة ضد المدنيين. ولكن ماذا بعد؟

 

✍️أ د / دحان النجار

من المعروف ان إسرائيل تنال اهتمام ورعاية مميزه في الدوائر الامريكية والغربية وتنال دعم غير محدود عسكريا وسياسيا واقتصاديا وحماية دولية مبالغ بها تتمكن خلالها من الإفلات من اي مسائلة قانونية بما في ذلك في الامم المتحدة.
الرأي العام الغربي كان داعما لإسرائيل بدون حدود بما في ذلك وسائل الاعلام التي تؤثر عليه تاثير مباشر وخاصة ان الغرب يشعر بالذنب تجاه اليهود وما حل بهم من مذابح اثناء الحرب العالمية الثانية على يد النازيين في اوروبا مع ان ما تعرض له اليهود من مذابح وتمييز عنصري حينها يضل مدان بدون قيد او شرط وفي اي زمان ومكان في العالم و من قبل الجميع على هذا الكوكب . على مدى اكثر قرن والعالم يتعاطف مع اليهود ويرعى كيانهم المولود في ١٩٤٨ الممثل لهم المسمى بدولة إسرائيل والتي تتبلور هويتها كدولة عنصرية يهودية وهو ما يتناقض مع قيم المجتمعات المتحضرة .
معادات السامية تتحول في سلوكيات بعض القادة والحكومات الاسرائيلية المتطرفة إلى وسيلة لابتزاز العالم من اجل تحقيق اهدافهم المتطرفة والقمع الممارس بحق الفلسطينيين بما يتناقض والقيم الانسانية الدولية وقوانين حقوق الإنسان والقانون الدولي العام.
عالم اليوم لم يعد عالم الأمس الذي كان يستقي معلوماته من السي ان ان اورويترز او أسوشييتد برس او تاس وغيرها من الوكالات الاعلامية الدولية الموجهه بل هناك تغيير أوجدته وسائل التواصل الحديثة العابرة للقارات والبلدان والمجتمعات والمؤسسات وحتى البيوت واصبحت المعلومة تنتقل بسرعة البرق والضؤ وتصل إلى مليارات من البشر بالصوت والصوره وان تم حجبها عن طريق وسيلة معينه انتشرت عبر اخرى.
العالم اليوم بما في ذلك قطاع كبير من اليهود انفسهم في العالم بداء يعي ابتزاز المتطرفين في إسرائيل للعالم باسم معادات السامية وهم في نفس الوقت يمارسون سلوك غير إنساني بحق الفلسطينيين الًواقعين تحت الاحتلال بما في ذلك ارتكاب أعمال آباده وهو الأمر الذي تناقشه محكمة العدل الدولية لاول مرة في تاريخ إسرائيل .
المجتمعات الغربية وهي الداعم الرئيسي لإسرائيل وبالذات قطاعات الشباب فيها بدات تتغير وتعي الانحرافات في سلوكها وتطالب حكامها بإعادة النظر في دعمها اللامحدود وضرورة مسائلة اسرائيل قانونيا . هذا التغيير المتسارع في الشارع الشبابي الغربي يقابله تغيير بسيط وخجول في الأوساط الرسمية التنفيذية والتشريعية والتي تمثل الاجيال الأكبر سنا ومشبعه بثقافة الماضي ومن ضمنهم المشرعين في الكونجرس الأمريكي بغرفتيه. مناقشة مجلس الشيوخ الأمريكي في ١٧ من يناير مشروع قانون يطلب التحقيق في سلوك إسرائيل الأخير في غزه تقدم به السناتور الأمريكي التقدمي المستقل ساندرس يمثل انعطاف كبير في السلوك التشريعي الأمريكي وبالرغم من معارضة ٧٢ عضو مقابل ١١ عضو لصالحة وامتناع اخرين إلا ان هذه سابقة سوف تنمو مستقبلا ومن المؤكد ان الرأي العام الغربي وهو راي الناخب يتغير بشكل جوهري وكنتيجة لذلك سوف يتغير سلوك المشرعين والقاده وشباب اليوم هم قادة المستقبل .
حتى المعارضين لمشروع القانون لم يكن جميعهم ضد محتواه بل انهم رأوا ان تلك سابقة خطيره سوف تضاعف من الضغط على إسرائيل في هذا الوقت الذي تعاني فيه من حصار دولي قانوني عبر محكمة العدل وراي عام مناهض تمثل في مظاهرات مليونية في معظم عواصم العالم الرئيسية مستمره منذ بداية الأزمة وازمة داخليه بين اطراف التشكيل الحكومي وشارع اسرائيلي متقلقل من الحرب ومطالب بإعادة الاسرى كل ذلك في راي المناهضين للقرار بانه يتطلب عدم الاسهام في تعقيد وضع اسرائيل وكما يقول المثل ناصر أخاك ظالم او مظلوم ( ليس بالمعنى الأصلي للمثل).
هناك تغيير منظور في الرأي العام الأمريكي لصالح الفلسطينيين وبالأصح لصالح القيم الانسانية الدولية وبالأخص في أوساط الشباب، والإجراءات المتشدده لبعض مؤسسات الدولة والمجتمع و التي تخرج عن اطر القيم الديمقراطية بحق كل من ينتقد أعمال إسرائيل الظالمة بحق الفلسطينيين يزيد اختمار الرأي العام المناهض لسلوكها هذا وسوف يتسع مستقبلا وسيجد المشرعون انفسهم امام ضغط ناخبيهم وبالتالي تعديل مواقفهم وهنا تكمن الاهمية القصوى للممارسات الديمقراطية النابعة من الشعب والممثله لرغباته ومصالحه. لكن ايضا لا يجب اهمال تاثير جماعات الضغط المسيطره على المال والإعلام والتي لها التأثير الأكبر على المشرعين والقيادات العلياء في الدولة والتي تحافظ على مصالحها وهي جماعات تدعم اسرائيل بشكل غير محدود والولايات المتحدة الأمريكية هي دولة الرأسمال قبل كل شيء.
صحيح اسرائيل حليف استراتيجي للولايات المتحدة وهذا يعني الكثير من الالتزامات الاقتصادية والسياسية والعسكرية ومن اهمها الدفاع عن الحليف عسكريا بما في ذلك التدخل العسكري المباشر وليس فقط المد بالسلاح والمال والموقف السياسي وهذا ما تقوم به الولايات المتحده الأمريكية تحديدا ودول الناتو عموما تجاه اسرائيل.
طبعا لا يمكن ان يتصور المرء ان التغيير في الرأي العام سيكون سريع ومناهض ١٠٠٪؜ بل سياخذ مداه وسوف يكون تحت تاثير الكثير من العوامل وقد ربما هذه الاحداث الدامية في غزه إذا ما تم الاستفاده منها والعمل الفعلي والجاد على ضمان تطبيق حل الدولتين هنا قد يتغير الأمر أما إذا استمر الاحتلال كما هو عليه بل ويعمل على اقتضاب من تبقى من الارض الفلسطينية وتشريد سكانها فان ذلك سيقود إلى مزيد من الصدام ولن تهداء الأحوال أبدا إلا في حالة الحل العادل واعطاء الفلسطينيين حقهم المشروع في قيام دولتهم إلى جانب دولة اسرائيل واحترام إنسانيتهم، وعندها سوف يتضح مدى التغيير في الرأي العام وضغطه على المشرعين والقاده التنفيذيين بتبني أفكاره وارائه.
د. دحان النجار
ميشجان الولايات المتحدة ١٨ يناير ٢٠٢٤

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى