بين المبادرة والحسم: كيف تعيد أميركا هندسة السلام في غزة؟

 

✍️ هبثم جسار

في لحظة محورية تعيشها المنطقة، تتقدم الولايات المتحدة الأميركية خطوة جديدة نحو تثبيت السلام في غزة، عبر مقترح ويتكوف، الذي لا يُقرأ كمجرد هدنة مؤقتة، بل كجزء من رؤية استراتيجية أوسع تسعى من خلالها واشنطن إلى إعادة صياغة المشهد الأمني والسياسي في الشرق الأوسط.

المبادرة التي حملت توقيع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، وضمانات ثلاثية من واشنطن والقاهرة والدوحة، جاءت في توقيت حساس حيث تتصاعد الضغوط الدولية وتتعاظم الكلفة الإنسانية، بينما تتقاطع المصالح الإقليمية والدولية على أرض غزة.

الواقعية الأميركية في مواجهة الشعارات

بعيدًا عن الشعارات الراديكالية التي تُطلقها بعض الأطراف، تتحرك الولايات المتحدة وفق منطق الواقعية السياسية، واضعةً أمن إسرائيل في الميزان ذاته مع تخفيف الكارثة الإنسانية في غزة.

هذا التوازن، الذي لطالما اتهمت به واشنطن بالانحياز، يبدو اليوم أوضح من أي وقت مضى:
هدنة مشروطة، تبادل أسرى، إدخال مساعدات، إعادة تموضع القوات، ثم مفاوضات دبلوماسية تحت سقف أمريكي–مصري–قطري.

ضمانات أميركية… لا وعود فارغة

ما يميز مقترح ويتكوف أنه لا يقف على أرض هشّة، بل يستند إلى ضمانات تنفيذية أميركية قابلة للتطبيق. فواشنطن ليست راعيًا غائبًا، بل لاعبًا فاعلًا يملك أدوات الضغط على إسرائيل، وخيوط التأثير على حماس عبر قطر ومصر.

في المقابل، فإن عدم قبول المقترح من قبل حماس سيضعها أمام سؤال صعب داخليًا ودوليًا:
هل ستتمسك بالتصعيد، على حساب المدنيين؟ أم تُقدم على خيار سياسي يفتح نافذة إنقاذ لما تبقى من غزة؟

أميركا: بين سيف الحسم ومطرقة التوازن

الولايات المتحدة لم تلق بثقلها السياسي فقط، بل ربطت المقترح برؤية أوسع للأمن الإقليمي.
أي سلام في غزة دون حساب دقيق للتهديد الإيراني، ودون استقرار أمني على الحدود، لن يُكتب له البقاء.
ومن هنا، يظهر الدور الأميركي في صياغة ترتيبات أمنية طويلة الأمد وهو ما لم تجرؤ أطراف أخرى على الاقتراب منه.

المعادلة القادمة: سلام بإدارة أميركية أو فوضى بلا سقف

الفراغ السياسي في غزة لم يعد يُحتمل.
المبادرات الأوروبية بطيئة، وبيانات الإدانات لم تعد توقف حمام الدم.
وحدها أميركا قادرة على جمع المتناقضات: الحفاظ على أمن إسرائيل، معالجة الكارثة الإنسانية، ومحاولة تثبيت هدنة تنتقل إلى حل دائم.

لذلك، فإن مقترح ويتكوف لا يمكن النظر إليه كمسكن مؤقت، بل كمفترق طريق:
إما أن تُمسك حماس بفرصة الإنقاذ السياسي،
أو تفوت لحظة التفاوض، ليعود الميدان سيد القرار… بغطاء دولي مختلف هذه المرة.

هيثم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى