الحرب الروسية الاوكرانية-افديفكا تلاقي مصير باخموت وماذا بعد؟
✍️ أ د / دحان النجار
لم تشهد جبهات القتال الروسية الاوكرانية اي تغيير دراماتيكي بعد استعادة القوات الاوكرانية لإقليم خاركيف ومدينة خيرسون في نهاية العام ٢٠٢٢ وكلما حصل بعدها هو اعادة ترتيب صفوف القوات الروسية والتي تمكنت مع قوات فاغنر من وقف الزحف الاوكراني واستعادة مبادرة الهجوم الأرضي والذي كانت اكبر نتائجة السيطره على مدينة باخموت في اقليم دونتسك.اكيد ان الهجمات الروسية الجويه والصاروخية على بقية مناطق أوكرانيا كانت مؤثرة حيث تمكنت من تدمير معظم الاسلحة الغربية التي تصل تباعا إلى أوكرانيا سواء عبر استهدافها على وسائل النقل او في المخازن او في الجبهات وتمكنت روسيا من افشال الهجوم المضاد الاوكراني الذي كان الكثيرون يراهنون عليه من اجل استعادة الأراضي التي تسيطر عليها روسيا وضمتها اليها او على الاقل تحقيق اختراق في الوصول إلى ميناء مليتوبول وفصل شبه جزيرة القرم عن باقي الاقاليم المضمومة استعدادا لاستعادتها مستقبلا لكن كان هناك صمود روسي ملحوظ انتقل من الدفاع إلى الهجوم البطىء الذي نشاهد حلقاته في جبهة كوبانسك ودونيتسك وهذا البطىء هو احد ابرز علامات حرب الاستنزاف.
الهجمات الصاروخية والمسيره المتبادله هي الأخرى احد علامات الحروب الاستنزافية الطويله لان هذا الشكل من الحروب يلحق اذى بالأطراف المتحاربة لكنه لا يحسم معركة . المحاولات الاوكرانية في الهجمات المضاده لم تتوقف وهي مؤشر على صمود الجيش الاوكراني حتى لو لم تحقق نتائج على الارض المحتله من حيث استعادتها او اجزاء منها وفي المقابل انتقال الجيش الروسي إلى الهجوم حتى لوكان بطىء جدا هو مؤشر على ان هناك تقدم على الارض سوف يحصل وانه استعاد توازنه وتعلم الدرس جيدا واكتسب خبرات ومهارات قتاليه كان قد افتقدها قبل الهجوم على أوكرانيا والروس مشهود لهم تاريخيا بإعادة لملمة صفوفهم بعد كل هزيمه والانتقال إلى الدفاع العنيد ومن ثم الهجوم والهجوم المضاد.
مدينة افديفكاء في اقليم دونيتسك تلقى نفس مصير باخموت من حيث الهجوم المكثف والبطيء والذي يكلف الجانبين تضحيات كبيره بشرية وماديه إلا ان سيطرة روسيا عليها سوف تمهد للسيطره على بقية مدن الاقليم الذي ضمته روسبا اليها علنا. القوات الروسية تتقدم من جنوب افديفكاء وسيطرة على مقر قيادة كتيبة الدفاع الجوي الاوكرانية لكن القوات الاوكرانية تحتمي في خنادقها حول المدينة وفي الغابات .القوات الروسية تحاول الوصول الى وسط المدينة وفي نفس الوقت تحاول قطع الطريق الوحيد اليها من جهة الغرب وفي حالة السيطره عليه تكون المدينة بحكم الساقطة عسكريا مهما كانت بؤر الدفاع . القوات الروسية كانت قد سيطرت الأسبوع الماضي على المنطقة الصناعية في جنوب شرق المدينة وعلى الأجزاء الجنوبية منها واقتربت من المربع رقم تسعه الذي يعني وسط المدينة ومقر الإدارات الحكومية والبلدية وعند اكتمال السيطرة على المدينة تكون القوات الروسية وقوات جمهورية دونيتسك قد تمكنت من ابعاد القوات الاوكرانية عن عاصمة الجمهورية مدينة دونيتسك التي تلامس حدودها حدود مدينة افديفكاء وتجعلها عرضة للضربات المدفعية والصاروخية قصيرة المدى منها. قد تاخذ عملية السيطرة على المدينة وقت لكن يبدو انها بحكم المسلم بها ويلاحظ بان الاوكران لم يغيروا من استراتيجيتهم الدفاعية التي استخدموها في باخموت بل يستنسخونها وكذلك الطرف الروسي المهاجم يستخدم تقريبا نفس طرق الهجوم.
حتى وان سيطر الروس على مدينة افديفكا فهذا لا يعني انهم حققوا انتصار استراتيجي كبير ومهم في المعركة لانهم وان كانوا على مدى عامان تمكنوا من استعادة باخموت وقريبا افديفكاء فكم من الوقت يحتاجون للسيطرة على كل اقليم دوينتسك الذي لا تزال نسبة ٤٨٪منه تحت السيطرة الاوكرانية وعلى نسبة ٣٠٪ في اقليمي خيرسون وزابوروجيه؟
الأمر قد يحتاج إلى سنين ناهيك عن رغبة روسيا في اسقاط الدولة الاوكرانية في معظم مناطق البلاد . حرب الاستنزاف قائمة والناتو لم يتراجع عن توجهاته تجاه روسيا وآخرها موافقة البرلمان التركي على رفع الحصار عن انضمام السويد إلى الحلف.
أتوقع تقدم روسي على الجبهات في الايام وفي مراحل الحرب القادمة لكن في المقابل قد لا تخلوا من اختراقات أوكرانية مؤلمة والبلدان روسيا واوكرانيا دخلا في نفق الحرب الطويلة الاستنزافية والتي يبدو الخروج منها بعيد المنال.
د. دحان النجار ميشجان ٢٦ يناير ٢٠٢٤