البحر الأحمر بين مطرقة التهديدات وسندان المصالح… أمريكا تعود لحماية الملاحة الدولية

هيثم جسار – عين اليمن الحر
في خضم تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر، يبدو أن المياه الدافئة لم تعد كذلك، بل تحوّلت إلى مسرحٍ مفتوح لصراعات إقليمية ودولية تُهدد أحد أهم الشرايين البحرية في العالم. هذه التوترات، التي تفجّرت بشكل ملحوظ مطلع عام 2024، أظهرت هشاشة أمن الملاحة في هذا الممر الاستراتيجي الذي يربط الشرق بالغرب، وأعادت طرح السؤال الأهم: من يحمي التجارة العالمية؟
الهجمات التي استهدفت سفن الشحن، والتهديدات المتزايدة من جماعات مسلحة مدعومة من أطراف إقليمية، كشفت الحاجة الملحّة إلى وجود دولي فعّال قادر على حفظ الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية. وهنا، تبرز الولايات المتحدة الأميركية كقوة بحرية كبرى، تمتلك القدرة والإرادة السياسية للقيام بهذا الدور، ليس فقط لحماية مصالحها، بل لحماية الاقتصاد العالمي بأسره.
دور واشنطن… حضور يتجاوز المصالح الذاتية
الولايات المتحدة، التي قادت تحالفات بحرية سابقة في الخليج العربي، تتحرك اليوم في البحر الأحمر ضمن استراتيجية أوسع لضمان حرية الملاحة الدولية ومواجهة التهديدات المتصاعدة. فالدور الأميركي في هذه المرحلة لا يقتصر على حماية السفن الأميركية فقط، بل يتعداه إلى تأمين ممرّ حيوي يمر عبره أكثر من 12% من تجارة العالم.
ما يميز التحرك الأميركي هذه المرة، هو أنه يجمع بين العمل العسكري الحاسم والدبلوماسية النشطة، عبر تنسيق مشترك مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان بيئة بحرية آمنة، ومواجهة أي محاولات لزعزعة الاستقرار.
رسائل سياسية واضحة
الوجود الأميركي المتزايد في البحر الأحمر يحمل رسائل واضحة لمن يحاول العبث بأمن الملاحة الدولية: أن زمن التهديدات العابرة قد انتهى، وأن الولايات المتحدة لن تسمح بتحوّل هذا الممر العالمي إلى ورقة ابتزاز سياسية أو ميدانية.
وبينما تتردد بعض القوى الدولية في اتخاذ مواقف حاسمة، تبدو واشنطن أكثر وضوحاً في تعاملها مع الوضع، مستندة إلى مبادئ القانون الدولي وحق الدول في المرور الآمن، الأمر الذي يعزز من صورتها كقوة مسؤولة، لا تسعى للهيمنة بل لحماية النظام العالمي القائم على القوانين.
ختاماً…
البحر الأحمر ليس فقط شريطاً مائياً ضيقاً يفصل بين قارات، بل هو خط الدفاع الأول أمام موجات التهديدات الاقتصادية والأمنية. وفي هذا المشهد المعقّد، تبدو الولايات المتحدة – بخبرتها وقدرتها وتحالفاتها – حجر الزاوية في معادلة الاستقرار