الاتجار بالبشر.. ظاهرة متنامية في ليبيا وتقارير تدق ناقوس الخطر

 

عين اليمن الحر – ” الحرة واشنطن ”

بينما هدأ الانفلات الأمني في ليبيا، نسبيا، بعد توصل الأطراف المتنازعة إلى خارطة طريق سياسية للخروج من الأزمة، عاد ملف الجريمة العابرة للحدود والاتجار بالبشر إلى الواجهة هذا الأسبوع، على لسان مسؤول في البرلمان الليبي.

والسبت، دعا رئيس لجنة الشؤون الداخلية بمجلس النواب الليبي، سليمان الحراري، إلى ضرورة اتخاذ أشد العقوبات بحق من يتم القبض عليهم من مهربي البشر “الذين يستغلون ضحاياهم بأبشع صورة”.

وبالرغم من غياب أرقام دقيقة حول “الظاهرة” إلا أن منظمات دولية دقت ناقوس الخطر ودعت لتضافر الجهود من أجل كبحها.

ونهاية عام 2020، اعتمد مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارا جدد بمقتضاه لمدة 12 شهرا الإذن للدول الأعضاء بتفتيش السفن في أعالي البحار قبالة سواحل ليبيا، إذا تم الاشتباه بقيامها بتهريب المهاجرين أو الاتجار بالبشر.

شهادات مروّعة
ووثقت منظمات شهادات لبعض من تعرضوا للاتجار في ليبيا، وأغلبيتهم من بلدان أفريقيا المجاورة.

كما أفاد تقرير للخارجية الأميركية، عن ظاهرة الاتجار بالبشر في ليبيا لعام 2021 بأنه على الرغم من تراجع بعض الدعم العسكري بعد وقف إطلاق النار الموقع في 23 أكتوبر 2020، واصلت الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون ملء الفراغ الأمني في جميع أنحاء البلاد.

وقال التقرير إن هذه الجماعات ارتكبت انتهاكات مختلفة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل غير القانوني، والتجنيد الإجباري، والعمل القسري، والاتجار بالبشر..

ولفتت الوثيقة إلى أن “إفلات مرتكبي الانتهاكات ضد المدنيين من العقاب كان مشكلة متفشية خلال الفترة المشمولة بالتقرير”.

مع ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية الليبية، عبد المنعم العربي، إن السلطات الأمنية الليبية تعمل جاهدة لكبح ظاهرة الهجرة غير الشرعية، والتي تحمل في طياتها “الاتجار بالبشر”.

لكنه كشف في اتصال مع موقع “الحرة” أن الوزارة تتعامل مع جميع الظواهر الأمنية تبعا للبلاغات التي تصلها، مؤكدا أن آخر الأرقام تؤكد أن هناك نحو مليون مهاجر على كامل التراب الليبي “بينما لم يصل الوزارة أي بلاغ من أي متضرر من الاتجار بالبشر” يؤكد الرجل.

عبد المنعم أوضح في السياق بأن البلاغات التي تصل وزارة الداخلية لم تتضمن شكاوى تتعلق بالاتجار بالبشر، وهو ما جعله يقول: “لعل هذا يؤكد أن الأمر لا يرقى لأن يكون ظاهرة”.

ولم ينكر وجود عصابات نشطة في ليبيا معنية بظاهرة الهجرة غير الشرعية، وقال إن وزارة الداخلية، وعبر أجهزتها الأمنية تسهر على مكافحة تلك العصابات، بالتعاون مع منظمات دولية، وخص بالذكر منظمة الهجرة الأممية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

عبد المعنم أكد بالمناسبة الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية وأجهزة الأمن في بسط قوة القانون بمحاربة الهجرة غير الشرعية والتهريب، وقال إن الوزارة تتوفر على جهاز قائم بذاته يُعنى بالهجرة غير الشرعية، وإن الوزارة تتعامل مع الملف من زاويته الإنسانية لأنه يتعلق بالبشر.

تجنيد قسري لأطفال
يُذكر أن التقرير الذي أعدته وزارة الخارجية الأميركية قال إنه اعتبارًا من إبريل 2021، أدارت أجهزة مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبية 15 مركز احتجاز في جميع أنحاء ليبيا حيث احتجز بشكل تعسفي ولأجل غير مسمى مهاجرون ولاجئون بينهم أطفال “وكثير منهم كانوا ضحايا اتجار مجهولين” وفق التقرير.

وجاء في التقرير كذلك، إن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا بدأ في إغلاق مراكز الاحتجاز الساحلية ونقل المحتجزين الباقين إلى مرفقين داخليين كبيرين؛ وأشار إلى أن الجهاز لم يذكر ما إذا كان فحَصَ المحتجزين بحثًا عن مؤشرات للاتجار بالبشر أم لا.

وشهر أكتوبر الماضي، أدرج مجلس الأمن الدولي عقوبات على أسامة ابراهيم الكوني، القائم على مركز النصر للمهاجرين في الزاوية (شمال غرب) لدوره في أعمال “تشكل انتهاكات لحقوق الإنسان في ليبيا بما في ذلك الاتجار بالبشر” .

التقرير الأميركي كشف كذلك أنه خلال سنة 2018، وثقت منظمة دولية (لم يذكرها) حوادث قامت فيها جماعات مسلحة محلية بتجنيد قسري لأطفال تتراوح أعمارهم بين 13 و 15 عامًا.

وأفادت الوثيقة المنشورة في الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية، أنه لم يكن لدى الحكومة الليبية أي هياكل سياسية أو قدرة مؤسسية أو موارد لتحديد وحماية ضحايا الاتجار بشكل استباقي بين الفئات الضعيفة، مثل المهاجرين الأجانب واللاجئين وطالبي اللجوء؛ والنساء المعرضات للتجارة الجنسية؛ وحتى الأطفال الذين تم تجنيدهم واستخدامهم من قبل الميليشيات المسلحة.

وواصلت السلطات الليبية التعاون مع المنظمات الدولية لإعادة أو إعادة توطين أو إجلاء بعض المهاجرين، ومن المحتمل أن يكون من بينهم ضحايا إتجار بالبشر” يقول التقرير الأميركي.

من جانبه، قال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، أحمد حمزة، إن ما جاء على لسان رئيس لجنة الشؤون الداخلية بمجلس النواب الليبي، يعد تأكيدا لما جاء سابقا في تقارير منظمات حقوقية ليبية عديدة.

وفي حديث لموقع “الحرة” أوضح أن من شأن هذا التصريح، أن يلفت الانتباه إلى تنامي الظاهرة وتوسع نطاقها في الآونة الأخيرة.

وشدد حمزة على أن ظاهرة الاتجار بالبشر لم تعد “شاذة” بل أصبحت من الظواهر المعلنة والشائعة بشكل كبير.

وطالب في الصدد بتشديد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم، من خلال استحداث أو تعديل التشريعات القائمة والقوانين السارية خاصة، مؤكدا أهمية “استحداث قانون خاص بمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر”.

يُشار إلى أن الناطق باسم وزارة الداخلية الليبية كشف أن تعامل أجهزة الأمن مع ملف الهجرة غير الشرعية عموما، يدخل ضمن مفاعيل المادة الثانية من قانون العقوبات الليبي.

وتنص هذه المادة عموما على معاقبة مرتكبي الجرائم، بينما تنص المادة 426 من نفس القانون على أن “كل من تعامل بالرقيق أو اتجر به أو على أي وجه تصرف في شخص في حالة عبودية أو في حالة تشبه العبودية يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات”.

وتكون العقوبة، وفق ذات المادة “السجن من ثلاث سنين إلى 12 سنة لكل من تصرف في شخص مستعبد، أو في حالة تشبه العبودية أو سلمه أو حازه أو اكتسبه أو أبقاه على حالته”.

إلا أن الحقوقي أحمد حمزة، اشترط تكثيف جهود أجهزة الأمن المختلفة والتنسيق بينها لمحاصرة الظاهرة، بالإضافة إلى التنسيق مع أجهزة دول الجوار الليبي، وخص بالذكر دول حوض البحر الأبيض المتوسط.

وقال إنه بالرغم من أن الحديث عن الظاهرة يخص ليبيا، إلا أنها تعلق بجرائم عابرة للحدود.

ونهاية نوفمبر الماضي، أعلنت بعثات الأمم المتحدة إلى ليبيا والنيجر ومالي وموريتانيا، إطلاق مبادرة مشتركة لإنشاء منصة للتعاون بين البعثات الأربع من أجل مكافحة الاتجار في البشر، وفق ما نقلته وقتها وكالة الأنباء الإيطالية “نوفا”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى