وحدة تمويل الحديدة الزراعية والسمكية.. بين إنجازات الإعلام وتحديات الواقع

 

 

كتب| عبده بغيل. خاص  – عين اليمن الحر

تداولت وسائل الإعلام أمس الثلاثاء حبرا عن تدشين مشروع يهدف إلى دعم جمعيات منتجي التمور في محافظة الحديدة. هذا الخبر، الذي سلط الضوء على توزيع سلال تسويقية، يأتي في سياق بالغ الأهمية لدعم القطاعين الزراعي والسمكي في المحافظة، التي عانت ولا تزال تعاني من تبعات الأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة. ومع الترحيب بأي مبادرة تهدف إلى التخفيف من معاناة الأهالي وتحسين سبل عيشهم، يبقى التساؤل مشروعًا حول المدى الذي تنعكس فيه هذه المبادرات إيجابًا على أرض الواقع، وما هو تأثيرها الحقيقي والمستدام على حياة المزارعين والصيادين في الحديدة.

اهداف اهداف مزعومة :

بحسب ما ورد في الأخبار، تم تدشين مشروع لتوزيع 9000 سلة تسويقية على عدد من جمعيات منتجي التمور في الحديدة. ويهدف المشروع المعلن إلى تعزيز القدرات التسويقية لهذه الجمعيات، وتقليل نسبة الفاقد من الإنتاج، وبالتالي تحسين العرض في الأسواق المحلية. وقد أشارت التصريحات الرسمية المصاحبة للخبر إلى أهمية هذه الخطوة في دعم صمود المزارعين وتمكينهم من تجاوز بعض الصعوبات التي تواجههم.

التساؤل حول الاستدامة:

يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل يمثل هذا الدعم خطوة مستدامة ضمن خطة طويلة الأمد لتنمية القطاع الزراعي والسمكي في الحديدة، أم أنه مجرد دعم موسمي ومؤقت؟ وما هي الآليات التي تم وضعها لضمان استمرار هذه الجمعيات وقدرتها على المنافسة والاستمرار بعد انتهاء فترة الدعم المباشر؟ إن بناء قدرات حقيقية يتطلب رؤية أعمق واستراتيجية متكاملة تتجاوز مجرد توزيع أدوات أو مواد بشكل مؤقت.

فجوة التمويل والتحديات الأكبر:

في محافظة كالحديدة، التي تعد سلة غذاء اليمن تاريخيًا، هل يمكن اعتبار توزيع 9000 سلة تسويقية حلاً جذريًا للتحديات الهائلة التي تواجه منتجي التمور وغيرهم من المزارعين والصيادين في المحافظة بأكملها؟ هنا، يبرز تساؤل هام حول الدور الفعلي لوحدة تمويل الحديدة الزراعية والسمكية. فوفقًا لمسح مصادر مفتوحة، يؤكد مزارعون في مناطق حيوية مثل وادي زبيد عن شعورهم بالإهمال من قبل الجهات المعنية، بما في ذلك هذه الوحدة.

يتساءل المزارعون في وادي زبيد على وجه الخصوص: هل قامت وحدة التمويل بزيارات ميدانية للاطلاع على مشاكلهم الحقيقية واحتياجاتهم الأساسية؟ إن توفير المعدات الزراعية الحديثة، وضمان توفر الوقود بأسعار معقولة لتشغيل الآبار والمعدات، وتوفير البذور المحسنة والأسمدة، وتمكينهم من الوصول إلى حلول لمشاكل التسويق الأوسع لمنتجاتهم، تبدو أولويات أكثر إلحاحًا. فالخسائر التي يتكبدها هؤلاء المزارعون في مواسم جني الثمار والحصاد، وعجزهم عن تسويق منتجاتهم بشكل عادل، تشير إلى فجوة كبيرة بين ما يتم الإعلان عنه من إنجازات وما يعانيه المزارعون على أرض الواقع.

أهمية التقييم الشامل:

من الضروري بمكان وجود تقييم شفاف ومستمر لأثر هذه المشاريع على حياة المستفيدين بشكل فعلي. يجب أن يتجاوز هذا التقييم مجرد تقديم بيانات رسمية عن عدد السلال الموزعة أو الجمعيات المدعومة. السؤال الأهم هو: هل هناك مؤشرات حقيقية وقابلة للقياس تشير إلى تحسن في دخل المزارعين؟ هل زاد الإنتاج بشكل مستدام؟ وهل تمكن المزارعون من تجاوز التحديات التي كانت تواجههم قبل هذه المبادرة؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب دراسات ميدانية معمقة والاستماع المباشر إلى أصوات المزارعين والصيادين.

دور الإعلام والمواطن:

تلعب وسائل الإعلام دورًا حيويًا في تسليط الضوء على الجهود المبذولة والإنجازات المتحققة، ولكن من الأهمية بمكان أن يكون هناك أيضًا تغطية للتحديات والمعوقات التي لا تزال تواجه القطاع الزراعي والسمكي. يجب أن يكون الإعلام منبرًا يعكس الحقائق كما هي، وينقل أصوات المواطنين ومطالبهم. وبالمثل، فإن من حق المواطنين الحصول على معلومات دقيقة وشفافة حول هذه المشاريع، وتمكينهم من تقييم أثرها بشكل موضوعي وحيادي.

ختامًا، لا يمكن إنكار أهمية أي جهد يهدف إلى دعم القطاع الزراعي والسمكي في محافظة الحديدة، وخاصة في ظل الظروف الراهنة. ومع ذلك، فإن تحقيق تنمية حقيقية ومستدامة يتطلب تبني خطط استراتيجية شاملة تعالج جذور المشاكل التي تواجه هذا القطاع الحيوي. إن توفير الدعم المادي والمعنوي، وتمكين المزارعين والصيادين من الحصول على الأدوات والمعرفة والفرص اللازمة لازدهارهم، هو الطريق الأمثل نحو تحقيق الأمن الغذائي وتحسين سبل العيش في الحديدة واليمن بشكل عام. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال الشفافية والمساءلة في تنفيذ هذه المشاريع، وضمان وصول الدعم لمستحقيه، وتقييم الأثر بشكل دوري وفعال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى