هل فشلت استراتيجية واشنطن ولندن في وقف هجمات الحوثي؟

 

عين اليمن الحر – الخليج اونلاين

هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر أدت إلى انخفاض بنسبة 90% في شحن الحاويات.

بدلاً من خفض هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن إثر الضربات التي استهدفتهم، استمر الحوثيون في تحدي واشنطن ولندن، موسعين هجماتهم باستهداف سفن أمريكية وبريطانية بعد أن كانت مقتصرة على السفن المرتبطة بـ”إسرائيل”.

وانقضى أكثر من 5 أشهر منذ أن أطلقت الولايات المتحدة قوة المهام البحرية التابعة لها “عملية حارس الرخاء”، مصحوبة بضربات جوية أمريكية وبريطانية في يناير الماضي، والتي كانت تهدف إلى ردع الحوثيين في اليمن عن مهاجمة التجارة في البحر الأحمر.

ومع حديث عن فشل تلك القوة في إيقاف الهجمات المستمرة، تطرح الأحاديث حول الطرق الممكنة لوقف الهجمات، وهل عجزت أمريكا وبريطانيا فعلياً عن وقف هجمات الحوثيين، أم أن الأمر لم يكن جدياً، خصوصاً مع مطالب الحكومة اليمنية بدعمها عسكرياً لتغيير موازين القوى على الأرض في البلاد.

فشل المهمة العسكرية
يبدو أن لدى الأمريكيين اقتناعاً بفشل العملية العسكرية التي ينفذونها بالتعاون مع عدة دول، فقد نقلت وكالة “بلومبيرغ” عن مسؤولين في المخابرات الأمريكية، (13 يونيو)، قولهم إن هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر أدت إلى انخفاض بنسبة 90% في شحن الحاويات عبر المنطقة بين شهري ديسمبر وفبراير الماضيين.

ووفقاً لأول تقييم رسمي أجرته وكالة الاستخبارات الدفاعية التابعة للبنتاغون للأثر الاقتصادي، فإن التهديدات التي يتعرض لها عبور البحر الأحمر تؤدي إلى تفاقم الضغط المستمر على الشحن البحري العالمي، والناجم عن التعطل في قناة بنما بسبب الجفاف.

وبحسب الوكالة، فإن الهجمات أثرت على ما لا يقل عن 65 دولة وأجبرت ما لا يقل عن 29 شركة كبرى للطاقة والشحن على تغيير مساراتها، وأضافت طرق الشحن البديلة حول أفريقيا نحو 11 ألف ميل بحري (20.4 ألف كم) لكل رحلة، مما أدى إلى زيادة تكاليف الوقود بنحو مليون دولار لكل رحلة.

وهذا التقييم الاستخباراتي يأتي في ظل تصاعد الهجمات مؤخراً، حيث غمرت المياه غرفة محرك ناقلة البضائع “توتور” (Tutor) بعد أول هجوم ناجح من طائرة مسيرة بحرية خلال حملة الحوثيين الحالية، (12 يونيو).

هجمات أوسع
بدلاً من خفض هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن إثر الضربات التي استهدفتهم، استمر الحوثيون في تحدي واشنطن ولندن، وقاموا بتوسيع هجماتهم باستهداف سفن أمريكية وبريطانية بعد أن كان الأمر مقتصراً فقط على السفن الإسرائيلية.

ويثير هذا الأمر تساؤلات بشأن مدى تأثير الضربات الأمريكية على قدرات الحوثيين الذين قللوا في أكثر من مناسبة من أضرارها، ما جعلهم يواصلون هجماتهم بوتيرة شبه يومية.

وفي حين كان يُعتقد أن الضربات الجوية الأولية قد أضعفت قدرات الحوثيين، فقد سبق أن اعترف المسؤولون الأمريكيون بأن تحديد عديد من أهداف تخزين أسلحة الحوثيين قد أثبت أنه يمثل تحدياً، مما أظهر ثقباً أسود في استخباراتهم.

وأعلنت الولايات المتحدة، منتصف فبراير الماضي، تصنيف جماعة الحوثي اليمنية “منظمة إرهابية”، مشيرة إلى أنها “ستظل ملتزمة بضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني”.

وعلى الرغم من هذه الجهود، لم يتراجع الحوثيون عن هجماتهم بالطائرات بدون طيار والصواريخ على مجموعة واسعة من شحنات الشحن الدولية، وكذلك القوات البحرية التي تقودها الولايات المتحدة نفسها.

في نهاية المطاف، تثير المواجهة المستمرة تساؤلات حول الأمن المستقبلي في المنطقة واليمن، فضلاً عن إمكانية تعزيز نفوذ إيران؛ نظراً إلى دعمها للحوثيين.

الحل في اليمن
وعن سبب فشل ردع الحوثيين، يرى الباحث السياسي نجيب السماوي، أنه “من الصعب أن يتم ردع جماعات مسلحة، وليست في مواجهة جيش نظامي”، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنها “لا تريد أيضاً التصعيد في البحر الاحمر بشكل كبير، لأن إيران مقبلة على انتخابات رئاسية في نوفمبر المقبل”.

كما يرى أن الهجمات التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا “لن توقف الحوثيين، لأنها ضربات عبثية لا هدف استراتيجياً منها سوى القول إن الولايات المتحدة قادرة على الرد، ولكن دون هدف واضح”.

 

ويعتقد في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن على الولايات المتحدة- إذا أرادت فعلياً وقف هجمات الحوثي- “دعم القوات الحكومية اليمنية بالأسلحة المختلفة، وحينها ستجد تغيراً كبيراً، سواءً بتوقف الهجمات أو حصرها، وأيضاً في تقليص قدرات الحوثيين”.

وتابع: “بإمكان الجيش الحكومي النظامي اليمني تحقيق نجاحات مختلفة ضد الحوثيين إذا ما تم منحه الأسلحة الكفيلة بالقضاء على الحوثيين أو حصر تمردهم، لكن أمريكا لا تريد ذلك، لأنه ليس من مصلحتها استقرار اليمن المحاذي للسعودية، حيث إن تدمير قدرات الحوثيين أو القضاء عليهم، يعني استغناء المملكة عن أمريكا في الجانب العسكري والأسلحة”.

كبح جماح الحوثيين
ويبدو أن الحوثيين حققوا أهدافهم إلى حد كبير، حيث ألحقوا خسائر بأمريكا وحلفائها، وأكدوا نفوذهم الإقليمي، وعززوا دعمهم المحلي، في حين لا تملك الولايات المتحدة وحلفاؤها خيارات قوية في التعامل مع الحوثيين.

وبعيداً عن التحرك لكبح الهجوم الإسرائيلي المتواصل على غزة، فإن كثيرين يرون أن الطريقة الوحيدة لتجنُّب الدخول في حلقة تصعيدية هي أن تستمر الولايات المتحدة في دعم الجهود التي تقودها السعودية وعُمان بهدف كبح تهديدات الحوثيين وهجماتهم، فضلاً عن دعم الجيش اليمني.

لكن الشعب اليمني هو من سيدفع الثمن غالياً. فالحوثيون لديهم مصادر إيرادات متعددة مثل الضرائب، والاستحواذ على الشركات والممتلكات، فضلاً عن الأنشطة غير المشروعة التي تتراوح بين الاتجار بالبشر والأسلحة إلى تصنيع وتوزيع المخدرات باختلاف أنواعها.

وإلى جانب ذلك، فقد استمرأ الحوثيون فرض قوّتهم في مناطق سيطرتهم، من خلال حملات الاعتقالات التي تشنها بين المواطنين بشكل كبير، بتهمة “العمالة لأمريكا وإسرائيل”، والتي كان ضحيتها مؤخراً موظفون تابعون للأمم المتحدة باليمن.-

– الخليج اونلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى