هل بدأنا عصر مدافع الليزر؟ قصة السلاح الذي تسلمته البحرية الأمريكية وقد يغير مفهوم الحرب للأبد

 

نيويورك – عين اليمن الحر DW

“هل تحققت نبوءة أفلام الخيال العلمي؟ هل بدأنا عصر مدافع الليزر؟”، يبدو أن هذا العصر يقترب بالفعل بعد أن تسلمت البحرية الأمريكية أول سلاح ليزر مدمر ويتوقع نشره قريباً على إحدى سفنها التي وصفها البعض بأنها ستكون أقوى سفينة في العالم.

فلقد أصبحت شركة لوكهيد مارتن الأمريكية للدفاع هي الأولى في العالم التي تزود السفن الحربية بأسلحة الليزر التكتيكية عبر سلاح ليزر جديد يدعى”هيليوس”، حسبما أعلنت الشركة في بيان لها مؤخراً.
ماذا نعرف عن أول سلاح ليزر مدمر؟
وهيليوس هو سلاح ليزر عالي الطاقة قدرته 60 كيلوواط (يمكن زيادتها إلى 120 كيلو وات)، ويوفر قدرة طاقة موجهة في أيدي الأسطول الأمريكي، فيما وصف بأنه لحظة تاريخية في التاريخ العسكري.
وهكذا انتقل سلاح ليزر هذا من الاختبارات المعزولة نحو القتال التشغيلي التجريبي للبنتاغون.
ويعتقد أنه قادر على إسقاط وتدمير بعض أسلحة العدو بعدة طرق، وليس طريقة واحدة، كما أنه يستطيع المساعدة في عمليات التجسس، ويمكن دمجه في أنظمة أسلحة أخرى.
قال ريك كوردارو، نائب رئيس حلول المنتجات المتقدمة في شركة لوكهيد مارتن: “تعزز هيليوس فاعلية نظام القتال الشامل للسفينة لردع التهديدات المستقبلية وتوفير حماية إضافية للبحارة”.
وأضاف: “يمثل نظام هيليوس أساساً متيناً للتسليم التدريجي لقدرات نظام أسلحة الليزر القوية”.
بينما أظهرت بعض أجهزة الليزر في الخدمة أنها واعدة أثناء الاختبارات ر المعزولة، فإن قبول البحرية الأمريكية بتسلم هيليوس هو علامة على أن السلاح أثبت جدارته وهو جاهز للانتشار على نطاق أوسع في جميع أنحاء الأسطول الأمريكي.

لماذا يمثل هذا حدثاً تاريخياً؟
عندما اخترع ثيودور ميمان أول ليزر في مختبر أبحاث هيوز في ماليبو، بولاية كاليفورنيا الأمريكية في عام 1960، كان يُنظر إليه على الفور تقريباً على أنه سلاح فائق محتمل، وسرعان ما ظهر شعاع الموت في أفلام الخيال العلمي.
إلا أن إنتاج سلاح ليزر عملي تبين أنه أكثر صعوبة مما كان يتصور في البداية، واستمرت أسلحة الليزر القاتلة تعمل فقط في أعمال الخيال العلمي.
اليوم أدى تطوير ليزر الحالة الصلبة على أساس لفائف من كابلات الألياف الضوئية المغطاة بعناصر مثل الإيتريوم إلى نقل سلاح الليزر أخيراً من المختبر إلى ساحة المعركة.
لن يتم نشر سلاح الليزر متعدد الأدوار هيليوس من فئة 60 كيلووات فقط كتجربة على متن سفينة تابعة للبحرية الأمريكية، كما هو الحال في الاختبارات السابقة، ولكن كنظام تكتيكي تشغيلي يمكن دمجه بالكامل في عمليات السفن ويمكن توسيع نطاقه لتلبية متطلبات المهام المختلفة.
كيف يعمل؟
هيليوس هو ليزر ألياف ضوئية يعتمد على التراص الطيفي. يستخدم شعاعاً متماسكاً من القوة الهائلة لضرب أجسام العدو، ويتم استخدام عدة مصادر للإشعاع لتشكيله.
شعاع هيليوس ذو الموجة المستمرة هو شعاع مركَّز من الإشعاع الضوئي الذي يسلم الحرارة إلى سطح الهدف ويدمره.
تباغت سرعة الضوء التي يتحرك بها الليزر الأهداف المعادية، ويعتقد أنه يحرمها من فرصة الحصول على الضربة الأولى.
بالإضافة إلى ذلك، نظراً لأنه يمكن تخفيض تكلفة السلاح عبر تقليل تشغيل المولد الذي يوفر التيار اللازم، حسب الحاجة، فإن هذا يجعل التكلفة منخفضة للغاية مقارنة بالأسلحة الأخرى.
يمكن لهيليوس أن يسقط شعاعاً بسرعة الضوء ضد أهداف متعددة مقابل تكلفة دولار واحد تقريباً، دون احتساب تكاليف المعدات، ولديه إمداد غير محدود من الذخيرة طالما أن الطاقة متوفرة.
بفضل التكلفة المنخفضة واستخدامه لسرعة الضوء والاستجابة الدقيقة، تفيد تقارير إعلامية أمريكية بأن سلاح الليزر هذا سوف يضيف بعداً ثورياً جديداً إلى الأسطول الأمريكي.
وقالت شركة لوكهيد مارتن في يناير/كانون الثاني 2022 إنه سيتم تركيب سلاح الليزر على المدمرة من طراز أرلي بيرك USS Preble هذا العام. وانتهى العمل من الاختبار في جزيرة والوبس، بولاية فيرجينيا الأمريكية، في خريف عام 2021.
ستخضع السفينة لاختبارات في البحر في  العام القادم 2023.
تتجاوز إمكانيات نظام هيليوس متعدد المهام مجرد ليزر عالي الطاقة لأنه يحتوي أيضاً على ذكاء طويل المدى، وقدرات للمراقبة، والاستطلاع وهو لديه قدرات مضادة لأنظمة الـISR المثبتة على أنظمة الطائرات بدون طيار التي تستخدم في توفير الوعي والمعلومات للطائرات المسيرة.
“الشيء المثير للاهتمام في هيليوس هو أنه ليس مجرد نظام مستقل – [إنه يحتوي] على الأجزاء الأولية من التكامل مع نظام Aegis الدفاعي الصاروخي المتطور الموجود على سفن البحرية الأمريكية، والخطوات التالية ستكون جعله أحد الاختيارات في مكون نظام سلاح Aegis.
ما هي الأسلحة التي يمكن أن يدمرها وكيف يفعل ذلك؟
وصفت شركة لوكهيد مارتن نظام الليزر هذا بأنه السلاح الذي سيغير كل شيء في الأيام المقبلة.
يستطيع هيليوس تدمير الأهداف الخفيفة، بما في ذلك المركبات الجوية غير المأهولة، حسب تقارير أمريكية إعلامية متعددة.
تزعم بعض المصادر الأمريكية أن سلاح الليزر هذا يستطيع القضاء على صواريخ كروز، إضافة إلى تدمير الطائرات بدون طيار بل يمكنه أيضاً تدمير القوارب الصغيرة.
من غير الواضح حتى الآن، إذا كانت طاقة سلاح الليزر هذا كافية لتدمير أجسام الطائرات والصواريخ المشار إليها، أم أن طاقته تدمر الأنظمة الإلكترونية في هذه الأسلحة، مما يؤدي إلى إسقاطها.

يعتقد أن هذا السلاح قادرة على إسقاط الطائرات المسيرة/رويترز
يختلف هيليوس أنه لا يمكن استخدامه فقط لتدمير الأهداف، بل يمكنه أيضاً تعمية المستشعرات الضوئية للعدو ويمكن للحزمة المنعكسة جمع بيانات بعيدة المدى لتطبيقات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR).
وفقاً لشركة لوكهيد، فإن هذا يجعل من هيليوس عنصراً أساسياً في بنية دفاعية متعددة الطبقات لحماية الأسطول.
إنه بداية لعالم جديد من الأسلحة
برزت أسلحة الطاقة الموجهة كواحدة من أكثر فئات الأسلحة تقدماً وطلباً من قبل الجيوش المتقدمة حول العالم.
في وقت سابق من هذا العام، أصدر كبير مسؤولي التكنولوجيا بوزارة الدفاع الأمريكية قائمة تضم 14 مجالاً تكنولوجياً تعتبر الأكثر أهمية للاستثمار فيها، وكان من بينها مجال الطاقة الموجهة باعتبارها مجالاً تكنولوجياً بالغ الأهمية للبنتاغون.
قامت البحرية الأمريكية باختبار سلاح ليزر كهربائي بالكامل وعالي الطاقة يسمى دفاع الليزر متعدد الطبقات (LLD)، والذي طورته شركة لوكهيد مارتن في فبراير/شباط 2022، استهدف نظام الليزر الأرضي طائرة بدون طيار.
إلى جانب شركة لوكهيد مارتن، تعمل شركات تصنيع دفاعية أمريكية أخرى مثل Raytheon و Northop Grumman و Boeing حالياً على أسلحة ليزر عالية الطاقة للجيش الأمريكي والبحرية والقوات الجوية.
يدير الجيش الأمريكي برنامجاً خاصاً لتطوير أسلحة الليزر، ويعتقد الجيش الأمريكي أن تطوير مثل هذه الأسلحة يستغرق وقتاً أقل عن أنظمة الأسلحة الأخرى. كما أنها أكثر دقة من الصواريخ الموجهة أو المدافع الأخرى.
وتقدم أسلحة الليزر مستويات غير مسبوقة من الدقة وسرعة الاشتباك للمحاربين خاصة للقوات البحرية.
كما تعمل أسلحة الليزر على تبسيط الخدمات اللوجستية وتجعل السفن وطواقمها أكثر أماناً؛ لأنها لا تعتمد على الوقود التقليدي أو الأسلحة التي تعتمد على البارود المستخدمة في السفن.
وتعمل أجهزة الليزر الحديثة عالية الطاقة بالطاقة الكهربائية، مما يجعلها بطبيعتها أكثر أماناً وقادرة على العمل كأسلحة طالما أن السفينة تتمتع بوجود طاقة. يمكن أن تكون تكلفة كل مواجهة لسلاح الليزر منخفضة بشكل معقول.
تقوم الصين وروسيا أيضاً بتطوير أسلحة ليزر بدورها.
مع دق الخبراء ناقوس الخطر بشأن صراع محتمل بين الولايات المتحدة والصين في المحيطين الهندي والهادئ، فإن استخدام أسلحة الليزر عالية الطاقة سيكون بمثابة رصيد كبير للبحرية الأمريكية.
وقد يدفع التطور الأخير بكين لتسريع وتيرة جهودها لصنع سلاح ليزر منافس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى