نتانياهو دفع بايدن إلى حافة “الخط الأحمر”

عين اليمن الحر

نفذ الرئيس الأميركي، جو بايدن تهديده باعتماد السياسة الأميركية على طريقة تعامل إسرائيل مع المدنيين، إذ تسبب تعليق شحنة أسلحة كانت متجهة لإسرائيل في جدل في داخل الولايات المتحدة ما بين مؤيد ومعارض.

وهدد الرئيس الأميركي بحجب المزيد من الأسلحة الهجومية إذا شنت إسرائيل عملية برية في رفح، مع التزام واشنطن بأمن إسرائيل إذ سيبقى توريد الأسلحة الدفاعية ساريا.

“قرار لم يرغب الرئيس بايدن في اتخاذه” بحسب صحيفة وول ستريت جورنال، إذ يأمل البيت الأبيض في التأثير على حكومة رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، لإعادة النظر في إدارتها للصراع.

وتشير الصحيفة إلى أن إيقاف شحنة الأسلحة مؤقتا بسبب هجوم مرجح في رفح “يصعّد من الخلاف بين بايدن ونتانياهو”، ويضع العلاقات الأميركية الإسرائيلية في “أقصى اختبار منذ عقود”.

وقال بايدن في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأربعاء إنه أوضح لنتانياهو وحكومة الحرب “أنهم لن يحصلوا على دعم” واشنطن إذا هاجموا المراكز السكانية في رفح التي تكتظ بالنازحين، مشددا على أن واشنطن “لا تبتعد عن أمن إسرائيل، ولكنها تبتعد عن قدرة إسرائيل على شن حرب في تلك المناطق”.

فما الذي دفع بايدن إلى التوجه للحديث علنا عما يدور بينه وبين نتانياهو؟ وكيف دفع نتانياهو ببايدن إلى “حافة الخط الأحمر”؟

وأعادت الصحيفة التذكير بمقابلة لبايدن أجراها مع شبكة “إم إس إن بي سي”، في مارس الماضي، عندما حذر من أن الهجوم على رفح يعني تجاوز “الخط الأحمر”، واستدرك بأنه “ليس هناك خط أحمر بأنني سأوقف جميع الأسلحة”.

وقال حينها: “لا يمكننا أن نشهد مقتل 30 ألف فلسطيني آخر”.

والأولوية لدى بايدن، بحسب الصحيفة، هي “ضمان وقف مؤقت لإطلاق النار، ونزل فتيل الجدل السياسي المشحون في الداخل الأميركي، حول ما إذا كان إدارته قد مارست ما يكفي من الضغط على حكومة نتانياهو للحد من الخسائر بين المدنيين”.

وتقول إسرائيل إنها تريد القضاء على حماس، وتزعم أنها لا تستهدف المدنيين، في الوقت الذي قتل فيه عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال.

ورغم أن قرار تعليق شحنة الأسلحة لم يعلن عنه سوى أخيرا، إلا أن أساس القرار “وضع في أبريل عندما بدأت الإدارة الأميركية بمراجعة لشحنات الأسلحة لإسرائيل، بعد أشهر من مقاومة الدعوات لوضع شروط على عمليات نقل الأسلحة، والتأثير على حكومة نتانياهو للتفكير في مقاربة مختلفة في سلوكها بالحرب”.

المراجعة كانت “سرية للغاية بحسب الحساسية السياسية لاستخدام أقوى نفوذ لها على إسرائيل، وهو أمر سيثير غضب نتانياهو ويدفع بالجمهوريين إلى شن هجمات على بايدن”، بحسب ما نقلت الصحيفة عن مسؤول لم تذكر اسمه.

وبحلول أواخر الأسبوع الماضي، كان مسؤولو إدارة بايدن على أمل في تحقيق اختراق بـ”وقف القتال”، حيث كان يجري مدير وكالة الاستخبارات المركزية، وليام بيرنز، جولات في المنطقة، ناهيك عن جولات وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن.

لكن إسرائيل مستقرة على استراتيجية “الحوار والقتال”، حتى عندما أرسلت وفدا للمفاوضات كانت تسقط منشورات على شرق رفح تحث السكان على الرحيل، وأتبعتها بإرسال قوات للاستيلاء على معبر رفح الحدودي مع مصر.

حتى الآن تم تعليق إرسال شحنة أسلحة واحدة، تضم قنابل تزن قرابة طن لكل منها، والتي يمكن أن تكون مدمرة في المناطق التي تشهد كثافة سكانية مثل رفح، فيما أكد مسؤول أميركي أنه “تتم أيضا مراجعة مبيعات محتملة لشحنات أخرى”، وفقا للصحيفة.

ويوجه بايدن رسائل لنتانياهو بقرار تعليق شحنة الأسلحة بضرورة “ترسيخ وقف إطلاق النار المؤقت مع حماس، بدلا من التحرك نحو هجوم على رفح من دون خطة لحماية المدنيين”.

رفح “تفاقم مشكلة” نتانياهو

 

 

ويؤكد تحليل نشرته صحيفة نيويورك تايمزأن تحذير بايدن بشأن رفح “يفاقم مشكلة نتانياهو”.

ويقول خبراء للصحيفة إنه بينما تمتلك إسرائيل ما يكفي من الأسلحة في مخزوناتها للقيام بغزو واسع النطاق لغزة، إلا أنه في حال وضعت قيود أميركية قد يجبر الجيش الإسرائيلي على تقليص استخدام ذخائر معينة.

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتانياهو، الخميس، إن الإسرائيليين مستعدون للقتال “بأظافرهم” في رفض مستتر لتحذير بايدن من احتمال حجب إمدادات الأسلحة بسبب عملية وشيكة في رفح.

وقال نتانياهو دون أن يشير على وجه التحديد إلى الإعلان الأميركي: “إذا كان علينا أن نقف وحدنا، فسنفعل”.

وأضاف في بيان مصور “إذا كان لا بد من ذلك، فسنقاتل بأظافرنا.. ولكن لدينا ما هو أكثر بكثير من أظافرنا، فبهذه القوة الروحية، وبعون الرب، سننتصر معا”.

وردد عضوان آخران يتمتعان بحق التصويت في حكومة الحرب التعليقات ذاتها، وهما وزير الدفاع، يوآف غالانت، ووزير الدفاع السابق من تيار الوسط، بيني غانتس، لكن لم يذكر أي منهما صراحة أن أمرا سيصدر باجتياح أعمق لرفح.

وقال غالانت فيما وصفه بحديث إلى الأعداء والأصدقاء، الخميس، إن إسرائيل ستفعل ما يلزم لتحقيق أهدافها العسكرية في قطاع غزة وفي الشمال.

وأضاف، بحسب ما جاء في نص خطاب نشره مكتبه “أتحدث إلى أعداء إسرائيل وكذلك إلى أصدقائنا المقربين. لا يمكن إخضاع دولة إسرائيل.. سنتمسك بموقفنا، سنحقق أهدافنا، سنضرب حماس، سنضرب حزب الله، وسنحقق الأمن”.

وعبر غانتس عن تقديره لما وصفه الجيش الإسرائيلي بالدعم والإمدادات الأميركية غير المسبوقة في الحرب.

وكتب على تطبيق إكس “على إسرائيل واجب، فيما يتعلق بالأمن القومي والأخلاق، أن تواصل القتال من أجل إعادة رهائننا وإنهاء تهديد حماس لجنوب إسرائيل”.

وأضاف “على الولايات المتحدة واجب أخلاقي واستراتيجي بأن تمد إسرائيل بالأدوات الضرورية لهذه المهمة”.

وفي موازاة مع هذا الخلاف المعلن، تحاول الولايات المتحدة رعاية محادثات، بوساطة مصرية وقطرية، بين إسرائيل وحماس والتي من شأنها إطلاق سراح بعض الرهائن.

وتتعثر المحادثات بسبب مطلب حماس إنهاء الحرب في غزة. لكن إسرائيل ليست مستعدة سوى لهدنة مؤقتة فقط. وغادر المفاوضون، الخميس، اجتماعاتهم الأخيرة في القاهرة دون التوصل لاتفاق، وقالت إسرائيل إنها ستمضي قدما في عملية رفح المزمعة.

وقال كبير المتحدثين العسكريين الإسرائيليين، الأميرال دانيل هاغاري، في مؤتمر صحفي إن القوات المسلحة لديها ذخائر كافية لرفح “والعمليات المزمعة الأخرى”.

كرر البيت الأبيض أمله في ألا تنفذ إسرائيل عملية شاملة في رفح، قائلا إنه لا يعتقد بأن العملية ستخدم هدف إسرائيل في القضاء على حماس.

وقال المتحدث جون كيربي إن “اقتحام رفح، في رأي الرئيس بايدن، لن يخدم ذلك الهدف”.

وذكر كيربي أن إسرائيل تضغط بشكل كبير على حماس وأن هناك خيارات أفضل لملاحقة المتبقين من قيادة الحركة من عملية تنطوي على مخاطر جسيمة على المدنيين.

قصف يطال مناطق في رفح

قال سكان فلسطينيون لرويترز إن دبابات وطائرات حربية إسرائيلية قصفت مناطق من رفح، الخميس.

وقال سكان ومسعفون في رفح للوكالة وهي المدينة الرئيسية الوحيدة في غزة التي لم تجتحها القوات البرية الإسرائيلية بعد، إن ثلاثة أشخاص قُتلوا وأصيب آخرون بنيران دبابة إسرائيلية قرب مسجد في حي البرازيل في شرق المدينة.

وأظهر مقطع مصور من الموقع منارة المسجد وسط الأنقاض وجثتين ملفوفتين في أغطية.

وتسببت غارة جوية إسرائيلية على منزلين في حي الصبرة برفح في مقتل ما لا يقل عن 12 شخصا منهم نساء وأطفال.

وتقول إسرائيل إن مسلحي حماس يختبئون في رفح التي لجأ لها مئات الآلاف من الفلسطينيين فرارا من القتال في باقي أنحاء القطاع، وإن من الضروري أن تقضي عليهم حفاظا على أمنها.

وقال نازح يدعى محمد عبد الرحمن لرويترز إنه يخشى من أن يكون القصف الإسرائيلي علامة على اجتياح المدينة.

وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تديره حماس إن الهجوم الإسرائيلي على غزة أسفر عن مقتل نحو 35 ألف فلسطيني وإصابة قرابة 80 ألفا معظمهم مدنيون.

وشنت إسرائيل هجومها عقب هجوم الحركة في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل التي تقول إنه أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 252 رهينة. وتشير أحدث بيانات إسرائيلية إلى أن نحو 128 من الرهائن ما زالوا محتجزين في غزة وأن 36 أُعلنت وفاتهم.

وسيطرت الدبابات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح مع مصر، الثلاثاء، مما أدى إلى قطع طريق المساعدات الحيوي إلى القطاع وأجبر 80 ألف شخص على النزوح من المدينة هذا الأسبوع، وفقا لما ذكرته الأمم المتحدة.

في غضون ذلك، واصلت إسرائيل غاراتها الجوية وقصفها بالدبابات على قطاع غزة، الخميس. وقال سكان إن الدبابات توغلت في حي الزيتون في مدينة غزة في شمال القطاع، مما أجبر مئات الأسر على الفرار. وقال الجيش الإسرائيلي إنه يقوم بتأمين الحي، وبدأ بسلسلة من الضربات الجوية التي تستند إلى معلومات مخابراتية استهدفت نحو 25 “هدفا إرهابيا”.

واحتشد الآلاف في دير البلح بوسط غزة بعد الفرار من رفح في الأيام القليلة الماضية. وقال مسعفون فلسطينيون إن شخصين، منهما امرأة، قتلا عندما أطلقت طائرة مسيرة صاروخا على مجموعة من السكان هناك، وفق ما نقلته رويترز.

الحرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى