محامون لـ ” الصباح” القرار مخالف للقانون.. ويجب إلغاء كل القرارات التي اتخذها رئيس بلدية الكرم
عين اليمن الحر – الصباح
أثار قرار رئيس بلدية الكرم فتحي العيوني المتعلق بإحداث صندوق للزكاة بالجهة وتركيز لافتات بالشوارع لدعوة العموم لحضور ما أطلق عليه «حفل تدشين وافتتاح صندوق الزكاة بالكرم كأوّل صندوق للزكاة في تونس منذ الاستقلال» الكثير من الجدل إذ اعتبر البعض أنه قرار لـ»أخونة» الدولة كما أنه مخالف للدستور.
وفي نفس الإطار أوضح لـ»الصباح» المحامي عماد بن حليمة أن الفصل 137 من القانون الأساسي عدد 29 المؤرخ في 9 ماي 2018 المتعلق بمجلة الجماعات المحلية ضبط أوجه تمويل ميزانية الجماعات التي تتمثل في الاداءات والضرائب ومختلف المعاليم والرسوم والموارد المحالة من السلطة المركزية ونجد من بين هذه الموارد الهبات وقد فرض الفصل 138 من نفس القانون على الجماعة المحلية فتح حساب خاص لدى محاسبها العمومي لرصد محصول الهبات وتخصيصه وجوبا بتمويل أو المساهمة في تمويل مشاريع ذات مصلحة عامة.
وأضاف أن تجميع ميزانية البلدية وصرفها يخضع للقانون الأساسي المشار إليه وإلى مجلة المحاسبة العمومية ولا يوجد ضمن أبواب الميزانية ما يسمى بالزكاة وان الجماعة المحلية غير مؤهلة لجمعها في مفهومها الديني والفقهي بصفتها مساعدة معلومة المقدار تصرف للسائل وللمحروم والمفروض أن الدولة لا تتسول ولا تطلب الحصول على الزكاة.
واعتبر أن إصرار رئيس بلدية الكرم على تسمية الحساب الجاري الذي تفتحه الجماعة المحلية لتلقي الهبات من المواطنين بصندوق زكاة هو ردة فعل من ناحية أولى على إسقاط الفصل المتعلق بصندوق الزكاة في قانون المالية 2020 وثانيا هو تحيل على الناس باستعمال الدين لأن الزكاة هي ركن من أركان الإسلام وهي فرض ولا يمكن رفعها عن المسلم الا بوجود فتوى شرعية تعفي من يقدم إعانات مالية للبلدية من ضرورة دفع الزكاة على الأموال.
وقال انه ربما يتوجه برسالة تفسيرية لمفتي الجمهورية حتى يفيده في هذا الموضوع.
واعتبر أن صندوق الزكاة ذكّره بما كانت تقوم به الكنيسة من تجميع المحاصيل الزراعية للفلاحين والاستئثار بها وتمكينهم من صكوك غفران وتبشرهم بالجنة.
من جهته قال لـ»الصباح» المحامي حازم القصوري انه يدق ناقوس الخطر أمام قرار مخالف لدستور البلاد وللدولة المدنية ولالتزاماتنا الدولية التي قطعناها خاصة وأن مشروع صندوق الزكاة وقع رفضه أمام البرلمان لعدم اتفاق المجموعة الوطنية ولا يمكن مخالفة نواميس الدولة المدنية التي اتفقت عليها جميع القوى الوطنية الحية التي سنت دستور 2014 معتبرا أن رئيس بلدية الكرم فتحي العيوني غير مخول في تأويل فصوله وخاصة في غياب المحكمة الدستورية وحاليا عليه أن ينصرف إلى معالجة القضايا الاجتماعية بالكرم خاصة وأن احد منفذي العملية الإرهابية التي استهدفت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية قاطن بمنطقة الكرم وهذا يجعلنا حسب رأيه نتعاطى مع هذه الأحداث بأهمية بالغة ونخشى تنامي الفكر المتطرف والجريمة المنظمة بنقل صراعات إقليمية إلى الجهة سواء من خلال العلامات الزرقاء لصندوق الزكاة للإيحاء بحزب سياسي حاكم ومن خلال تشييد تمثال لطائرة ابابيل وإقحام المنطقة وتونس في الصراعات والتجاذبات الإقليمية الدائرة في الشرق الأوسط ولهذا دعا محدثنا السلطات للتدخل الناجع السريع وبحزم للحسم في هذا الملف بمراجعة كل القرارات التي اتخذتها بلدية الكرم وإلغاء كل القرارات التي قام بها رئيس البلدية ومراجعة مجلة البلديات لمخالفتها مقتضيات الدستور وهذا مرده غياب المحكمة الدستورية، مضيفا أن هناك إجراءات قانونية ستتخذ وختم «إذا خلا لك الجو فلن تبيضي و لن تفرخي مدام هنالك مجتمع مدني يقظ».
أما المحامي محمد الفاضل محفوظ الوزير السابق للعلاقات مع الھیئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان فقد اعتبر في تدوينة نشرھا على صفحته الشخصیة على الفايسبوك أنه قرار مخالف للفصل 6 من الدستور الفصل الذي جعل الدولة ھي الراعیة للدين، والرعاية تقتضي في ما تقتضي، بالإضافة إلى حماية الشعائر الدينیة وتنظیم الاحكام الفقھیة وطريقة ممارستھا.
وأضاف بنفس التدوينة أن إسناد الإختصاص للدولة وليس لغيرها من الجماعات، حتى وإن كانت منتخبة، كان واضحا وصريحا ودون أي لبس.
ولاحظ ان مسألة التدبير الحر والحق في إنشاء صناديق لتلك الجماعات، فإنما يجب أن يتم في كنف احترام مبدأ وحدة الدولة وعدم تعارض الأحكام المحلية مع المبادئ الدستورية.
كما أن إحداث الصناديق المنصوص عليها بمجلة الجماعات المحلية لم يتعرض إلى الزكاة بل اقتصر على الهبات و التبرعات التي لا تخضع الى مقادير ولا لأحكام شرعية خلافا للزكاة.
مضيفا «و لو جارينا اتجاه إحدى الجماعات المحلية في أحقيتها بإحداث صندوق زكاة، فما الذي يمنعها لاحقا من التشريع في فرائض أخرى تهم الصلاة مثلا بإجبار المصلين على الصلاة طبق طريقة معينة قد تكون مخالفة لقواعد الصلاة عملا بمبدأي التدبير الحر والشرعية الانتخابية المحلية».
واعتبر أن المسألة أهم و أخطر بكثير من أن يتم تناولها من قبل كل جماعة محلية على حدة لتتكاثر الأحكام وتتناقض أو أن تكون تعبيرا عن انتماء معين دون آخر.
والأخطر أيضا حسب رأيه أن تقوم جماعة محلية بالتشريع في المجال الديني طبق الأغلبية المنبثقة في الدائرة الانتخابية الضيقة و طبق مرجعيتها الفكرية أو الإيديولوجية وختم بالقول تدوينته «إن هذه الربوع في حاجة إلى قليل من الموضوعية والهدوء وعدم الانسياق وراء دعوات التخوين أو التكفير أو السب والشتم لكل من يخالف الرأي، والحلول القانونية والقضائية الهادئة متوفرة لإلغاء ذلك القرار».
واعتبر حقوقيون آخرون أن هناك إشكالا قانونيا لأن الصناديق الأصل في إحداثها انها تحدث بقوانين المالية وبالتالي فإن احداثها بقرار بلدي يطرح اشكالا من الناحية القانونية خصوصا ان مقترح احداث الصندوق عرض على مجلس النواب وتم إسقاطه.
◗ صباح الشابي