قراءة سريعة في مسار الاحداث في المنطقة العربية ومآلاتها

أ د / دحان النجار


(المنطقة العربية وتطوراتها الاخيره تهز اقدام الجميع)
المتابع للتطورات الاخيره النوعيه في المنطقة لابد وان تقوده الى افتراض تغييرات جوهريه قادمة قد لا تكون على مذاق الاطراف الاقليمية المفضل بل تشير الى محاولة الخروج من المآزق التي اوقعوا انفسهم او تم ايقاعهم فيها باعتبارهم انظمة وظيفية في الصراع الدولي من حيث يعلمون او لا يعلمون.
المازق اليمني الم كل اطرافه واصبح مصدر لتصفية حسابات الاطراف المتسارعه وقد يقودها الى الانهيار اقتصاديا وسياسيا ان لم تتلافى الامر بالبحث عن مخارج وهو ما يلوح بالافق فعلا. التقارب الاماراتي لايراني ومحاولة الفكاك من عقدة المواجهة المفتوحة في اليمن والخليج يهدف الى تجنب كوارث اكبر قادمه قد تعرض اقتصاد الامارات وبالذات دبي للانهيار ان تم توجيه ضربات مباشره اليها، وايران ايضا ستكون من كبار الخاسرين لان معظم شركاتها في ظل الحصار تنشط في دبي وهي بحاجة الى هذه النافذه الاقتصادية المهمة ولا يمكن التضحية بها.
في ظل الحصار السعودي الاماراتي على دولة قطر وتدخل ايران لصالحها وانحياز قطر اليها والى اذرعها في المنطقة شكل ضربه مؤلمه لهاتين الدولتين الامر الذي دفع بهما او باحداهما للبحث عن مخرج يفقد قطر هذه الميزه او يضعفها وهو التقارب الاماراتي مع ايران والان نلاحظ التقارب السعودي العماني.
ايران بضربها لمنشآءات ارامكو السعودية وجهة انذار خطير بانه في حالة تحريض امريكا والغرب على ضرب الجمهورية الاسلامية وتشديد الحصار الاقتصادي عليها فسوف تتبع سياسة (عليا وعلى اعدائي) وهاكم المثل على ارض الواقع ان لم تحترموا قواعد اللعبه ونستمر في المواجهة بالوكالة في اليمن ولبنان وسوريا والعراق وليبيا وغيرها.ضرب السفن في الموانىء الاماراتية والناقلات في الخليج كان هو الاخر جرس انذار وسيناريو محتمل يجب اخذه بعين الاعتبار وهو ما تم بالفعل.
في المقابل بدآت اقدام ايران تهتز في المناطق الاكثر امانا ومراكز التحدي بيدها مع خصومها ومنافسيها الاقليميين والدوليين وذلك في العراق ولبنان وسوريا. المظاهرات في العراق ولبنان المضادة للتسلط الديني والطائفي تضعف حلفاء ايران هناك وتفتح عليها جبهة جديده وخطيره مقلقه جدا وقد تمتد الى دول اخرى في المنطقة العربية او الى ايران ذاتها.
الروس لاعب اول في سوريا لا يمكن لهم ان يتركوا هذه الدولة في المحيط الايراني دون وضع حد للنفوذ المتزايد ولذلك تتصرف بحرية في توزيع الادوار مع تركيا والولايات المتحده في اشاره واضحه بان الروس من يقرر مصير سوريا في الاخير لانها تحتل مكانة خاصة في الاستراتيجية الروسية المنبعثة من جديد في المنطقة.
تركياء لاعب اخر ومؤثر وبشكل مباشر في سوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن وراعية لحركة الاخوان المسلمين اكثر القوى السياسية تنظيما وتمويلا وشعبية وتاثيرا في الاحداث الاخيره في المنطقة. تركياء تنافس السعودية ومصر والامارات ويحلم اردوغان بعودة تاثير الامبراطورية العثمانية ولو على الاقل السيطره على اسواق المنطقة العربية واستجلاب الاستثمارات منها وتحويل تركيا الى بنك اسلامي لا يمكن ان يزدهر الا بتشرذم المنطقة وهروب الاموال والاستثمارات منها الى الجار والاخ التركي ،لكن تركيا وتورطها في الحرب السورية التدميرية قد ينعكس عليها سلبا وهو ما بداء بالفعل لان دورها كان تدميريا ومشكلة الاكراد ستظل تلاحقها ولابد لها من البحث عن ترتيبات تحفظ ماء الوجه والحد الادنى من النفوذ في ظل شعورها بالاستبعاد الدولي.
الوضع في ليبيا وتعثر قوات حفتر المدعومة مصريا واماراتيا وسعوديا في دخول طرابلس والدعم القطري التركي العسكري المباشر للحكومة الانتقالية الاخوانية وعودة الاخوان المسلمين الى الصدارة في تونس يؤشر الى تعثر اطراف الصراع في تحقيق انتصارات حاسمة على بعضهما في الشمال الافريقي ووادي النيل. الوضع في السوران ومشكلة سد النهضة ومطاردة الاستثمارات والنفوذ الاماراتي الاقتصادي في القرن الافريقي هي الاخرى اوراق ضغط تبادلية وتلعب باحترافية لكنها ليست لمصلحة الامن القومي العربي.
تراجع دول الخليج المقاطعه لقطر عن عدم مشاركتها في الالعاب الخليجية في الدوحة يؤشر الى نيه تصالحية ولو عن طريق الرياضة اولا. اضعاف الانظمة في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان ولبنان وغيرها وتحول تلك البلدان الى دول هشه ولو مؤقة وعدم قدرتها على التعافي في المدى القريب ووضعها تحت رحمة النفوذ الاقليمي والدولي قد يقود الى ترتيبات تصالحية في المستقبل المنظور لكنها لا تمثل حلول جذرية للاوضاع المتردية والمنفلتة.
اطلاق ايران مؤخرا لمبادرة(هرمز )للحوار في المنطقة وحل قضاياها الخلافية عبر الحوار المباشر مؤشر اخر على محاولة الخروج من النفق المظلم الذي دخلته بلدان المنطقة المؤثرة وقد يقود الى انهيار انظمتها عاجلا ام اجلا ان لم يتم تحاشيه باجراءات ملموسه وجادة.
سيكون اليمن بمثابة الترمومتر لقياس درجة تراجع حدة الصراع الاقليمي ولو مرحليا لان اليمن تمثل الخاصره المؤلمة الاكثر تاثيرا في المنطقة بسبب موقعها الجغرافي والديمغرافي الهام.
فهل تشهد اليمن ترتيبات نوعيه في نهاية العام ٢٠١٩م ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى