دلالات تصريحات واشنطن عن اقتراب طهران من القنبلة النووية

عين اليمن الحر – الخليج اونلاين
أثارت تصريحات واشنطن حول اقتراب طهران من تصنيع القنبلة النووية، مخاوف واسعة النطاق، وأشعلت نقاشات حول التداعيات المحتملة على الأمن والسياسة في الشرق الأوسط.
وكشف وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في 19 يوليو الجاري، عن معلومات استخباراتية تشير إلى أن إيران قد تكون على بُعد أسابيع من تصنيع قنبلة نووية؛ ما دفع المجتمع الدولي إلى تأكيد ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمنع ذلك.
كما أشار بلينكن، خلال منتدى في ولاية كولورادو، إلى أن “الوضع الحالي ليس جيداً بخصوص إيران، فبدلاً من أن تكون على بعد عام واحد على الأقل من إنتاج المواد الانشطارية اللازمة لصنع قنبلة نووية كما كان الحال في ظل الاتفاق النووي، أصبحت الآن على الأرجح قادرة على تحقيق ذلك خلال أسبوع أو أسبوعين فقط”.
مخاطر وتداعيات
وتعكس هذه التصريحات مخاوف حقيقية من تداعيات امتلاك إيران قدرة نووية، وتأثير ذلك على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم بشكل عام.
وعلى الرغم من أن الخيارات تبقى مفتوحة بين التصعيد العسكري والجهود الدبلوماسية، فإن الحل الأمثل هو إيجاد تسوية سياسية تضمن عدم انتشار الأسلحة النووية وتحقق الاستقرار الإقليمي.
وفي السياق ذاته، انتقد بلينكن قرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، والذي كان يهدف إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران مقابل تقييد أنشطتها النووية، ولكن واشنطن أعادت فرض عقوبات صارمة على إيران بعد انسحابها من الاتفاق.
وعند سؤاله عن توقعات الولايات المتحدة من الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان، قال بلينكن: “الحقيقة هي أن المرشد الأعلى يواصل اتخاذ كل القرارات، ومن ثم ليست لدينا توقعات كبيرة، لكننا سنرى ماذا سيفعل هو وفريقه بمجرد توليهم مهامهم”.
من جانبها، أعربت طهران عن رفضها هذه الادعاءات، معتبرةً إياها “محاولةً لزعزعة الاستقرار الإقليمي وتبرير مزيد من العقوبات الدولية”.
وفقاً لتقارير استخباراتية حديثة، أصبحت الأسلحة النووية الإيرانية أكثر خطورة مما كانت عليه في السابق، حيث تشير التحليلات إلى أن إيران قد أظهرت تقدماً كبيراً في برنامجها النووي.
فقد حذر تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية في أبريل الماضي، من أن “نوايا المرشد الأعلى علي خامنئي، قد تكون تحريضية، مما يعزز التوترات الإقليمية والدولية ويزيد من القلق بشأن تعزيز قدرات إيران النووية، مما يؤدي إلى تفاقم التوترات والصراعات في منطقة الشرق الأوسط”.
كما أكد تحليل أعده كل من رويل مارك غيرشت المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وراي تاكيه الباحث بمجلس العلاقات الخارجية، للصحيفة، أن “التقييمات الاستخباراتية الأمريكية تشير بثقة إلى أن إيران تستخدم برنامجها النووي كوسيلة لبناء نفوذها التفاوضي والتكيف مع الضغوط الدولية، مما يجعل هذا البرنامج جزءاً من استراتيجية الدبلوماسية الإيرانية”.
وبحسب أحدث تقرير ربع سنوي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تفتش منشآت التخصيب الإيرانية، فقد بلغ مخزون إيران من اليورانيوم المخصب 5.5 طن حتى فبراير الماضي.
ووفقاً للتعريف النظري للوكالة، تقوم إيران حالياً بعملية تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60%، ولديها كمية من المواد المخصبة إلى هذا المستوى تكفي لصنع “سلاحين نوويين” في حال تخصيبها إلى درجة أعلى.
خطورة الموقف
يقول الكاتب والمحلل السياسي قحطان الشرقي، إن الملف النووي الإيراني عاد إلى الواجهة، بسبب تصاعد التخصيب بالمنشآت النووية الإيرانية، وفق ما ذكرته وكالة الطاقة الذرية التي تواجه صعوبات كبيرة في التحقق من نشاط غير قانوني من قِبل طهران في منشآتها النووية، ويضيف لـ”الخليج أونلاين”:
بعد التسريبات في الصحافة الغربية، خاصةً الأمريكية، وحديث وكالة الطاقة الدولية عن أنشطة غير قانونية، ازدادت مخاوف من وتيرة التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، الذي تدعمه إيران من خلال دعم المليشيات في العراق وسوريا واليمن ولبنان.
واشنطن في ظل إدارة بايدن والديمقراطيين تتعامل مع ملف إيران النووي بنوع من اللامبالاة، ورغم أن الولايات المتحدة ترى أنه يشكل خطراً على الشرق الأوسط، فإنها ما زالت تتعامل مع الملف بنوع من التفاهمات.
انسحاب الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب، من جانب واحد، من الاتفاق النووي، جاء لأنه لا يلبي احتياجات الأمن القومي الأمريكي، ويشكل خطراً على حلفاء واشنطن داخل المنطقة.
السؤال المهم هو: إلى أي مدى يمكن أن تتساهل إدارة بايدن مع الأنشطة الإيرانية الخطرة، ومدى تأثيرها على حلفاء واشنطن في المنطقة، وعلى الأمن والسلم الدوليين اللذين باتت تعبث إيران بهما أمام العالم.
يجب أن يكون الموقف الدولي من الأنشطة النووية الإيرانية حاسماً؛ لأن الوضع الحالي يشجع إيران على ابتزاز المجتمع الدولي من خلال تكثيف الهجمات واستهداف السفن الدولية، مما يحرف الأنظار عن برنامجها، وقد تستطيع المضي في خطوات لتحقق من خلالها السلاح النووي، مما سيقلب الموازين في المنطقة ويجعلها على فوهة بركان.
الموقف الدولي هنا غير واضح، لكن باعتقادي أمام التطورات سيكون هناك صيف ساخن بالمنطقة، في ظل التحركات الأمريكية وحاملات الطائرات التي وصلت للبحر المتوسط والبحر الأحمر.
هناك نوع من المخاوف الأوروبية من الأنشطة الإيرانية، سواء في الملف النووي أو من خلال دعم طهران لروسيا بالصواريخ والمسيّرات، ومن ثم إذا كان هناك موقف دولي حقيقي باتجاه الملف النووي الإيراني، فسيكون صارماً، سواء من الاتحاد الأوروبي أو من الولايات المتحدة، أو حلف الناتو تحديداً.
الموقف الدولي الحاسم يمكن أن يكبح جماح السياسة الإيرانية في البرنامج النووي، وأيضاً يكبح جماح المليشيات في المنطقة، التي باتت تشكل خطراً كبيراً على التجارة الدولية، وعلى المضايق في أعالي البحار، وعلى شحنات النفط، وعلى الإمدادات اللوجستية وسلاسل الإمداد، وعلى السلم الأهلي أيضاً في عدد من الدول العربية.