حرب اسرائيل على غزة- ماذا بعد خطاب نصر الله هل اقتربت الحرب الاقليمية؟

 

خاص – أ د / دخان النجار

منذ عملية طوفان الأقصى والتوتر سائد على الجبهة اللبنانية الاسرائيلية وينذر بانفجار حرب اقليمية مدمره قد تحرق العديد من البلدان وتمتد تأثيراتها إلى أوروبا ودول حوضي البحر المتوسط والبحر الأحمر وربما ابعد من ذلك.
اسرائيل ارادتها حرب اقليمية منذ البداية والولايات المتحدة الأمريكية والناتو عززوا من تواجدهم العسكري في المنطقة بشكل غير مسبوق كرسالة ردع لحزب الله ان هو فكر في الدخول في المعركة لمساندة غزه وهو الامر الذي يقلق إسرائيل وحلفائها. رافق التواجد العسكري الأمريكي والغربي الرادع في المنطقة تحرك دبلوماسي كثيف مباشر مع لبنان وغير مباشر مع ايران من اجل تفادي انفجار الوضع اقليميا ونجحتا الدبلوماسية الأمريكية والدبلوماسية الإيرانية بتجنب ذلك الانفجار إلا ان نتانياهو كل ما ضاق به الحال داخليا وفي غزه وعلى المستوى الدولي يعود ويصعد في الشمال وله في ذلك عدة اهداف لعل من اهمها:
١.توسيع نطاق الحرب وجر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها إلى المعركة مباشره وخاصة انهم دائما يصرحون بانهم الضامنون لأمن اسرائيل بل ضامنون تفوقها على كل جيرانها وتعهدهم هذا تاتي ترجمته باشراك جيوشهم مباشره في المعركة التي يأمل نتانياهو بانها سوف تشمل ايران التي سيتم الحد من قوتها التهديدية لدولته. نتانياهو فشل على الأقل الى اللحظة الراهنه من اجتثاث حماس كما وعد في بداية الحرب بل شعبية حماس ازدادت في قطاع غزه بحسب مجلة فورين بوليسي ومؤشرات استمرار المقاومة تتعزز وهو بذلك يخسر مصداقيته امام شعبه الذي أوهمه بانه سبجتث حماس ويستعيد الاسرى والمختطفين ويصيغ مستقبل غزه كما يريد.
٢.مع تشوه صورة إسرائيل عالميا سواء لدى الرأي العام العالمي وبالذات الغربي وفي اروقة الامم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات وفي منظمات حقوق الإنسان بسبب الجرائم المرتكبة في قطاع غزه واستخدام القوة المفرطة وفرض التجويع ومحاولة تشريد ما تبقى من السكان إلى خارج القطاع وتدمير البنية التحتية وفرض حصار لا سابق له وارتفاع اعداد ضحايا المجازر الإسرائيلية في أوساط المدنيين كل ذلك يدفع إسرائيل إلى تفجير الحرب الاقليمية من اجل تغيير مسار الرأي العام العالمي وتصوير الحرب بانها دفاع عن النفس والوجود ضد دول الجوار التي تريد محو ها من على الخارطة بحسب زعم قادتها وهو الأمر الذي يقود الى تغيير الرأي العام الدولي لصالحها بل جر الدول الحليفة إلى المعركة مباشره.
تكررت تجاوزات اسرائيل للخطوط الحمراء في الصراع مع حزب الله الذي كان ولا يزال ملتزم بها الامر الذي جعل الحزب يطيق ذرعا بها ويستعد للحرب الشاملة . كان الحزب يهاجم الشمال الاسرائيلي بهدف رفع الضغط عن غزه وليس لمهاجمة إسرائيل إلا انه في حالة تماديها عليه فانه بالتاكيد جاهز لخوض المعركة وهذا ما اكده السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير والذي قال فيه بان قواعد المعركة لن تفرضها إسرائيل وانه لا توجد حدود لها وسوف تشمل البر والبحر والجو وكذلك دول الجوار التي تسمح باستخدام أراضيها وقواعدها من قبل إسرائيل لمهاجمة لبنان وبالذات دولة قبرص.
دولة قبرص هي عضو في الاتحاد الأوروبي ولها اتفاقيات امنيه والاتحاد الاوروبي يحذر من مهاجمتها وهذا يعني بانه سوف يشارك في المعركة تحت غطاء حلف الناتو اوغيره وهو الأمر الذي يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في المنطقة ويثبت ان انفجار المعركة مع حزب الله لن تكون لها حدود ولا اطراف معينه بل قد يشمل لهيبها أوروبا ودول حوض البحر المتوسط والبحر الأحمر وربما المحيط الهندي كون اطراف المقاومة في اليمن والعراق لن يقفون مكتوفي الأيدي .
السيد حسن نصر الله صرح بان لدى الحزب اسلحة لا يتصورها الطرف الاخر وانه على أتم الاستعداد للمعركة إن هي فُرضت عليه وان حلفائه في محمور المقاومة على استعداد لمده بالجند والسلاح . لكن من المهم ملاحظة ان اطراف المقاومة الاخرى تقوم بتوجيه ضرباتها إلى إسرائيل وحلفائها منذ بداية هجومها على غزه اما في حالة نشوب الحرب مع لبنان فان التفجير سيكون اشمل وأوسع .
من المؤكد ان العملية العسكرية ضد لبنان مطروحه على طاولة النقاش في البنتاجون وفي حلف الناتو ويتم مناقشة نتائجها في حالة انفجارها وخاصة انهم سيكونون شركاء فيها بدون شك . الحرب ضد لبنان وحزب الله سوف تجر بلدان المنطقة والعالم إلى احداث ابعد من التصورات الحالية وسوف تهدد الامن والسلم الدوليين وتثقل الاقتصاديات العالمية التي سوف تتاثر بسبب مخاطر الامداد في السلع والطاقة وارتفاع الاسعار مما يثقل كاهل الاقتصاد العالمي ويقود إلى كساد اقتصادي عالمي بعد ان كان الاقتصاد بداء يتعافى بعد ازمة كورونا والحرب في أوكرانيا.
هل الحرب مع لبنان اصبحت حتمية ولا مفر منها؟
كل المؤشرات تدل على اقترابها وربما هناك اطراف اخرى دوليه تدفع بها من اجل تخفيف الضغط في النزاعات المشتعلة في العالم وتشتيت قدرات الناتو وايضا رغبة نتانياهو في إشعالها من اجل الخروج من أزمته كما ذكرنا آنفا والدعم الذي يتلقاه من جماعات الضغط في الولايات المتحدة بالذات كل ذلك يدعم فرضية حدوثها . قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية يعتبر عامل من عوامل تاجيل حدوثها ان تمكن الرئيس بايدن من مواجهة جماعات الضغط التي كان يخضع لها بل ويتحمس لها في مسيرته السياسية. وأعتقد بان الناتو لن يكون سعيدا بانفجارها لما تحمله من اعباء عسكريه واقتصاديه واخلاقية إلا انه في حالة مغامرات اسرائيل في شنها وعجزه عن ايقافها سيشارك فيها فعلا وبالذات الولايات المتحده وهنا تكمن الكارثة التي لا يُحمد عقباها ومع ذلك لا زلت أراهن على الواقعية لدى الساسة الاستراجيين في البيت الأبيض وبروكسل وفي طهران وبعض العواصم العربية والدولية من اجل تفادي هذه الحرب الكارثية المحتملة .
د.دحان النجار ميشجان ٢٢ يونيو ٢٠٢٤م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى