حرب إسرائيل على غزة ولبنان-بعد تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هل وقف إطلاق النار ثابت؟

 

أ د / دحان  النجار

كما اُشير في مقالات سابقة الرئيس دونالد ترامب يعتزم وقف الحروب التي تكلف الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من الامكانيات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية لكن ليس على حساب تفوق بلاده وقيادتها للعالم وهذا يعني عدم الخروج الكلي من سياسة الدولة العميقة الاستراتيجية .
فيما يخص القضية الفلسطينية الولايات المتحدة الأمريكية تنسجم مع الجانب الإسرائيلي ومطالبة وخططه الاستيطانية وسياساته الاقليمية طالما هي تخدم في المدى البعيد مصالح الولايات المتحدة والشرائح الاجتماعية المهيمنة على الاقتصاد والسياسة . الرئيس ترامب مارس الضغط من اجل التوصل إلى اتفاق تبادل الاسرى ووقف اطلاق النار في الوقت الذي كانت فيه الظروف ايضا قد نضجت لقبول اسرائيل بذلك ولم يكن ذلك الموقف خدمة للفلسطينيين او للعرب او تعبير عن تغيير استراتيجي في السياسة الاميركية في الشرق الأوسط بل أملته الظروف القائمة حينها.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر عن ضيق مساحة اسرائيل وعن دعمه لاعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ولم يوعد يوما ما بقيام دولة فلسطينية وربما لانه صريح عبر عما يجول في خاطرة معظم الساسة الأمريكان كانوا ديمقراطيين او جمهوريين بشكل واضح بدون التفاف على المصلحات او استخدام المخادعة الدبلوماسية او التخدير المغناطيسي السياسي.
ان ياتي الرئيس ترامب ويعبر بشكل تلقائي عن طلبه من مصر والأردن لقبول اعداد من فلسطينيي غزه فهذا امر ليس بالمفاجىء ولكنه لم يفرضه بشكل ملزم ولأنه يرى بان قطاع غزة المدمر كليا بعد الحرب اصبح غير صالح للعيش الانساني وهذا يتناسق مع ما اراده المخطط الاسرائيلي المتمثل بأهداف نتنياهو وخطة الجنرالات التي كانت تؤدي في نهاية المطاف إلى التهجير القسري .
نفسها السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله لم تصرح يوما ما بانها مع المقاومة في غزة بل كانت تقوم بادوار انتهازية لصالح اسرائيل بما فيها في الضفة الغربية والقدس ناهيك عن صمت الأنظمة العربية بل وتماديها في فك الحصار التجاري عن اسرائيل وليس عن غزة.
الذي يفرض شروط الاتفاق هم المقاومون على الارض وليس الولايات المتحدة الأمريكية والسلطة الفلسطينية والأنظمة العربية وسوف يتجاوب الرئيس دونالد ترامب مع الحقايق على الارض كما اتوقع أنا شخصيا من اجل ان يتجنب تفجير الاقليم وقد يمارس ضغوطا سياسية ودبلوماسية واقتصادية وتزويد اسرائيل بما تحتاجه من أسلحة لكن دون تدخل عسكري امريكي مباشر إلا إذا اقتضت الضرورة .
بحكم ان منظمة حماس تصنف امريكياً منظمة ارهابية فمن الصعب التعامل معها لكنها اثبتت وجودها على الارض ومعها بعض الفصائل الاخرى مثل الجهاد الاسلامي وغيره فمن الصعب التعامل معها بشكل رسمي ولابد من البحث عن مخارج اخرى تجنب الجميع الاحراج وكون الولايات المتحدة الاميركية هي القوة الأعظم عالميا لا يتوقع احد ان تاتي خاضعة خارج رغبات حلفائها الاستراتيجيين في المنطقة سواء كانت تحت قيادة الديمقراطيين او الجمهوريين إلا ان تمرد الرئيس ترامب على الدولة العميقة نسبيا قد يقود إلى بعض التغييرات في السياسة الأمريكية الخارجية.
لا أتوقع ضغطا كبيرا وحقيقيا على القيادة الاسرائيلية المتشددة لكنني أتوقع تغيير إسرائيلي داخلي قد يقود الى تعديل بعض المواقف تجاه الفلسطينيين وهنا تاتي الولايات المتحدة الامريكية لتلعب دور العراب في ايجاد حلول تنقذ اسرائيل من الأوضاع الصعبة التي وصلت اليها قبل انفضاح ضعفها.
الولايات المتحدة الأمريكية دولة عظمى مسيطرة ولن يُسيطر عليها وستظل تحمي حلفائها كما وعدتهم ومن ظمنهم اسرائيل التي توعد دائما بالحماية والتفوق ومن هذه الزاوية يجب دراسة استراتيجية السياسة الأمريكية في المنطقة .
فيما يخص فلسطين، لا تغيير ياتي بحلول اممية ولا عربية فهذه اوهام سقطت امام التعنت الإسرائيلي والمعتقد اليهودي المسيحي المتشدد، والمقاومة على الارض هي التي ستفرز وضعا جديدا وقد يكون توافقيا بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بحكم توازن القوى على الارض وهذا هو المخرج الحقيقي والواقعي للازمة الفلسطينية .
باعتقادي عملية وقف اطلاق النار وتبادل الاسرى والمعتقلين سوف تستمر بالرغم من المناورات الاسرائيلية وتعقيد المشهد لاسباب تخص كبريا نتنياهو وجيشه امام الرأي العام العالمي والاسرائيلي على وجه الخصوص وتمسك الفلسطينيين بارضهم هو ترمومتر ماذا سيحصل مستقبلا . اعتقد بان اكمال تحقيق الصفقة اصبح امراً واقعا بالرغم من المنغصات لانها اصبحت مطلبا ضروريا لكلا الطرفين.
قضايا الشعوب لا تموت وما على الساسة إلا اتخاذ القرارات الصائبة في وقتها من اجل تجنب المزيد من اهدار الامكانيات والأرواح البشرية .
د.دحان النجار ميتشجان ٢٧ يناير ٢٠٢٥ م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى