بعد خطوة بيلوسي.. كيف ترد الصين عسكريا ودبلوماسيا؟

نيويورك – عين اليمن الحر – واشنطن الحرة
كما كان متوقعا، تفاقمت التوترات بين الولايات المتحدة وتايوان من جهة والصين من جهة أخرى على خلفية زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، التي وصلت الثلاثاء للجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبرها الصين جزءا من أراضيها.
وتوعدت الصين بشن “أعمال عسكرية محددة الهدف” ردا على زيارة بيلوسي المثيرة للجدل، والتي تعد أرفع مسؤولة أميركية منتخبة تزور تايوان منذ 25 عاما.
وأعلن مسؤولون في تايبيه أن أكثر من 20 طائرة عسكرية صينية دخلت منطقة تمييز الهوية لأغراض الدفاع الجوي لتايوان (أديز) الثلاثاء، في تصعيد خطير أثناء الزيارة.
وقبل ذلك عبرت مقاتلات صينية من طراز Su-35 مضيق تايوان، حسبما أفاد التلفزيون الرسمي الصيني، وهو أمر نفته وزارة الدفاع التايوانية التي أشارت إلى أن “لديها إدراك كامل للأنشطة العسكرية قرب تايوان وسنرسل قواتنا بالشكل المناسب ردا على تهديدات العدو”.
ويترقب العالم ما ستقوم به الصين من أعمال، سواء عسكرية أو دبلوماسية أو ربما اقتصادية، من أجل الرد على هذه الزيارة، وفقا لوكالة “بلومبرغ”.
وتقول الوكالة إنه مع ذلك ليس لدى بكين أو واشنطن مصلحة في إثارة صراع يمكن أن يتسبب في المزيد من الأضرار الاقتصادية في الداخل، لكنها مع ذلك وضعت سيناريوهات عدة يمكن أن تعمد لها الصين للاستجابة.
توغل أكبر بالطائرات الحربية
زادت الصين من وتيرة مهامها الجوية خلال الأشهر الأخيرة في منطقة تحديد الدفاع الجوي لتايوان، وبالتالي يمكنها إرسال إما سلسلة كبيرة أو غير عادية من الطلعات الجوية.
وتقع منطقة تحديد الدفاع الجوي خارج أراضي تايوان ومجالها الجوي، لكنها تستمر في تحديد الطائرات الأجنبية ومراقبتها لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
ووفقا لبلومبرغ فإن الرقم القياسي اليومي لعدد الطائرات الصينية التي دخلت منطقة تحديد الدفاع الجوي في وقت واحد هو 56 طائرة وكان ذلك في الرابع من أكتوبر الماضي بعد زيارة أجراها وفد من الكونغرس.
يمكن للصين أن تحافظ على هذا المستوى من العدوان لأيام أو أسابيع، مما يستنفد موارد سلاح الجو التايواني.
طلعات مباشرة
اقترحت صحيفة “غلوبال تايمز “التابعة للحزب الشيوعي أن تقوم الصين بطلعات عسكرية مباشرة فوق تايوان، لإجبار تايوان على اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستسقطها أم لا.
وكذلك يمكن للصين أن ترسل طلعات جوية في عمق تايوان أو عبر الخط المتوسط لمضيق تايوان، وهي منطقة عازلة أنشأتها الولايات المتحدة في عام 1954، لا تعترف بها بكين.
من شأن هذه الخطوة أن تضغط على الجيش التايواني، وتجعله مضطرا لإبقاء طائراته في الجو.
اختبار صاروخ
شهد صيف عام 1995 أحد أكثر ردود الصين استفزازا، عندما اختبرت بكين إطلاق صواريخ في البحر بالقرب من تايوان.
كانت هذه الخطوة جزءا من احتجاجات الصين ضد قرار الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، بالسماح لأول رئيس منتخب ديمقراطيا في تايوان بزيارة الولايات المتحدة.
أعلنت الصين مناطق حظر حول المناطق المستهدفة أثناء إطلاق الصواريخ، مما أدى إلى تعطيل الملاحة والحركة الجوية.
خطوات اقتصادية
تعد الصين الشريك التجاري الأكبر لتايوان، ويمكنها بذلك الاستفادة من هذه الميزة من خلال معاقبة المصدرين أو مقاطعة بعض السلع التايوانية أو تقييد التجارة الثنائية.
يوم الاثنين، حظرت الصين استيراد المواد الغذائية من أكثر من 100 مورد تايواني، وفقا لما ذكرته صحيفة يونايتد ديلي نيوز المحلية.
يمكن للصين أيضا تعطيل الشحن في مضيق تايوان، وهو طريق تجاري عالمي رئيسي.
وقال مسؤولون عسكريون صينيون في الأشهر الأخيرة مرارا وتكرارا لنظرائهم الأميركيين إن المضيق ليس مياها دولية.
ومع ذلك، فإن أي تحركات تعيق الشحن التجاري، لن تؤدي إلا إلى الإضرار بالاقتصاد الصيني.
تحركات دبلوماسية
حذرت صحيفة غلوبال تايمز يوم الثلاثاء من أن إدارة بايدن ستواجه انتكاسة “خطيرة” في العلاقات الصينية الأميركية بسبب زيارة بيلوسي.
وقد يعني ذلك استدعاء السفير الصيني في الولايات المتحدة، الذي تولى منصبه العام الماضي.
في عام 1995، سحبت بكين سفيرها من الولايات المتحدة بعد أن سمحت واشنطن للرئيس التايواني بزيارة الولايات المتحدة.
في العام الماضي، استدعت الصين سفيرها في ليتوانيا بعد أن سمحت لتايوان بفتح مكتب في عاصمتها باسمها بدلا من تايبي الصينية، وهو مصطلح تعتبره بكين أكثر حيادية.
احتلال إحدى الجزر
لدى بكين خيارات عسكرية بخلاف شن غزو محفوف بالمخاطر عبر مضيق تايوان البالغ طوله 130 كيلومترا، ومنها مثلا الاستيلاء على واحدة من الجزر الصغيرة النائية التي تسيطر عليها القوات التايوانية، على الرغم من أن هذا النوع من الاستفزاز غير مرجح للغاية.
احتلت الصين في عام 2012 منطقة شعاب مرجانية صغيرة في نزاع إقليمي مع الفلبين في بحر الصين الجنوبي.
ستنظر الولايات المتحدة إلى أي استيلاء من هذا القبيل على الأراضي التايوانية على أنه تصعيد كبير يمكن أن يختبر حدود التزام بايدن العسكري بديمقراطية تايوان.
ومع ذلك، فإن مثل هذا الإجراء يحمل أيضا مخاطر دبلوماسية بالنسبة لبكين، لأنه قد يدفع الولايات المتحدة لفرض مزيد من العقوبات على الصين، وكذلك قد يؤدي لإزعاج الدول المجاورة في آسيا، والتي لدى العديد منها أيضا نزاعات إقليمية مع بكين.