الصين “تتجاوز الخطوط الحمراء” في المنطقة.. وخيارات واشنطن للرد

 

نيويورك – رشادالخضر  – عين اليمن الحر – الحرة واشنطن

تكشف تقارير عن نشاط محموم للصين في دول الخليج، كان آخرها التقارير عن مساعدتها للسعودية في صناعة صواريخ باليسيتية، وقبل ذلك ما كانت تقوم به من بناء منشأة عسكرية في ميناء بالإمارات.

وتظهر التقارير أن الصين تبحث عن موطئ قدم لها في الخليج، وهو ما يعكس حقيقة التنافس والتحديات التي تواجهها الإدارة الأميركية من الصين على مستوى العالم، وفق تحليل سابق لصحيفة وول ستريت جورنال.

وبحسب تقرير نشرته شبكة “سي أن أن”، يوم الخميس، كشفت صور أقمار اصطناعية وتقييمات استخبارية أميركية أن السعودية “بنت منشآت لتصنيع الصواريخ الباليستية بمساعدة الصين”.

وقالت الشبكة في تقرير مطول إن “وكالات الاستخبارات الأميركية قيمت أن السعودية تعمل الآن بنشاط على تصنيع صواريخها الباليستية بمساعدة الصين”.

ونقلت الشبكة عن ثلاثة مصادر مطلعة على أحدث المعلومات الاستخباراتية القول إن “من المعروف أن السعودية كانت تشتري صواريخ باليستية من الصين في الماضي، لكنها لم تكن قادرة على تصنيعها حتى الآن”.

وخلال الأسابيع الماضية أوقفت السلطات الإماراتية العمل بمنشأة صينية، بعد ضغط من الولايات المتحدة، بعد معلومات أن بكين كانت تريد استخدام هذه المنشأة لأغراض عسكرية، وفق تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

وقال المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش في تصريحات، إن “الإمارات أمرت بوقف العمل في هذه المنشأة بطلب من الولايات المتحدة”، مشيرا إلى أن أبوظبي “لا تعتقد أن المنشأة كانت مخصصة للاستخدامات العسكرية أو الأمنية”.

كل هذه الأنشطة تجعل خطط الصين للتوسع في المنطقة واضحة، وتضع واشنطن أمام وجوب التحرك لمواجهتها.

علاقات متوازنة مع جميع القوى
المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، قال في حديث لموقع “الحرة” إن “توقيت كشف معلومات عن تنامي العلاقات العسكرية بين الصين والسعودية والإمارات، قد يعني محاولة صرف الانتباه عن الملف النووي الإيراني وما تسعى له واشنطن من العودة للاتفاق النووي”.

ويؤكد أن “السعودية دولة ذات سيادة يمكنها إقامة علاقات متينة ومتوازنة مع جميع القوى المختلفة”.

وأشار آل عاتي إلى أنه في الوقت الذي تعرب الولايات المتحدة عن رغبتها “في التخلي أو الرحيل من المنطقة العربية، تستطيع السعودية إقامة علاقات مع الجميع مع الحفاظ على سيادتها، وأنها تستطيع التسلح من أي مكان”.

وأوضح أن السعودية تسعى إلى الحفاظ على منطقة الشرق الأوسط خالية من “أسلحة الدمار الشامل”، وأن المملكة “تؤمن بأن السلام هو القوة التي يجب أن تسود في المنطقة، ولكن لا يمكن الحديث عن سلام من دون الحديث عن قوة رادعة.”

وأضاف أن “الصين تعمل من أجل مصالحها الاقتصادية، ومن غير المستغرب أن يكون بينها وبين المملكة السعودية اتفاقات أمنية”، مؤكدا “تمسك السعودية بعلاقاتها المميزة والمتوازنة مع الولايات المتحدة”.

تغير في شكل العلاقة
المحلل السياسي، عامر السبايلة، قال لموقع “الحرة” إن “الصين دخلت إلى الشرق الأوسط عبر البوابات الاقتصادية، وهي تسعى لملء الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة في المنطقة، خاصة في المجالات العسكرية”.

وأضاف أن الصين تغري دول المنطقة بعمل شراكات “تطوير تكنولوجي”.

ويرى السبايلة أن ما تقوم به الصين “يتخطى الخطوط الحمراء لواشنطن”، ويوضح أن “الولايات المتحدة إذا ما أرادت الحفاظ على مكانتها عليها توجيه رسائل واضحة إلى حلفائها في المنطقة، مبنية على استراتيجية لاحتواء التهديد الصيني”.

ويشير السبايلة إلى أن “الاعتقاد بانسحاب الولايات المتحدة من المنطقة لا يمكن أن يتم بالصورة أو الطريقة التي ستعني ترك فراغ سريعا، ولكن ما سيجري تغييرا على طبيعة العلاقة وشكلها”.

أهداف جيوسياسية
المحلل السياسي، علي رجب يؤكد بدوره أن “التعاون العسكري الصيني السعودي موجود منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي، حيث أجرى الأمير بندر بن سلطان حينها زيارة للصين تم خلالها عقد صفقة سرية لتزويد المملكة بصواريخ باليستية لمواجهة خطرِ الصواريخ الروسية والكورية الشمالية خلال الحرب العراقية الإيرانية”.

وأضاف في رد على استفسارات “الحرة” أننا “نشهد حاليا توسعا في التعاون بتطوير الصين لبرنامج الصواريخ الباليستية السعودي، والذي يتزايد في ظل تخلي واشنطن عن حلفائها في المنطقة؛ واستثمار موسكو وبكين لهذا الفراغ في تصدير السلاح الروسي والصيني إلى دول المنطقة وخاصة السعودية التي تعد أكبر مشتر للسلاح في العالم”.

ويرى رجب أنه “سيكون لدى السعودية الرغبة في الاستفادة من تكنولوجيا العسكرية وصناعة الطائرات من دون طيار؛ وكذلك أنظمة دفاع لمواجهة اختراق وتهديد الجماعات المسلحة جماعة الحوثي في اليمن والميليشيات في العراق، وسيكون البرنامج الأكثر حضورا هو ذلك المتعلق بمواجهة هجمات الطائرات المسيرة”.

وأكد أن “الصين تريد التوسع بنفوذها الاقتصادي، والمنطقة غنية بمواد الطاقة التي تحتاجها بكين لاستمرار اقتصادها، ناهيك عما تؤمنه من مسارات هامة ودعم لطريق الحرير الصيني”.

ويشير رجب إلى أنه لا يمكن النظر إلى الأحداث الأخيرة بمعزل عن توقيع معاهدة مع إيران لـ 25 عاما، وهو ما يؤكد الأهداف الجيوسياسية للصين التي تأمل في عقد اتفاقات مع دول الخليج لتعظم قدراتها الاقتصاية والسياسية والعسكرية.

انسحاب واشنطن من المنطقة “يترك فارغا كبيرا يغري أي دولة لأن تسعى لملء هذا الفراغ، ليس من قبل الصين فقط، حيث توجد روسيا وقد ينضم إليهم بعض دول الاتحاد الأوروبي” وفق رجب.

وأضاف أن “خيارات واشنطن في مواجهة هذا التوسع الصيني، ظهر في أكثر من موقف وتصريح خلال الفترة الماضية من خلال التلويح بعقوبات اقتصادية أو تحريك ملفات حقوق الإنسان والحريات”.

لاعب مركزي مهدد للنفوذ الأميركي
المحلل السياسي، أنيس عكروتي قال في رده على استفسارات “الحرة” إننا “نشهد منذ سنوات قليلة تناميا للحضور الصيني في المنطقة العربية، وبما يجعل منها لاعبا مركزيا يهدد النفوذ الأميركي التقليدي”.

وأضاف أن “الصين كقوة اقتصادية تجارية تسعى عبر مشروع الحزام والطريق إلى السيطرة على موانئ البحر المتوسط”.

وأشار عكروتي أنه “الولايات المتحدة الأميركية كانت قد أبدت مخاوفها من شراكة عربية صينية متطورة، والتي تمثلت بقيام الصين ببناء منشأة عسكرية سرية قرب ميناء أبوظبي”.

ويوضح أن هذا التعاون العسكري سبقه تطور كبير في حجم المبادلات التجارية منها النفطية وغير النفطية خاصة على مستوى الاتصالات والذكاء الصناعي.

ويؤكد أن “الصين تسعى لتحويل رصيدها التجاري إلى نفوذ سياسي يجعل منها منافسا حقيقيا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهو ما نراه واضحا من تصاعد نفوذها بشكل أكبر منذ الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وهو ما جعل الطريق معبدا أمام الصين لكسب مزيد من النقاط في مواجهة خصمها الرئيسي”.

ويرى عكروتي أن “من أبرز الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة للتصدي للامتداد الصيني، هي محاولة نقل الصراع إلى دول الجوار الصيني، وبذلك التضييق عليها في محيطها القريب”.

وأشار إلى أن وثيقة التوجه للأمن القومي الأميركي، والتي صدرت عن إدارة بايدن في شهر مارس الماضي، تنظر إلى الصين على أنها “المنافس الوحيد القادر على الجمع بين ما لديه من اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية، والقوة التكنولوجية لتشكيل تحد مستدام”، وهذا لا يعني أن العلاقة بين البلدين ستذهب نحو مواجهة عسكرية مباشرة، فمن مصلحة الطرفين التفاوض والمراوحة بين التصعيد والتهدئة.

الحرة / خاص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى