الدكتورة كاتي بومان والثقب الأسود
أسعدني جدا ما تداولته وسائل الإعلام عن نجاح العالمة كاتي بومان وفريقها، من تحقيق سبق علمي وإنجاز عظيم للبشرية عن طريق التقاط صورة أول صورة حقيقية للثقب الاسود الذي يبعد آلاف تريليونات من الكيلومترات عن كوكب الأرض.

أسعدني هذا الإنجاز العلمي وكان مصدر فخر لي أن أرى امرأة تنافس وتنتصر لجنس النواعم الذي أثبت جدارته في كل مجالات الحياة. أسعدني أن ارى انبهار العالم واعجابه بذكاء واجتهاد الشابة كاتي وثناء الجميع على عملها الحثيث لأكثر من ثلاث سنوات على تركيب اللوغاريتمات والوصول لهذه النتيجة التي ستضع بصمة نجاح وإبداع…
إلا أنني وفي خضم هذه المشاعر والانبهار بالدكتورة كاتي استحضرتني نظرة الحزن في عيون ياسمين الفتاة اليمنية الأمريكية التي تعرفت عليها في إحدى المناسبات الاجتماعية. حدثتني ياسمين انها أجبرت على الزواج في سن مبكرة بعد انتهاءها من مرحلة الثانوية العامة… بدت لي فتاة ذكية محبة للعلم والتعلم لم تغادر البسمة شفاهها عندما كانت تتحدث بفخر بأنها عند انتهاءها من دراسة الثانوية، تم قبولها للدراسة في اثنتين من كبرى الجامعات في اميركا.. إلا أن هذه البسمة اختفت مباشرة وحل بدلا عنها دموع حزن ظلت عيناها تكابد حتى تمنعها من النزول، عندما بدأت تشرح لي ان الشخص الذي كان قد كتب كتابه عليها ليصبح زوجها فيما بعد لم يأبه لفرحتها ولم يتوانى للحظة بأن يصدمها بدم بارد فيدمر أحلامها بإكمال دراستها وأخبرها بأنه غير موافق على مواصلتها دراستها وأنه “لا يهمه” أحلامها ولا نجاحها!!!
منذ ذلك اليوم وانا أشعر بالحزن على هذه الشابة التي اختارت عائلتها “ورضا زوجها” على نجاحها واحلامها كإنسانة كرمها الله عز وجل بأن خاطبها بشكل مساوٍ للرجل. يحزنني ان تغلب العادات والتقاليد المتخلفة على العقل والمنطق حيث أصبح مجتمعنا اليمني مع الأسف يمجد الجهل ويحتقر العلم ..ومع ذلك يحلم بأن تحل مشاكل اليمن السياسية والاقتصادية وتصبح دولة متقدمة ونحن ما زلنا متخلفين حتى في خضم الدول المتحضرة!؟!
لماذا ينظر للمرأة على انها عار وعبء على الرجل “مكلف” بدلا من أن ينظر لها على انها هي القوة وهي الداعم والسند؟!
لماذا يتم اختزال حياة المرأة في “ما سيقوله الناس علينا” بدل من ان نقول “ما هو الأصلح والأهم”؟!
لا ننكر أن هناك بعض الجهود تبذل من أجل دعم تعليم المرأة اليمنية وبالأخص في أمريكا إلا أنها ما زالت ضعيفة جدا ونحتاج الى تظافر الجهود من أجل نشر الوعي بأهمية تعليم المرأة ودعمها وتشجيعها على التقدم أكثر والنجاح.
هذا ليس شيء تعمله المرأة ك”هواية” كما يقال في مجتمعنا “بنتي هوايتها الدراسة”، بل هو واجب وحق إنساني وأخلاقي اذا ما أردنا لبلادنا التقدم والازدهار وأن يعم السلام فيها.
يجب ايضا إعادة النظر فيما يعتبر “حدود” احترام الزوج، فحرمان المرأة من التعليم يعتبر ظلم لا يجوز للزوج أن يمارسه على زوجته ..ولا ان ينتظر منها أن تحترم رغبته في هكذا أمر يمس حياتها ومستقبلها وعلى مدى أوسع يمس حياته هو ايضا.. فالمرأة المتعلمة كنز المنزل خاصة إذا حافظت على ثقافتها وهويتها والأمثلة لدينا كثيرة على نساء قطعن أشواطا عالية من أجل تحقيق احلامهن والقيام بدور فعال في المجتمع والحفاظ على أسرهن في نفس الوقت.
لا أدري من أين جاءت فكرة تمجيد وطاعة وعبادة الزوج فهذا غير موجود حتى في القرآن الكريم.. عدا عن آيات القوامة فهي عامة وليست مخصصة بل حتى على العكس تماما فقوامة الرجل مرتبطة “بما انفقوا” بمعنى أنه ليست هناك طاعة مطلقة لأحد غير رب العباد… (اجل حتى الوالدين لا يوجد نص يأمر بطاعة مطلقة لهم وبالأخص اذا أمروا بالظلم).
يجب أن تعامل المرأة باحترام وثقة وبشكل مساو لأخيها الرجل