أطفال اليمن ..واقع مؤلم ومستقبلٌ مظلم

تحقيق / شذى الصوفي . ..( خاص ) عين اليمن الحر ..

يعيش ملايين الأطفال اليمنيين أوضاعا أقل ماتوصف بالمأساوية كونهم الشريحة الأكثر تضررا من هذه الحرب العبثية التي شارفت على عامها السابع ولا بوادر تلوح في الآفق لقرب انتهاءها وتسببت بكارثة إنسانية تهدد حياة ومستقبل ملايين الأطفال من اليمنيين بعد أن وجدوا أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما أما الموت برصاص وقذائف وصواريخ المتقاتلين أو التخلي عن طفولتهم ومدارسهم ومنازلهم وخوض معركة الحياة القاسية بكل بشاعتها من أجل البقاء ..كل هذا فيما المنظمات الدولية والمعنية بحماية الأطفال من كافة اشكال الانتهاكات وتحسين أوضاعهم والدفاع عن حقوقهم بما فيها حقهم في التعلم تكتفي برفع التقارير والاحصاءات لعدد القتلى والمعاقين والنازحين والمشردين واليتامى ومن تركوا مقاعد الدراسة والتحقوا بالعمل في سن مبكر من الأطفال اليمنيين الذين التهمت سنوات الحرب حاضرهم ومستقبلهم كل ذلك يجري على مرأى ومسمع من دعاة الإنسانية والمنادين بحقوق الطفل وهذه بعض مأسي الأطفال التي تمشي على قدمين .

أطفال يعملون في تنظيف السيارت

أطفال اليمن مأسي تمشي على قدمين

* نور بائعة (اللبان ) يعمل سعيد البالغ من العمر 9 سنوات في تنظيف ومسح زجاج السيارات في جولة الرويشان بصنعاء بينما تعمل ( نور ) البالغة من العمر 10 سنوات في بيع منادين الفاين و اللبان ( العلكة) أما بشرى فهي أصغر بعامين من أبنة عمها نور فهي تقوم بتنظيف زجاج السيارات ..عمل هو أقرب إلى التسول في محاولة لكسب لقمة عيشهم من أجل البقاء على قيد الحياة بعد أن أجبروا تحت وطئت الحرب على النزوح من الحديدة صوب صنعاء مثل مئات الأطفال غيرهم بعيدا عن بيوتهم ومدارسهم وحياتهم التي حرموا منها ..تقول ( نور) أنها كانت تحب المدرسة وتحلم أن تصبح طبيبة تداوي الأطفال الصغار والفقراء في قريتها بمديرية الدريهمي وهي أحد مناطق المواجهات العسكرية في الحديدة ..لكنها اليوم تحلم فقط بالحصول على المال الكافي لشراء أكل وشرب لها ولأمها واختها الصغيرة وابوها الذي فقد قدميه في انفجار لغم واقبح عاجزا من أن يعول نفسه ناهيك عن أعالة أسرته الصغيرة… وحتى تستطيع توفير ايجار الغرفة التي تسكنها مع اسرتها ..تقول نور أنها ليست شحاتة وهي تعطي اللبان والمناديل مقابل ما تحصل عليه من مال وتشكي قلة ما تحصل عليه وأن الناس لم يعودوا يقدموا لها العون كما كانوا من قبل ولهذا اضطرت والدتها للعمل في احد منازل الميسورين وتقول أنها تعمل من الساعة الثامنة صباحا وحتى السادسة مساءا ..وما يثير مخاوفها ومخاوف أمها كما تقول أن تبدأ انوثتها بالظهور وهي تعمل في الشارع وحينها تصبح عرضة للتحرش وربما الخطف والاغتصاب أو القتل كما حصل مع قريبتها في عدن .

* سعيد منظف السيارات

حاولنا الحديث مع الطفل ( سعيد ) والذي ليس له من أسمه نصيب ولم يعد يعرف معنى السعادة منذ أن تحمل مسؤولية العمل واعالة نفسه واسرته ..لكنه رفض الا اذا اعطيناه (500 ريال ) لأنه كما قال سنقوم ببيع صورته وقصته للمنظمات وسنحصل على فلوس كثير ..استجبنا لطلبه ..فقال أنه من مدينة التحتيتا وهي أيضا من مناطق محافظة الحديدة ..وهرب مع امه واخته واخاه إلى صنعاء بعد مقتل والده واحراق بيتهم ..ويضيف بكل براءة مروان وعلي وفاطمة كلهم ماتوا ونحن هربنا صنعاء وهملنا القرية والاغنام والحمار والبقرة حقنا ..يقول سعيد اشتي ادرس واتعلم بالقرية درست صف أول ..أنا الأن اشتغل انظف أمسح زجاج السيارات ..صاحب الدكان اللي نسكن داخله قال أما ندفع له الايجار أو يطردنا خارج وصنعاء برد كيف نرقد بالشارع ..

طفل ينام في الشارع

* النوم على الرصيف .

وعلى رصيف التشرد والضياع في احد شوارع العاصمة صنعاء التي اصبحت قبلة لألاف النازحين من مختلف المحافظات ..كان أحد الأطفال الذي لايتجاوز من العمر 10 سنوات يغط في نوم عميق غير مكترث بضجيج السيارات وأقدام المارة من حوله ربما منحته حرارة الشمس الدفء لينام و زحمة النهار تشعره بالأمان لأنه لا يستطيع النوم في ساعات الليل الباردة وخلو الشارع يشعره بكثير من الخوف ..فهذا الرصيف هو منزله الذي يأوي اليه يفترش الكراتين ويلتحف قطعة ممزقة من بطانية ..لا نعرف ما هي قصته ولم نحاول أن نعرف واكتفينا بالتقاط صورة له تحكي كل تفاصيل حياته ومأساته الموجعة التي يعيشها بعد أن سلبته الحرب كل حقوقه المشروعة بما فيها حقه في الحياة والنوم بأمان مع أسرته بين أربعة جدران .

مأسي الأطفال في اليمن

* الطفل جامع علب البلاستيك.

وهناك غيربعيد مأساة أخرى ..طفل لا يتجاوز عمره 8 سنوات ينبش برميل قمامة فما الذي يبحث عنه ؟ اقتربنا منه وسألناه عما يفعل داخل برميل القمامة المتعفن والممتلئ بالأوساخ اجاب بكل براءة أنه يشتغل ..واستمر في نبش البرميل حينها فقط عرفنا ماذا يعمل أنه يبحث عن العلب البلاستيك الفارغة يجمعها ثم يقوم ببيعها ..ملابسه المتسخة وقدميه الحافيتين وجسمه النحيف يعكس معاناته وجاجته لتوفير كسرة خبز يابسة تسد جوعه .. عرفنا أن أسمه ( ريان) اتيم الأب نازح من مدينة تعز ..وهو يعمل في جمع علب البلاستيك مع اخوه الأكبر ثم يقومون ببيعها ..عمل شاق ومستمر يبدأ كل يوم مع ساعات الصباح الأولى وينته مع غروب الشمس ورغم كل هذا الوقت فما يجمعه بالكاد تصل قيمته إلى 500 ريال في احسن الأيام وهو مبلغ ضئيل في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة ..يقول ريان أنه كان يدرس بمدرسة خاصة في الصف الأول قبل أن يموت والده ويسرق المسلحين البقالة حقهم ..نزح مع أمه واخوه إلى صنعاء ويسكن في دكان صغير ..كل أحلامه أن بعود إلى تعز وإلى المدرسة والحارة التي ولد فيها وتعود له طفولته التي حرم منها ..فهل سيتحقق له هذا الحلم العزيز فيل أن يهرم ويتخطى ما تبق من سنوات عمره وهو يلهث خلف جمع علب البلاستيك من أجل أن بستطيع البقاء على قيد الحياة ؟

طفل يجمع علب البلاستيك ليعول اسرته

* استاذنا الطيب وبائعة الأقلام

كانت الساعة تشير إلى 7 صباحا حينما وجدها في الشارع القريب من منزله في مدينة حده ..تبلغ من العمر 10 سنوات سألها ماذا تفعل في هذا ومن أين جاءت في هذا الوقت المبكر.. ردت عليه أنها تبيع أقلام …اعطاها مبلغ من المال بدون أخذ أقلام ..رفضت واصرت على اعطاءه 2 أقلام ..إثر تصرفها دهشته كما قال ..اعاد عليها السؤال من اين جاءت ولماذا لا تذهب إلى المدرسة للتعلم ؟ ردت عليه أنها من منطقة شملان وهي مظطرة للعمل لتصرف على أمها واخوها الرضيع لأن أبوها كان لديه بسطة لكنه قتل بغارة للطيران …تقول بائعة الأقلام أنها تركت المدرسة للعمل كما أنها لا تملك قيمة الزي المدرسي ولا مصاريف المدرسة..كما لا يوجد مع أمها قيمة غاز للطبخ ولا ايجار البيت ..أثر كلامها على قلب هذا الإنسان الرحيم عطف عليها واعطاءها قيمة الغاز ومبلغ الإيجار للمنزل ..بكت بكل ما تملك من الدموع فرحا بما حصلت عليه من المال الذي سيبقيها وأمها شهر أخر دون خوف من المؤجر الذي يهدد بطردها وأمها ومن ناحية أخرى كانت دموعها دليل صدقها وشكرها لهذا الإنسان الذي عطف عليها وأن هناك من لازال يحمل في قلبه الرحمة ويشفق على أمثالها من الذين فقدوا عائلهم واصبحوا ايتام مشردين يستجدون لقمة عيش يابس تشبع بطونهم الجائعة وملابس بالية تستر اجسادهم المنهكة .

* وهنا نسجل بعض تصريحات المنظمات الدولية والاحصاءات التي أوردتها حول الأطفال اليمنيين وأوضاعهم المعيشية .

* منظمة الصحة العالمية … تسعة ملايين طفل يمني مهددون بفقدان إمكانية الوصول لخدمات الصحية الأساسية . * منظمة العمل الدولية .. عدد الأطفال العاملين في اليمن يفوق 400 الف طفل عامل ينتمون للفئة العمرية ( 10 _ 14سنة ) نسبة الذكور منهم 55,8% ونسبة الإناث 44,2% …وأن هناك 1,4 مليون طفل يعملون في اليمن محرومين من أبسط حقوقهم

* منظمة اليونيسيف .. لقد تسبب النزاع وتأخر عجلة التنمية والفقر في حرمان ملايين الأطفال في اليمن من حقهم في التعليم . * أكثر من 2500 مدرسة أصبحت خارج الخدمة ..66 % تضررت نتيجة حرب و27 % اغلقت و 7% تستخدم لأغراض عسكرية * الكوادر التعليمية في 75 % من المدارس الحكومية لم يتلقوا رواتبهم من أكثر من 4 سنوات .

* منظمة اليونسكو ..الوضع المزري في اليمن أدى إلى خروج أكثر من 2 مليون طفل من المدرسة وأن 5,8 مليون كانوا مسجلين في المدارس اصبحوا عرضة لخطر التسرب وهذا يعرضهم لخطر كبير مثل عمالة الأطفال والتسول والتجنيد في الجماعات والقوات المسلحة وزواج القاصرات والاتجار بالبشر والوقوع في قبضة الجماعات الإرهابية

* الأمم المتحدة ..إن نحو 2,7 مليون يمني قد نزحوا في الداخل بسبب الصراع نصفهم من الأطفال ..وإن 5,2 طفل يمني يواجهون خطر المجاعة . * نسبة عمالة الأطفال ارتفعت من 10 % قبل الحرب إلى 70% ..أي أن هناك 5 ملايين طفل ينشطون في سوق العمل … أرقام مخيفة وأحصاءات مفجعة ولكن لا حول منتظرة وسيبقى الحاضر مرعب والمستقبل أكثر رعبا ما دام المجتمع الدولي يجيد النفاق ويمتهن الكذب على الشعوب ويتاجر بمأسيها.Aa

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى