الحرب الروسية الاوكرانية-شبه توازن في الهجوم والردع ولو الى حين!

أ د / دحان النجار

الحرب الروسية الاوكرانية في عامها الثالث ولم يهزم أحد طرفيها ويخرج منها مستسلما كما ارادت روسيا منذ البداية لأوكرانيا ان تستسلم متنازلة عن بعض أراضيها وكذلك تجريدها من السلاح وتصبح دولة محايده و الناتو واوكرانيا منذ البداية اعلنوا بان هدفهم الرئيسي هو ردع روسيا واستعادة الاراضي الاوكرانية التي احتلتها وفرض التعويضات المجزية عليها وضم أوكرانيا إلى الاتحاد الاوروبي والناتو.

في بداية الحرب حققة روسيا تقدمات سريعه حتى وصلت مشارف العاصمة كييف لكنها صُدة وعادة وانسحبت إلى الشرق الاوكراني الذي خسرت فيه مساحات شاسعه لصالح الجيش الاوكراني ايضا كانت قد استولت عليها وانسحبت من البعض منها كما حصل في خيرسون.
الناتو كان يؤكد بانه لن يتدخل في الحرب مباشره ولن يمد أوكرانيا باسلحة هجومية تطال الأراضي الروسية وروسيا كانت تهدد بالنووي إن حصل اعتداء على أراضيها والحقيقة ان لا روسيا نفذت تهديداتها بعد ان ثبت امداد الناتو لأوكرانيا باسلحة هجومية منها المسيرات من طائرات الى زوارق بحريه ودبابات حديثه مثل ليوبارد الألمانية وابرامز الامريكية وتشالينجر البريطانية وكذلك صواريخ هيمارت الامريكية وشادوا البريطانية ومدافع القيصر الفرنسية ولا الناتو توقف عن امداد أوكرانيا بأجيال حديثة من الأسلحة الهجومية.
وفيما يخص سلاح الطيران كان الناتو يكتفي بشراء طائرات ميج ٢٩ الروسية الصنع ومد القوات الجوية بها وتجنب ان يشرك قواته الجويه الاستراتيجية في هذه الحرب.
لاحقا تجاهل الناتو تحذيرات روسيا واعلن رغبته تقديم طائرات هجومية حديثه مثل إف ١٦ وتم تدريب الطيارين الاوكران عليها وتم تزويد الجيش الاوكراني بصواريخ شادو بعيدة المدى التي تصل إلى العمق الروسي وفعلا وصلت وكان من اهم نتائجها هو تدمير محطة انذار مبكر استراتيجية في روسيا تُعد احد اهم سبع محطات مشابهه في البلاد وهو ما يعني تجاوز الكثير من الخطوط الحمراء التي رسمتها روسيا للغرب وكان يتحفظ عليها ذاتيا.
المانيا وغيرها من دول الناتو قدمت العديد من منظومات الدفاع الجوي المتطوره واليوم احد اعضاء الناتو الجدد وهي دولة السويد تعلن عن رغبتها في تقديم منظومة التجسس الجويه الاكثر فاعليه في العالم إلى أوكرانيا وهي منظومة ( الأواكس الامريكية) والتي سوف تشكل خطر على روسيا لانه بالامكان تشغيلها من اجواء الدول المجاوره لروسيا او القريبه نسبيا إلىها من دول حلف الناتو اوالتحليق في الاجواء الاوكرانية ،ومن يدري هل سيتوقف الامر هنا ام انه سيتم تجاوز ما تبقى من الخطوط الحمر وتحليقها في الاجواء الاوكرانية ؟
فرنسا على لسان رئيسها ماكرون تصرح بكل وضوح بانها سوف ترسل قواتها إلى أوكرانيا وربما كان هذا التصريح بالون اختبار لرد الفعل الروسي وفرنسا متضرره من روسيا اكثر من غيرها بسبب خسرانها لمواقع استراتيجية في شمال افريقيا بمساعدة روسيا للانقلابيين هناك ولابد من الانتقام.
التصنيع الحربي الاوكراني بمساعدة الناتو اصبح امر واقع مهما تابعته الضربات الروسية من اجل تدميره وسوف نشهد له حضور اقوى في الايام القادمة ومن أمثلته صنع المسيرات التي اصبحت سلاح فعال في المعارك الحديثة وفي استهداف عمق الخصم.
الصين حليفة روسيا تتعرض لضغوط كبيره من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تطالبها بتخفيف دعمها الاقتصادي والعسكري لروسيا وإلا تعرضت لعقوبات وهذا تبين بوضوح اثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن مؤخرا إلى بكين وبالتأكيد ان الصين لن تجازف مع انها ستبقى الحليف الأقرب إلى روسيا لكن الدول الكبرى تضع حدود لمصالحها المتبادلة وتتفاهم مع بعضها حولها دون التضحية بها بشكل كلي.
روسيا على ارض المعارك في أوكرانيا تحقق تقدمات طفيفه في الهجوم تمثل بالسيطرة على بعض البلدات الصغيره لكنه اقل من المتوقع في ظل فارق القوة بين الطرفين. تقدم طفيف كهذا يعني بان زمن الحرب سيطول وسيكون الثمن باهض متمثل بالاستنزاف الاقتصادي والعسكري والبشري وبالتأكيد ان دعم الناتو لأوكرانيا سوف يتصاعد وروسيا على علم بذلك وكان اخرها تصريح الرئيس بوتين بان الخبراء من الناتو هم من يشغل الاسلحة الحديثة في أوكرانيا وانهم سيكونون هدف مشروع وهنا نجد نوع من التراجع عن استخدام اسلحة غير تقليدية إذا تدخل الناتو مباشره. اكيد ان روسيا تشعر بالثقة اكثر من الماضي في قدرتها على تدمير الأسلحة الحديثة الغربية وان لديها من الأسلحة التقليدية الفتاكة ما يكفي لمواجهة وتدمير تلك الأسلحة لكن طول المعركة ليس بصالحها ان لم يتم حسمها على الاقل مع نهاية الصيف الحالي بتحقيق نصر فعلي على أوكرانيا والناتو.
تغيير موازين القوى في اي معركة وفي اي حرب قد يحصل بشكل مفاجىء واهمها انهيار احدى القوتين معنويا ومن المرجح ان تكون القوات الاوكرانية هي المرشحة الاكثر لذلك ولكن هناك عوامل اخرى تؤثر في سير الحرب وهي التغييرات الداخلية التي يُحتمل ان تحصل في روسيا او في أوكرانيا .
الناتو لن يهدي نصرا سهلا لروسيا في أوكرانيا وروسيا لن تتراجع وتنكمش وتعرض امنها الداخلي للخطر وهنا تكون حرب الاستنزاف قد اصبحت مصير لا مفر منه للبلدين ومع حروب الاستنزاف تنهار دول واقتصاديات وجيوش.
د.دحان النجار ميشجان ٣١ مايو ٢٠٢٤م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى